صحف اليابان تورق أزهارًا

صحف اليابان تورق أزهارًا

أن تتحول الصحف الورقية إلى سلة أزهار فذلك شيء عجاب.. لا يوقف إبداعَ اليابانيين أيُّ حواجز، سواء طبيعيًّا أو نفسيًّا أو قلة الموارد الاقتصادية.. أرض اليابان تتعرض للهزات الأرضية بشكل يومي؛ وهذا يجعلها تندرج تحت البيئة غير الجاذبة، إلا أن سكانها لم يتأففوا من هذا الوضع، ولم يفكروا في مغادرة أرضهم، بل تأقلموا معها، وكيّفوها بابتكار نظريات هندسية في مجال الهندسة المعمارية، وأنشؤوا مباني تتحمل الهزات الأرضية إلى مستوى عالٍ بحسب مقياس ريختر. ولم تتوقف طموحاتهم وجسارتهم إزاء الهزيمة القاسية التي تعرضوا لها؛ ما نجم عنها حرق مدينتَيْ هيروشيما ونجزاكي بالقنابل النووية أثناء الحرب العالمية الثانية، بل تجاوزوا هذه الأزمة لبناء يابان حديثة ومتطورة في غضون عقود قليلة، مع الوعد دون الاتجاه نحو الحروب، واعتبروا السلام هو صمام الأمان ومصدر الاستقرار للدول. وبالفعل، غدت اليابان وجهة صناعية واقتصادية بارزة، تدر عليهم الأموال، بل أضحت صناعاتها تدخل جميع الأسواق العالمية، بما فيها أسواق الدول المتقدمة. الماكينة الصناعية اليابانية مذهلة، وتسير وفق ما يخططون.

وبحسب أرقام إحصائية، تأتي اليابان ضمن دول المربع الأول صناعيًّا واقتصاديًّا رغم بيئتها الجبلية فقيرة الثروات، عدا الثروة السمكية والمساقط المائية. أما المواد الخام فتستوردها من بلدان العالم؛ لتعيد تدويرها بصناعات متطورة، وبقيمة مالية أعلى. إذن، الصناعة هي التي دفعت باليابان إلى أن تكون دولة محورية اقتصاديًّا وصناعيًّا، وقبل ذلك استثمار الطاقة العقلية لدى الإنسان في سبيل الابتكار والاختراع. والآن لم تعد الصحف الورقية تشكل صعوبة في كيفية تدويرها؛ إذ بمقدور أي فرد سكب كميات قليلة على أجزاء منها؛ لتتحول إلى سلة أزهار نضرة، وخضراء، تسر الناظرين.. وهنا يُسجَّل هذا الابتكار لإحدى الصحف اليابانية (الصحيفة الخضراء)، التي ستغيّر نظرة العالم حول إعادة تدوير ورق الصحف، وذلك بوضع قليل من الماء في الوعاء؛ لتنموا الأزهار. طريقة إبداعية.. وهنا صادوا عصفورين بحجر واحد: منها ارتفاع نسبة تسويق الصحف، وكذا إعادة تدويرها؛ لتتحول إلى سلال من الأزهار. ماذا وراء العقلية اليابانية؟ وإلى أي اتجاه يسيرون؟ وكيف يمكن للدول الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم؟ وخصوصًا بوجود الصحف الصفراء التي "ترغي" ليل نهار دون فائدة تذكر!
أسئلة تتشظى!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org