شاهد.. "الأناضول" عن "جدة التاريخية": متحف لا يغلق أبوابه وأسوار تحكي تجاعيد التاريخ

أربطة وروشان وأزقة وحارات.. قرية صغيرة كانت محلاً للقوافل باتت ميناء وإدارة خاصة
شاهد.. "الأناضول" عن "جدة التاريخية": متحف لا يغلق أبوابه وأسوار تحكي تجاعيد التاريخ

نشرت وكالة الأناضول التركية، اليوم، تقريراً مصوراً عن منطقة جدة التاريخية؛ مؤكدة فيه أنها تعتبر متحفاً بحد ذاتها؛ لكن ليس كبقية المتاحف التي تستقبل زائريها ضِمن أوقات محددة؛ بل تفتح "مدينة جدة التاريخية" أحضانها وأبوابها للجميع وفي أي وقت.

وأضاف التقرير: "منطقة فريدة من نوعها، تقع على أطراف جدة، غربي السعودية؛ يطلق عليها "مدينة جدة التاريخية"؛ تحتضن بين أبنيتها وفي شوارعها تراثاً يحكي سِيَر مَن عاشوا فيها وسكنوها؛ فما إن تدخل أسوار المدينة حتى يعود بك الزمن إلى الأيام العريقة التي كانت تتميز بأمور كثير نفتقدها اليوم في عالمنا الحديث".

وتابع: "هنا يجلس كبار السن يتحدثون فيما بينهم عن واقعهم وماضيهم، وفي ذاك الزقاق ترى مجموعة أخرى من السكان تحكي تجاعيد وجوههم تاريخاً طويلاً من عمر هذه المدينة، وأسواراً تحكي تجاعيد التاريخ؛ حيث تبلغ مساحتها 1.5 كيلومتر مربع".

ويقول الباحث في التراث السعودي، أشرف سالم: إن "مدينة جدة التاريخية هي أهم مَعلم تاريخي في جدة، يطلق عليها أهلها اسم "جدة البلد"، ويعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام"، ولفت إلى أن "الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، استخدمها عام 26هـ (647م) كميناء خاص تابع لمكة المكرمة، وهذا ما كان له الفضل في بروزها بعد أن كانت مجرد قرية صغيرة على البحر الأحمر".

وأوضح "سالم" -وفق الأناضول- أن "المدينة تم إدراجها على لائحة التراث العالمي الخاصة بمنظمة اليونسكو عام 2014"؛ بينما تقول المصادر التاريخية: إن موقع "جدة القديمة" كان يحمل أهمية كبيرة؛ إذ كان محل مرور القوافل التجارية.

وبيّنت: "المدينة تحتوي على 606 مبانٍ تاريخية، وبرغم صِغَر مساحتها؛ إلا أن لها إدارة خاصة بها، ورئيس بلدية، وعمدة في كل حارة من حاراتها"، كما تضم مساجد تاريخية ذات طراز معماري فريد، تنتشر في حاراتها المختلفة، التي تحمل أسماء متنوعة منها: حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر، وحارة المليون طفل التي سُميت بهذا الاسم لكثرة وجود الأطفال في أزقتها.

وأبانت: "يتوسط المدينةَ بيتٌ يزيد عمره على 200 عام، سكنه والي جدة العثماني، في زمن الدولة العثمانية"، وعلى مقربة من المنزل يتربع مسجد الشافعي الذي يزيد عمره على 8 قرون، وعلى أطراف المدينة الصغيرة تستقبلك أقدم مدرسة نظامية سعودية في تاريخ المملكة؛ هي مدرسة الفلاح، التي شُيّدت عام 1912 في عهد الدولة العثمانية.

واستطردت: "تتميز المدرسة بعمارتها التراثية وقبابها الخضراء وبابها القديم الذي ما زال صامداً يقاوم الزمن، ومما يضفي طابعاً خاصاً على "مدينة جدة التاريخية" نوافذُ منازلها المغطاة بما يطلق عليه أهلها "الروشان"، المعروف عند بعض البلاد العربية بـ"المشربية".

و"الروشان" قِطَع خشبية مزيّنة بالنقوش الإسلامية والألوان الترابية الهادئة، يتميز بأنه يحجب الرؤية من الخارج ويؤمّن من بالداخل، وبالتالي يعتبر حافظاً لخصوصيات المنازل، كما يتميز "الروشان" بقدرته على عزل المباني حرارياً؛ إذ يمنع وصول أشعة الشمس الحارقة للداخل".

واختتمت "الأناضول" تقريرها بالقول: "المتجول في المدينة يلحظ أيضاً ما يُعرف بـ"الأربطة" وهي أوقاف سكنية للفقراء والمحتاجين ما زالت تحتفظ بأسمائها؛ منها رباط الصومال، والهنود، ونصيف، والنوري؛ مر على وجودها أكثر من 400 عام، واليوم تحظى "مدينة جدة التاريخية" باهتمام من السلطات السعودية لناحية ترميمها، والتعريف بها، وإبرازها كمَعلم تراثي هام في المملكة، يحفظ أصالة الماضي في ظل اجتياح التكنولوجيا لعالمنا".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org