خطاب تاريخي سعودي للتنمية ودفع حركة الاقتصاد ومكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب

قضايا الأمة وفي مقدمتها الفلسطينية تتصدر خطاب خادم الحرمين الشريفين
خطاب تاريخي سعودي للتنمية ودفع حركة الاقتصاد ومكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب

اليوم العاشر من أبريل 2016 سجل التاريخ  أول خطاب سعودي يلقى أمام مجلس النواب المصري .. مرتكزات التاريخ اليوم عجزت عن وصف هذا الحدث الهام، فالخطاب لم يكن عاديا ، وملقي الخطاب ليس شخصية عادية بل تجاوز ذكرها كل أرجاء العالم ، فلم يسبق لمجلس النواب المصري أن اعتلى منصته حاكم ليلقي خطابا موجزا بمضامين عدة تحمل التعاون والترابط والاقتصاد ، والتصدي للارهاب.

 وللخطاب مرتكزات  بالغة الأهمية تبين عمق الرؤية لقائد عربي عُرف عنه الحزم ، والعزم وتخطي كل التحديات ، الخطاب في مجلس النواب المصري لم يكن عاديا فالعالم يتابع مجريات ذلك ، لأن البعد السياسي له تجاوز كل التحليلات ، فقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله –  على دور مجلس النواب المصري وما قدمه على مدى السنوات الطوال والذي اسهم في تشكل الوجه الحضاري لمصر .

لم يغفل خادم الحرمين الشريفين وهو يخاطب الثقل السياسي في مصر عن دورهم في تعزيز العلاقات السعودية المصرية طوال سبعة عقود ، كانت ثمار تلك العلاقة القوية قانعة لدى الشعبين المصري والسعودي بترابطهم حيث قال حفظه الله "إن القناعة الراسخة لدى الشعبين السعودي والمصري، بأن بلدينا شقيقان مترابطان، هي المرتكز الأساس لعلاقاتنا على كافة المستويات. ثم ما لبث حفظه الله في خطابه الذي يتسم بقوة في المفردات والتي تحمل دلالات لعمق تلك العلاقات السعودية المصرية وفي كلمة تجلت عظمة الكبار حيث أشار لدور أبناء مصر في مشاركة السعودية في العمل والتنمية والبناء وأكد أن بلدهم يسعد باستضافتهم، ذلك الخطاب الذي يبرز فيه حب قيادة السعودية وشعبها وأن ارض السعودية تسعد باستضافة المصريين ، فدورهم في المشاركة منذ عقود لمسيرة التنمية في المملكة.

الخطاب سار بكل الدلالات والمضامين ، في حق الأشقاء والاحترام  المتبادل بينهم، غير أن الحكمة التي وضعت في ذلك الخطاب تؤكد للعالم عمق الترابط بين البلدين .

لم يفرغ حفظه الله من تلك الدلالات لعمق الأخوة والشراكة ، أشار  وبكل وضوح  لمواقف المملكة العربية السعودية من قضايا العرب والمسلمين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتي تتطلب وحدة الصف وجمع الكلمة والالتفاف حول تحالف مشترك يصنع قوة حيث بين في خطابه أن معالجة قضايا أمتنا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية تتطلب منا جميعاً وحدة الصف وجمع الكلمة، ويعد التعاون السعودي - المصري الوثيق الذي نشهده اليوم - ولله الحمد -انطلاقة مباركة لعالمنا العربي والإسلامي لتحقيق توازن بعد سنوات من الاختلال، وانتهاجاً للعمل الجماعي والاستراتيجي بدلاً من التشتت، وقد أثبتت التجارب أن العمل ضمن تحالف مشترك يجعلنا أقوى، ويضمن تنسيق الجهود من خلال آليات عمل واضحة.

وفي ذلك إشارة قوية من خادم الحرمين الشريفين إلي ما حققته تجربة التحالف العربي من نتائج وما عكس من صورة أقوى في العالم وكذلك ما تبعة من تحالف اسلامي يجسد القوة والعمل المشترك .

وفي مرتكز مهم جدا من  الخطاب التاريخي والذي بين فيه دور السلطات التنفيذية تجاه شعوبها ومستقبلها حيث أكد قائلا :ومن المهم أن تتحمل السلطات التنفيذية والتشريعية في دولنا مسؤولياتها الكاملة تجاه شعوبنا ومستقبل أمتنا وأن نتعاون جميعاً من أجل تحقيق الأهداف المنشودة المشتركة التي تخدم تنمية أوطاننا.

عبارات مختزلة لكن مضامينها تحمل رؤية للاستقرار وتنمية الشعوب والتي هي من مسؤوليات السلطات التنفيذية في البلدان ، ومطالبا  بتحقيق تلك الاهداف والتي معها تزدهر الاوطان وتتقدم .

وفي أسطر الخطاب الذي أنصت له الجميع ظهر المرتكز الأهم والأبرز وهو الفرصة التاريخية  لتحقيق القفزات التاريخية في اقتصاد البلدين ، ولعل ذلك بدات خطواتها من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والعقود الاستثمارية التي سبقت اللقاء التاريخي في اليومين الماضيين حيث قال إن لدى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية فرصة تاريخية لتحقيق قفزات اقتصادية هائلة من خلال التعاون بينهما.

وقد شهدنا - ولله الحمد - خلال اليومين الماضيين توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية والعقود الاستثمارية، كما اتفقنا على إنشاء جسر بري يربط بين بلدينا الشقيقين، وسيربط من خلالهما بين قارتي آسيا وأفريقيا، ليكون بوابة لأفريقيا، وسيسهم في رفع التبادل التجاري بين القارات ويدعم صادرات البلدين إلى العالم ويعزز الحركة الاقتصادية داخل مصر، فضلاً عن أن هذا الجسر يعد معبراً للمسافرين من حجاج ومعتمرين وسياح وسيتيح فرص عمل لأبناء المنطقة. وقد كان من ثمرات الجسر الأولى ما تم الاتفاق عليه بالأمس للعمل على إنشاء منطقة تجارة حرة في شمال سيناء وهذا سيساعد في توفير فرص عمل وتنمية المنطقة اقتصادياً كما سيعزز الصادرات إلى دول العالم وسنصبح أقوى - بإذن الله - باستثمار الفرص التي ستنعكس بعائد ضخم على مواطنينا وعلى الأجيال القادمة.

وتبرز أهمية إنشاء "جسر الملك سلمان"  منفذا مائيا حيوياً لتسويق العديد من الصناعات السعودية  في  المنطقة الحر  في شمال سيناء ومن بينها  الصناعات السعودية الجديدة المرتبطة بالمدينة الاقتصادية "وعد الشمال"، الواقعة شمال السعودية، القريبة من شبه جزيرة سيناء، التي تعد- وعد الشمال- اللبنة الأولى للصناعات التعدينية السعودية، ومصدراً جديداً واعداً من مصادر الدخل الوطني بما تحتويه من استثمارات محلية وعالمية عالية القيمة، وشراكة وثيقة مع كبرى الشركات الدولية في مجال التعدين، واستخراج الثروات الطبيعية المتوافرة بشكل تجاري؛ كالفوسفات، والذهب، والفضة، والبلاتين، والنحاس، والألمنيوم، والحديد.. وغيرها.

وبالتالي ستشكل منطقة التجارة الحرة في شمال سيناء بعد اكتمالها وسيلة غاية في الأهمية لتصدير المنتجات السعودية نحو الموانئ الدولية في مختلف القارات؛ مما سيقلل التكلفة، ويرفع وتيرة الإنتاج، ويلبي طلبات الشراء، وسيساعد أكثر في دعم التوجه السعودي الطموح في السنوات القليلة الماضية نحو تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز صناعة معدنية لتشكل رافداً حيوياً للاقتصاد الوطني.

كما  تعزز  المنطقة الحرة دور شركة التعدين العربية السعودية "معادن" التي تعد أكبر مساهم في مشروع "وعد الشمال"، وسيحولها- وفق التقديرات الاقتصادية- إلى لاعب دولي كبير في صناعة المعادن العالمية، وهي التي أصبحت حالياً أحد أهم الموردين العالميين للألومنيوم في السوق العالمي، كذلك ستعمل على ترسيخ العلاقات الاقتصادية بين السعودية، وبقية دول العالم؛ على اعتبار أن استقرار حركة صادرات السعودية عبر منفذ بحري قريب إلى مختلف الموانئ العالمية؛ سيؤكد ازدهار المنطقة اقتصادياً، ونمو حجم التبادل التجاري، وتأمين مزيد من الفرص لتعزيز الحركة التجارية، إضافة إلى أهمية وجود ميناء بحري شمال سيناء في تصدير البترول الخليجي المتجه لأوروبا.

كما أن هذه المنطقة سوف تدفع إلى تنمية شبه جزيرة سيناء، وتخلق تجمعات سكنية وتجارية جديدة، في الوقت الذي يشكو فيه سكان شبه الجزيرة من التهميش على مدار العقود الماضية، ما تسبب في تحويلها إلى مناطق صراع بين الحكومة المصرية وبين المتطرفين الذين يتخذون من جبال سيناء مقراً لهم.

وفي المقابل سوف تستفيد مصر من إقامة المنطقة الحرة في حل كل مشاكل سيناء من خلال توفير آلاف فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية التي يطالب بها سكان المنطقة منذ عشرات السنين. وطالما تم إنشاء منطقة حرة، فإن المنطقة سوف تلفت أنظار المستثمرين، وبالتالي تعمير وتنمية المنطقة بشكل حقيقي.

فيما بقي المرتكز الاخير والمهمة التي تتطلب جهدا وتكاتفاَ كبيرين وهي مضمنة في جانبين مكافحة التطرف ومحاربة التصدي والدور الكبير الذي ادركته السعودية لتشكيل ذلك التحالف  الاسلمي لمحاربة الارهاب  حيث اكد حفظة الله  إن المهمة الأخرى التي ينبغي أن نعمل من أجلها سوياً تتمثل في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب الذي تؤكد الشواهد أن عالمنا العربي والإسلامي هو أكبر المتضررين منه، وقد أدركت المملكة العربية السعودية ضرورة توحيد الرؤى والمواقف لإيجاد حلول عملية لهذه الظاهرة فتم تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتنسيق الجهود بما يكفل معالجة شاملة لهذه الآفة، فكرياً وإعلامياً ومالياً وعسكرياً. كما أننا نعمل سوياً للمضي قدماً لإنشاء القوة العربية المشتركة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org