"شرفة مكة" في إندونيسيا.. سياحة إسلامية و"من لا يعجبه فليذهب لمكان آخر"!

بندا آتشيه- تصوير: عبدالملك سرور : يعتبر إقليم آتشيه في إندونيسيا نموذجاً للالتزام الإسلامي في قلب أكبر دولة إسلامية في العالم، ويعرف الإقليم بالكثير من الألقاب، إلا أن أشهرها هو "بوابة مكة" أو "شرفة مكة". كما اشتهر قديماً بأنه ملتقى يجتمع فيه المسلمون من خارجه ليتلقوا تعليمات عن المناسك قبل سفرهم إلى مكة المكرمة لأداء الحج والعمرة.

ويقع إقليم أتشيه جغرافيا في أقصى الشمال الغربي من جزيرة سومطرا وتغطي مساحته نحو 2،88% من المساحة الإجمالية للأراضي الإندونيسية.

ومسمى الإقليم هو اختصار كما يقول البعض للعرقيات فيه فـA:Arab /العرب وC: Cina/ الصين وE: Eropa / أوروبا وH: hindia / الهند. وقبلها في اللغة القديمة: A = Arab / العرب وT = Tiongkok /الصينية وJ = Jepang / اليابان وE = Eropa / أوروبا وH = Hindia/ الهند.

عاصمة إقليم أتشيه هي مدينة بندا أتشيه، وهي مدينة قديمة قبل قيام مملكة أتشيه دار السلام عام 913هـ (1514م) حيث كانت المدينة عاصمتها. وبقيت بهذا الاسم إلى أن جاء الاستعمار الهولندي عام 1874، فغير الاسم بـــ "كوتا راجا" - أي مدينة الملك وبعد أن نالت إندونيسيا استقلالها وصارت أتشيه إقليما تابعة لها، تمت إعادة الاسم عام 1962 إلى بندا أتشيه من جديد.

وفي التاريخ موقع أتشيه الجغرافي الذي يتميز بكونه موقعاً استراتيجياً في خط الملاحة والتجارة الدولية في العهد القديم جعلها ذلك أول منطقة يحل فيها الإسلام بطريقة سلمية ليس فقط في إندونيسيا بل في منطقة جنوب شرق آسيا كلها، وكان ذلك في القرن الأول الهجري الموافق للقرن السابع الميلادي.

ولما جاء الإسلام وانتشر وظهرت الممالك الإسلامية وأظهرت دعمها الكامل لتعميق الوجود الإسلامي، أصبحت هناك وحدة متماسكة بين الإسلام والمجتمع الآتشي كحاصل نهائي لتأثير الشريعة الإسلامية القوي واندماجها الكامل في حياة المجتمع، فصارت الشريعة الإسلامية أساس وجوده ومقوم هويته.

وانطلاقاً من ذلك الارتباط، صارت أتشيه الإقليم الإندونيسي الوحيد الذي تسمح الحكومة الإندونيسية بتطبيق الشريعة الإسلامية قانونياً في النطاق الإقليمي له، فتمتلك الحكومة المحلية سيادة في اتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة لإعادة تنظيم كافة مجالات الحياة، لتكون قائمة على الشريعة الإسلامية ليسير على هديها المجتمع الآتشي.

آتشيه إقليم سياحي بامتياز ويملك مواصفات طبيعية رائعة، لكنها في ضوء محدداتها الإسلامية تواجه العديد من التحديات.

يقول لـ"سبق" مسؤول إدارة السياحة في (بندا آتشيه)، السيد ريزا خليفي: "شعارنا الرئيس" مكان سياحي حلال. والحقيقة نواجه تحدي في استقطاب السياح. وصلتنا استفسارات من سياح أوربا أن لديكم تشدداً وعقوبات وحداً من الحريات! ولكننا أوضحنا الأمر من البداية وأنه (لا تنازلات)".

وأضاف: "بالنسبة للعوائد المادية فخطتنا تسير مع خطة رئيس الدولة ومن أهم جوانبها السياحية أنه في عام 2019 سنحقق رقم 20 مليون زائر إن شاء الله. أتشيه لديها أماكن رائعة جداً".

وحول الاستعدادات قال: "نعمل على دراسة وتحليل خصوصيات السياح والعادات الجاذبة لنراعي مثلاً ما يطلبه السياح الصينيون والماليزيون والأوربيون لنرى ما يمكن عمله في هذا الصدد. ونحاول التوفيق بين ذلك وبين قيمنا وموقعنا الرسمي الإلكتروني يوضح كل شيء ونرحب بالجميع وفق شروطنا. وقد أبلغنا البعض أنه قد لا نلزمكم بغطاء الرأس ولكن سنلزمكم باللبس المحتشم والساتر يجب الالتزام به هذا فقط لغير المسلمين. وقد تم تنظيم العديد من الجروبات السياحية وفق ذلك من خلال مكاتب سياحية تقوم بتنظيم الأمر وفق الاشتراطات ووفق برامج مقننة".

وعن جوانب أخرى أضاف: "نسعى لتصميم تسهيلات في المشاريع الاستثمارية والترخيص لها: نحن بحاجة للدعم وبناء الشراكات مع الجهات المتناسبة في مجالنا. وبالنسبة للفنادق خمسة نجوم لن نسمح بالملاهي الليلية وغيرها لدينا شروط مشددة حول ذلك. ومرفوضة تماماً. نسمح بأرقى ما يمكن ولكن المحظور شرعياً لا تهاون فيه.

وتابع حديثه عن نشاطهم في رمضان: "في رمضان ننظم تسهيلات لقدوم رحلات رمضانية لمعايشة الأجواء الرمضانية وصلاة التراويح مثلاً في مسجد بيت الرحمن. وعادة نستقبل جروبات ماليزية مثلاً حيث يحب هؤلاء أداء صلاة التراويح في مسجد بيت الرحمن ومشاهدة المعالم الإسلامية".

ويقول السيد "خليفي": "نتعاون مع الشؤون الدينية لتوضيح مواقع مساجد قيام الليل للزوار ونرتب الحشود. طبيعة الناس هنا يسهرون إلى الواحدة ليلاً وبعدها هناك من يصلي التهجد. عادات الناس تحثنا لتصميم برامج تتفق معها. دوامنا صباحاً يبدأ من التاسعة".

أما السيد رمضان، مسؤول التسويق، فيشير إلى أن (آتشيه) بشكل عام هي نقطة انطلاق وتركيز على السياحة الشرعية الإسلامية ونبحث عن سياح بهذا الخصوص. وقد حاز مكتبنا على جوائز عديدة وآخرها من حكومة أبو ظبي".

وأضاف: "بعد التسونامي واجهنا تحديات كبيرة بالفعل بعد تدمير كل شيء. التسونامي كان من جانب آخر فقد عرف العالم هذا الإقليم وهذا ساعد في مجالنا". التحدي كان كبيراً لكن أتشيه أيضاً فريد من نوعه. نحن وفرنا ما يناسب قيمنا ونقول لمن يريد زيارتنا من يريد سياحة شرعية إسلامية فحياكم الله وإن أردتم غير ذلك فابحثوا عن مكان آخر".