"جـــــاكــــم الإعـــــصـــــــار"..!

"جـــــاكــــم الإعـــــصـــــــار"..!

منذ سنتين أو أكثر ونحن نعيش مرحلة انتقالية في جميع المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ولكن منذ أن تم إعلان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ونحن نعيد ونرسم هذه اللوحة والحروف على جداريات الوطن، نكررها بمدارسنا ومنازلنا، وعلى منابر المساجد.. أضحت كلمة يعشقها البعض، ويكرهها الغالبية (أصحاب المصالح) المتلاعبون بالأمن الفكري والاجتماعي، المختلسون ثروات الوطن وعقول الوطن وشباب الوطن.. ولكن..!!

ولكن هذه سنقف عندها كثيرًا، وهي مربط الفرس لمقالنا.. لم تأتِ "نزاهة" بالمطلوب.. لم تفِ بالغرض الكامل لطموحات الوطن وأبناء الوطن، لم تشفِ غليل الصادقين المخلصين، واكتفت بالبيانات القليلة والاكتشافات التي تأتي على استحياء، وانتشرت روائح "الفساد"؛ كون الوسائل اختلفت، وأصبحنا نعلم عنها، ونسمعها، ونقرأ عنها، ونراها بأم العين، ونعلم أن تلك الدائرة فيها اختلاسات وتبذير، وأن هناك تلاعبًا بالمال العام وفسادًا ماليًّا وإداريًّا.. وبارك الله في السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي؛ فقد جعلت المجتمع ينتقل من حالة ركود إلى حالات من الانفتاح والحصول على المعلومات، والمشاركة بالرأي والنقد والتحليل.. وهنا اختلفت العقول والمدارك، وأصبحت تشرب من عيون شتى، وتنتقي الصالح من الطالح.. أصبحنا نرى نقاشات وحوارات وتفكيرًا بصوت عالٍ من الغالبية..!

شارك أطياف المجتمع بالتغريدات، والكتابات، والمساهمات في الندوات، والمحاضرات.. للقضاء على هذه الآفة الخطيرة التي تقتل طموحات البلد وبرامج البلد ومستقبل البلد..!؟

بالأمس تم تعيين معالي الأستاذ "تركي آل الشيخ" رئيسًا لهيئة الرياضة. سأضرب مثالاً واقعيًّا وحيًّا، ونلمسه بكل ألوان الوطن، وحراك الصحافة والإعلام والجهات الأخرى..! وهذا مهم جدًّا.. حينما استلم مهام منصبة الجديد ضرب بقوة بعصا غليظة على المفسدين في الرياضة، وخص الأندية، و"أحال" المتلاعبين إلى هيئة الرقابة والتحقيق، واستمر القطار يسير.. ارتد البقية.. "صرخ المتلاعبون": "جاكم الإعصار"، فات الأوان.. لا مفر لكم اليوم، فأين تذهبون..!؟

هنا القوة والحزم والعزم.. هناك قرارات صارمة بحق المتلاعبين.. هناك "كف يد".. إحالات للتحقيق.. قرارات هنا وهناك.. إعصار أخذ معه اليابس، وترك الأخضر اليانع الرطب المنتج المثمر.. مَنْ أراد العمل النزيه فالأبواب مفتوحة والمجال للجميع، ومن أراد غير ذلك فما له إلا هذه العصا وهذه الغلظة وهذه القرارات..!

هذا الزلزال الرياضي (استُقبل بحفاوة من الجميع)؛ كون الرياضة لها شعبيتها من الغالبية؛ فكانت القرارات تصل إلى الناس بسرعة وسهولة، وصداها يتردد عبر الأثير والتواصل الاجتماعي بسرعة البرق.. لم يكتفِ الأستاذ تركي بالأندية والاختلاسات المالية والتلاعب فقط؛ بل امتد إلى الذوق العام والأخلاق، وأن الرياضة تهذب الناس، وتشاركهم حياتهم؛ ويجب أن تنعكس الرياضة على أخلاقياتهم.

شكرًا لتركي آل الشيخ.. أتمنى أن نسمع (إعصارًا) في الصحة والتعليم والتجارة والنقل والمرور والجوازات والعمل وقطاعاتنا كافة العامة والخاصة؛ ليكون شعارنا الصادق والحقيقي والفعلي وليس القولي فقط (محاربة الفساد بكل أشكاله وأنواعه)؛ ليكون الوطن شامخًا برجالاته المخلصين، وكما قال سمو سيدي ولي العهد "لن ينجو من الفساد كائن من يكون، والقادم أجمل بإذن الله".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org