تعليم بلا مدرسة

تعليم بلا مدرسة

لا شك أن الطفل يولد ولا يعلم شيئاً. قال تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ووصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاله: ".. فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه..".

فالطالب اليوم محور العملية التربوية والتعليمية؛ فهو يبحث عن المعلومة، ويتمكن منها، بعد أن كان المعلم سابقاً محورها، وصاحب المعلومة ومالكها، وصاحب القدوة ومتمثلها، حتى تراجع دوره بمنافسة الزمن الجديد بثقافته وتعليمه ومخترعاته ونمط العيش فيه.

وللأسف، اليوم إن كل جنوح في الفكر والسلوك يرمى به التعليم ابتداءً، ويغفل كثيرون أن مؤسسات التعليم للشاب والفتاة متكاملة ومتعددة؛ إذ تبدأ من البيت (الأم والأب)، فالمدرسة، فالإعلام، فالمسجد، فالرفاق، فعموم المجتمع، ثم بقية المؤثرات الأخرى. وهي حقيقة تنتظم مع مناهج المواد الدراسية التي توزَّع في المدرسة. فلو أن كل مؤسسة مما سبق تعلِّم وتربي بالشكل المطلوب لديننا وثقافتنا، وتتكامل مع جهد المدرسة في منهجها العلمي والتربوي، بإذن الله سنبني جيلاً يعرف حق خالقه ودينه ومليكه ووطنه.

والحال اليوم – مثلاً - هي أن الشاب والفتاة يمكثان ست أو سبع ساعات في المدرسة، لكنهما يجلسان على نافذة الإعلامالمفتوح وقنوات التواصل المتنوعة أضعاف ما يكون في مدرستَيْهما!! كما أن كم وحجم المعلومات التي يستقبلها ويحفظها ويمارسها أكثر إثارة وتشويقاً لمشاعره وعواطفه وأهوائه، وأحياناً حاجاته.. كما أنه ينصت ويستوعب أعمق للمؤثرات من غير المعلم غالباً.

وهنا يكمن تفعيل دور التعليم اللامدرسي، وضرورة عودة مجلس الوالدين والأسرة في تهذيب وتعليم الأبناء والبنات.

بل إن علماء تربية وتعليم طرحوا أثر التعلم بلا مدرسة، فكان أول من استخدم مصطلح "اللا مدرسية" الكاتب الأمريكي جون هولت، الذي ألَّف كتباً ومطبوعات حول التعليم، منها مجلة مهتمة باللامدرسية، تُدعى (Growing Without Schooling) أو تنشئة بدون مدرسة، ومن أبرز رموزها: إيفان ايلتش، وكتابه "مجتمع بلا مدارس"؛ ما يدل على أن هناك جيلاً يخرج بلا مدارس.. وتعليم المشائين مثال لذلك.

وما سبق لا يهمل أو يلغي دور المدرسة من الأثر السلبي أو الإيجابي، لكنها ليست المؤثرة الوحيدة فيه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org