تعرف على تفاصيل مشروع "زوار جرش" بعسير.. يعود للقرن الأول الميلادي

تعرف على تفاصيل مشروع "زوار جرش" بعسير.. يعود للقرن الأول الميلادي

وصلت نسبة الإنجاز في مشروع مركز الزوار وتسوير موقع جُرش الأثري إلى نحو 60%، فيما يجري تطوير الواجهة الشمالية لتكون مدخلاً مباشراً للموقع من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير، بالشراكة مع أمانة المنطقة، ممثلةً في بلدية محافظة أحد رفيدة.

وجاء إنشاء مركز الزوار بالموقع من قبل رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان؛ نظراً لأهمية الموقع، وما كشف عنه من معالم ذات جذب سياحي، بحيث تعرض فيه المكتشفات الأثرية والصور والخرائط والرسومات والأفلام المرئية والمعلومات الدقيقة عن حضارة جُرَش وتاريخها، ليتمكن الزائر من الاطلاع على مكونات الموقع وعلاقتها، ويصبح مهيئاً بعد ذلك للزيارة الميدانية للموقع.

وتنطلق من هذا المركز الزيارات الخاصة التي تجوب المواقع التي تم الكشف عنها وتأهيلها، وذلك بعد أعمال التنقيب فيه لثمانية مواسم، منها موسمان عام ١٤٢٩-١٤٣٠هـ تمثلت في فريق سعودي أمريكي مشترك، واستكمل الفريق السعودي التنقيب بالموقع عام ١٤٣١هـ وحتى الآن، وخرج بنتائج مبهرة.

القرن الأول الميلادي

اكتشفت أجزاء كبيرة من حصن جرش الأثري ذي الجدران ذات الصخور المشذبة والكبيرة الحجم، والتي تتشابه مع موقع الأخدود بنجران في ضخامة جدرانه وأسلوب بنائه، والذي يعود لفترة ما قبل الإسلام، وجد على إحدى صخوره رسم منفذ بالحفر البارز لأسد ينقضّ على ثور، وكتب تحته بالخط المسند عبارة "ثورن نعمن وأسدن ملقا"، والتاريخ المحتمل لهذا النقش هو القرن الأول الميلادي.

وللموقع دلالاته الحضارية؛ لأن هذا الرسم يرمز إلى النماء والقوة، وهو يمثل رمز مدينة جرش في تلك الفترة، ومن حيث دلالاته اللغوية فلم تظهر لفظة أسد في أي من النقوش، ولكن ورد لأول مرة في نقوش المسند في هذا النقش، حيث يرد في غيره من النقوش بمسمى لبوء، وحيث كان لمدينة جُرش الدور الحضاري الكبير في خدمة التجارة؛ لوقوعها على الطرق التجارية الرئيسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، ويعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام، إذ تذكر المصادر أن العواسج من أشراف حمير قد سكنوها، واشتهرت جرش بحرفة صناعة الآدم (دباغة الجلود).

موقع مميز

تقع مدينة جُرش الأثرية بين موقع جبل حمومة الأثري وجبل شكر بمحافظة أحد رفيدة على بعد ١٥ كيلومتراً جنوبي محافظة خميس مشيط، تفصل محافظة خميس مشيط ومركز الشعف بينها وبين مدينة أبها، وتحدها محافظة خميس مشيط من الشمال، ومن الغرب والجنوب الشعف، ومن الجنوب الشرقي محافظة سراة عبيدة وكذلك من الشرق.

ويتصف الموقع بأنه مستطيل الشكل بمساحة نحو (٣٠٦ × ٤٣٠م)، وتمتد على طول الموقع من الجنوب إلى الشمال تلال أثرية، تتركز كثافتها في المنتصف، وفي الجهة الشرقية توجد بالموقع جدران ذات صخور مشذبة وكبيرة الحجم، يصل طولها إلى ٨٠ سم وعرضها إلى ٦٠ سم، وتشابه ضخامة الجدران بالموقع وأسلوب بنائها لما هو موجود في موقع الأخدود بمنطقة نجران.

استيطان ما قبل الميلاد

ويلاحظ انتشار الكسر الفخارية على سطح الموقع، وبخاصة قرب التلال الأثرية، حيث تشير الدلائل إلى أن الموقع قد استوطن خلال فترة ما قبل الميلاد، وازدهر الاستيطان فيه خلال القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، واستمرّ الاستيطان خلال الفترات اللاحقة في وسط الموقع، وقد ظهرت دلائل الاستيطان خلال الفترة العباسية في شمال ووسط الموقع.

وفي جنوب الموقع، تشير الدلائل إلى الاستيطان خلال الفترة الإسلامية الوسيطة والمتأخرة، فيما كشف عن أساسات لمسجدين من طوب الآجر (مسجد كبير مبني فوق مسجد أسفل منه) بنيا فوق أساسات حصن جرش، ويعود المسجدان لفترة إسلامية مبكرة.

وعُثر على العديد من اللقى الأثرية المتنوعة في مادتها مثل الأواني الفخارية التي تنتمي إلى فترات تاريخية مختلفة قبل الإسلام وبعده، وتبين في الطبقات السفلى من الموقع أجزاء من أوانٍ فخارية على أشكال مختلفة، تمثل جِراراً وطاسات وأكواباً متوسطة الحجم، صنعت جميعها من عجينة لونها أحمر إلى أحمر فاتح أو بني، مسامية صلبة، ويظهر على بعضها طلاء بالمغرة الحمراء، وجاءت الزخارف إما مصبعة أو حزوز أو منقطة أو خطوط متموجة، كما يوجد زخارف هندسية تمثل مثلثات أو دوائر وبعضها على هيئة شبكية.

الصناعة والزخرفة

أما الصناعة، فقد تمّت بواسطة عجلة الفخراني (الدولاب)، وتشابه ما عُثر عليه في موقع الأخدود بنجران من حيث لون العجينة والزخرفة، وعُثر على فخار الفترة الإسلامية في الأجزاء الشمالية الشرقية والوسطى من الموقع تمثلت في الفخار الخشن، حيث يمثل هذا النوع عدداً من القدور الخاصة بالطبخ وطاسات الشرب، صُنعت جميعها من عجينة لونها رمادي إلى بني غامق، يخالطها كسر من الحجر الرملي والكسر الصغيرة، وهي مسامية متوسطة الصلابة على بعضها طلاء بالمغرة الحمراء.

وكانت الزخارف قليلة تمثل أنصاف دوائر وخطوط متقاطعة ومتموجة، وغالباً ما تكون في الأجزاء العلوية من الإناء، أما الحرق فمتوسط وصناعتها دولابية، إلى جانب الفخار المزجج، حيث عُثر على أنواع مختلفة من الأواني المزججة باللون الأزرق التركوازي أو الأبيض، صُنعت من عجينة لونها برتقالي فاتح أو أصفر يخالطها أجزاء بسيطة من الحجر الرملي والقش، وهي صلبة وجاءت الزخرفة على أسطحها الداخلية والخارجية على هيئة شبكية أو أشكال حيوانية كالأسماك أو نباتية نُفّذ بعضها على أواني الخزف ذي البريق المعدني.

أصل التسمية

ذكرت معاجم اللغة أن كلمة (جُرش) تشير إلى جرش الشيء بدقّه فلا ينعم الدق، وبالتالي يسمى جريشاً، ويقال: جرش الملح والحب جرشاً، أي لم ينعم طحنه ودقّه، وبهذا القول نرى أن زيداً أو منبه بن أسلم، جرش الشعير على لحم ثوره في منطقة جرش، ولهذا السبب سميت المنطقة بهذا الاسم، وربما كانت هذه الرواية أقرب إلى الصحة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org