دراسة: استفتاء كردستان العراق غير قانوني.. وهذه أسباب الموقف التركي

قالت: الهدف منه معرفة من سيصوّت ويدعم الفكرةَ من أكراد الإقليم والمهجر
دراسة: استفتاء كردستان العراق غير قانوني.. وهذه أسباب الموقف التركي

اعتبرت دراسة صدرت حديثاً عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن الاستفتاء الذي جرى في أربيل (عاصمة الحكم الذاتي لإقليم كردستان بالعراق) في 25 سبتمبر الماضي وحصل على ما يفوق 90% من الأصوات المؤيدة للانفصال عن العراق والاستقلال؛ لم يكن أمراً جاداً؛ مدللة على ذلك بتصريح مسعود بزاني حاكم إقليم كردستان بأن "الهدف من الاستفتاء فقط معرفة من سيصوّت ويدعم من أكراد الإقليم والمهجر فكرةَ الاستقلال عن العراق"، وأيضاً وجود الأكراد في هذه المنطقة القريبة شمالاً من أكراد تركيا وشرقاً من أكراد إيران؛ وهو أمر مثير للتوتر للعراق ودول الجوار، كما أن هذا الاستفتاء غير قانوني؛ لعدم حصوله على موافقة البرلمان العراقي، وعدم وجود إشراف دولي على عملية التصويت.

واستبعدت الدراسة التدخل العسكري لحل أزمة الاستفتاء بناء على المعطيات الحالية؛ ولكنها أكدت أن العقوبات وتعليق الطيران من قِبَل تركيا والعراق ضد الإقليم؛ قد يستمر حتى تقبل أربيل بالتفاوض مع الأطراف الأخرى، والاتفاق على المسائل الأمنية، والتعهد بعدم محاولة إثارة الدول المجاورة مستقبلاً بقضية الاستقلال.

وذكرت الدراسة: أن هناك مصالح سياسية واقتصادية مهمة لتركيا مع العراق وإقليم كردستان؛ حيث يبلغ حجم التجارة المتبادلة مع العراق 7 مليارات دولار أمريكي بحسب معهد الإحصاء التركي، كما أن كردستان تُعَد سوقاً مفتوحة لتسويق البضائع والمنتجات التركية، مع عدم تأثير أزمة الاستفتاء على الحالة الأمنية داخل أربيل أو الإقليم أو الدول المجاورة، كما أن العلاقة التجارية بين تركيا والإقليم مستمرة ما لم تحدث تطورات تستدعي إجراءات جديدة.

وأوضح الباحث محمد الدجين في دراسته التي أجراها تحت عنوان: "موقف تركيا من إقليم كردستان العراق: استفتاء 25 سبتمبر لم يكن جاداً"، ضِمن دورية "تعليقات" التي يصدرها المركز؛ مبيناً أن هذا الحدث السياسي كان له وقع على الدول الإقليمية، وأهمها تركيا التي راحت تشكك في انفصال الإقليم، وتعتبره أمراً غير قانوني، وتستنكره، وتراه تهديداً للأمن الوطني التركي والإقليمي. وإضافة إلى تركيا، فإن العراق وإيران كان لهما الموقف ذاته تجاه الاستفتاء؛ مبيناً أن تركيا لديها صراع قديم مع حزب العمال الكردستاني، وأنها تدعم العراق في قضية انفصال إقليم كردستان، وتتعاون مع العراق عسكرياً لمواجهة أي أحداث أمنية قد يسببها المتمردون الأكراد على الحدود بين البلدين.

وأشارت الدراسة إلى أن ما حدث مؤخراً في استفتاء أربيل للانفصال عن العراق كان له أثر كبير خصوصاً على تركيا، وطرح تحدياً للحكومة التركية حول كيفية التعامل مع أربيل، وتخشى تركيا أن يكون الاستفتاء سبباً مباشراً في إثارة الأكراد جنوب وشرق البلاد؛ لذا فقد أيدت تركيا قرار البرلمان العراقي باعتبار الاستفتاء غير قانوني وغير دستوري، وفي يوم إعلان نتائج الاستفتاء أدانته القنصلية التركية في أربيل، واعتبرته أمراً خطيراً على الإقليم فقط؛ بل إن البرلمان التركي يرى أن هناك عوامل إرهابية تسعى لاستغلال الظروف التي ستتبع الاستفتاء ثم تحاول فعل ما يهدد الأمن الوطني التركي.

وذكرت أن التعاون والدعم السياسي والعسكري بين العراق وتركيا يمثل ضغطاً على إقليم كردستان في حال مطالبته بالاستقلال؛ فالبرلمان التركي وافق قبيل موعد الاستفتاء على تمديد مهلة عمل الجيش التركي على الحدود مع العراق وسوريا؛ وذلك لما تُمَثّله العراق من عامل هام في استقرار الأمن الوطني التركي؛ خاصة على الشرقية والجنوبية من تركيا والتي يوجد بها أغلبية كردية. وحتى قبل أسبوع من ظهور نتائج الاستفتاء قام الجيشان التركي والعراقي بعمل مناورات عسكرية مشتركة على حدود البلدين تشير إلى استعداد تركيا للتدخل في حال حدوث مشكلات أمنية، وأيضاً تدلل على تعاون ودعم العراق للموقف التركي، وكذلك دعم تركيا لعراق موحد.

ورصدت الدراسة الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، عدداً من أوراق الضغط التركية بالتعاون مع العراق على أربيل بعد الاستفتاء؛ حيث فرضت العراق حظراً جوياً على إقليم كردستان، وبعدها بيوم واحد علّقت تركيا رحلاتها لأربيل والسليمانية، كما أن تركيا هددت بإغلاق المعبر الحدودي مع العراق "خابور"، وهو المنفذ الأهم لشمال كردستان لاستيراد وتصدير البضائع مع تركيا، ويشكل ورقة ضغط مهمة في يد الحكومة التركية على إقليم كردستان، ويسبب للإقليم خسائر اقتصادية وتجارية فادحة، ويؤثر مباشرة على تصدير البترول من الإقليم عبر مدينة كركوك للأسواق العالمية؛ فـ85% من صادرات البترول تمرّ عبر تركيا. وهذه القرارات والعقوبات تأتي للتأثير على أربيل وتذكيرها بعدم سيطرتها الكاملة على المناطق المهمة داخل الإقليم وكذلك المعابر الحدودية.

وعزت الدراسة استنكارَ دول تركيا والعراق وإيران فكرة عمل استفتاء لاستقلال إقليم كردستان عن العراق، إلى وجود الملايين من الأكراد الذين يعانون التهميش في هذه الدول؛ مما يسهل استمالتهم لعمل مماثل قد يهدد الأمن الوطني لهذه الدول؛ مشيرة إلى أن إيران أدانت الاستفتاء بشدة، وأكدت أنه يسبب مشكلات أمنية في العراق والدول المحيطة؛ حيث تخشى إيران من تأثير ذلك على مناطق الأكراد غرب البلاد؛ لذا هددت بإغلاق حدودها مع إقليم كردستان.

وأكدت أن المجتمع الدولي، وليس تركيا والعراق فقط، أدان بشدة عملية التصويت واعتبرها تهديداً لوحدة العراق والدول المجاورة، وهناك الكثير من الدول والمنظمات التي عارضت ذلك، ومنها الولايات المتحدة التي رأت أن هذا الحدث يؤثر على العراق وأيضاً على دول الجوار بشكل غير مباشر، فيما ناشدت السعودية مسعود برزاني بالتحلي بالحكمة، وألا يزيد التوتر مع العراق، أما الإمارات فقد أكدت وحدة العراق.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org