55 عاماً من العلاقات المتميزة بين المملكة وماليزيا.. احترام متبادل ووحدة عقيدة

تعاون عسكري واتفاقيات وجوانب إنسانية وروابط أخوية.. أسس متينة للعلاقات
55 عاماً من العلاقات المتميزة بين المملكة وماليزيا.. احترام متبادل ووحدة عقيدة

اتسمت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وماليزيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في بداية الستينيات، بالاحترام المتبادل والعمل على تطويرها في المجالات كافة، واستمرت هذه العلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة.

 

وتحظى المملكة باحترام كبير لدى الأوساط الرسمية والشعبية والتجمعات الإسلامية كافة، وتُشكّل وحدة العقيدة الدينية والروابط الأخوية الأسس المتينة للعلاقات القائمة بين البلدين.

 

وقامت العلاقات السياسية بين البلدين على أساس إيجاد مناخ للتفاهم والاحترام المتبادل؛ حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في منتصف عام 1961م بفتح سفارة للمملكة في كوالالمبور وسفارة لماليزيا في جدة.

 

علاقات قديمة

ويمكن وصف العلاقات السعودية الماليزية بالقديمة؛ حيث شَهِدت العلاقات السياسية بين البلدين خلال مراحل تطورها قدراً كبيراً من التميز خلال العِقد السابع من القرن الماضي؛ حيث قامت ماليزيا بدور مميز إثر حريق المسجد الأقصى في أواخر الستينيات من القرن الماضي بإنشاء منظمة التعاون الإسلامي.

 

ومنذ عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- حتى هذا العهد الزاهر؛ كانت -وما زالت- الزيارات بين البلدين مستمرة، وكانت أولاها للملك فيصل بن عبدالعزيز في عام 1970م، ثم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في شهر يناير 2006م.

 

ومن الجانب الماليزي؛ فقد زار رئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب عبدالرزاق المملكة، وجلالة الملك المعتصم بالله محب الدين معظم شاه ملك ماليزيا.

 

التعاون العسكري

وامتداداً للتعاون العسكري بين البلدين؛ فقد شاركت ماليزيا مع قوات التحالف لإعادة الشرعية في اليمن من ميليشيات الحوثي والداعمين له، إلى جانب مشاركتها في مناورات رعد الشمال، ومشاركتها في التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، إضافة لإدانتها باستهداف مكة المكرمة بصاروخ من قِبَل الميليشيات الحوثية.

 

وحيال التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين؛ فقد شَهِدا زيارات متبادلة؛ حيث قام وفد نسائي من جامعة ماليزيا للتكنولوجيا، بزيارة شطر الطالبات بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.

 

اتفاقيات

كما وقّعت المملكة وماليزيا العديدَ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات العسكرية والتعليمية والسياحية ومنها:

 

ـ مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العلمي والتقني والصناعي لأغراض الدفاع الوطني.

 

ـ اتفاقية بين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في صندوق استثمارات الجامعة ومواردها الذاتية وجامعة الوسائط المتعددة MMU الماليزية؛ بهدف استكمال  تعاقد الشراكة بين الجامعتين لتأسيس مركز تقني متخصص في أبحاث الوسائط المتعدد  داخل حرم الجامعة الماليزية.

 

ـ اتفاقية بين الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة العلوم الماليزية، لتوثيق الصلات العلمية والتعليمية بين الجامعتين، ونصت المذكرة على التعاون في إنشاء وتطوير الكليات العلمية الجديدة في الجامعة الإسلامية، وتبادل التجارب والمعارف العلمية والتعليمية ذات الاهتمام المشترك، والتعاون العلمي والتعليمي فيما يخدم الأهداف المشتركة التي تُسهم في تطوير الجوانب الأكاديمية والرفع من المستوى العلمي والأكاديمي للجامعتين، إلى جانب البرامج الدراسية والكتب والمناهج والمطبوعات والخبرات الأكاديمية، ومشاريع مراكز البحث العلمي ذات الاهتمام المشترك.

 

ـ اتفاقية تعاون بين جامعة طيبة وجامعة ماليزيا للتكنولوجيا.

 

ـ مذكرة تفاهم للتعاون في المجال السياحي بين البلدين، ونصت المذكرة على تبادل المعلومات والخبرات بين البلدين في الأنظمة الخاصة بالنشاطات والخدمات السياحية وأثرها الاقتصادي والاجتماعي، والتراث العمراني والحِرَف اليدوية واستثمارها في التنمية السياحية، وإدارة الفنادق والمنتجعات السياحية والأنظمة المرتبطة بمنشآت الإيواء السياحي والرحلات السياحية، والإرشاد السياحي، والإحصاءات السياحية.

 

المجال الاقتصادي

وفي المجال الاقتصادي ترتبط المملكـة العربيـة السـعودية وماليزيـا بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، جعلت ماليزيـا إحـدى الشـركاء التجـاريين الرئيسيين للمملكـة؛ حيث تخضــــع العلاقات الاقتصادية والتجاريـة بين البلدين لاتفاقيات عديدة؛ منها "اتفــاق تعــاون اقتصادي وفنــي" بــين الحكومـتين في عام ١٣٩٥هـ؛ لتطوير التعاون الاقتصادي والفنـــي بينهمـــا، وأن يعمــل الطرفــان علــى إقامــة جهــود إنمائيــة مشــتركة؛ بهــدف تشــجيع التعــاون الاقتصادي والفني بينهمـا، وإنشاء مجلس الأعمال السـعودي المـاليزي؛ حيث أسهم بشكل كـبير في تقويـة العلاقـات الاقتصادية والتجارية وحقــق الميــزان التجاري بــين البلدين فــائضاً لصــالح المملكــة يُقَدّر بحوالى 3.4 مليار ريال، عام ٢٠١٣م؛ فيما بلغـت قيمـة صـادرات المملكـة إلى ماليزيــا عــام ٢٠١٣م حــوالى ٨٢٤٣ مليــون ريال؛ بما يمثـل 0.58%مــن إجمالي قيمـة صـادرات المملكــة للعــالم، في العام نفسه.

 

وتتنوع الســلع والمنتجــات التــي تُصدّرها المملكــة العربيــة الســعودية إلى ماليزيــا، وأهـم هــذه الســلع هي: زيوت نفط خام ومنتجاتهـا، بـولي بـروبيلين، بـولي إيثيلين عالي الكثافة، بـولي إيثـيلين مـنخفض الكثافـة، ميثــانول (كحــول الميثيــل)، وغيرهــا مــن المنتجات والسلع.

 

وقد بلغت قيمة واردات المملكة العربية السعودية مـن ماليزيا عـام ٢٠١٣م حوالى ٤٨٣٤ مليون ريـال، تمثـل 0.77% من إجمالي قيمة واردات المملكة مـن العـالم، في ذات العام.

 

وتتنوع السـلع والمنتجـات التـي تسـتوردها المملكـة العربيـة السـعودية مـن ماليزيـا، وأهـم هـذه السـلع: الأجهزة الكهربائية، زيت النخيل، آلات إرسال واسـتقبال الصــوت أو الصــورة، مواســير وأنابيــب مــن نحــاس، أجهزة تكييف هواء (فريون)، وغيرها من المنتجـات والسلع.

 

أما في عام 2015؛ فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وماليزيا 12.589 مليون ريال مقابل 16.038 مليون ريال عام 2014م؛ حيث انخفضت الصادرات السعودية إلى ماليزيا لتصل إلى 7.894 مليون ريال عام 2015م؛ بينما انخفضت الواردات من ماليزيا إلى المملكة العربية السعودية من 5.250 مليون ريال في عام 2014م إلى 4.694 مليون ريال في عام 2015م.

 

وتتركز الصادرات السلعية السعودية لماليزيا في زيوت نفط خام ومنتجاتها وبولي بروبلين وغيرها، وتُعَد الأجهزة الكهربائية وآلات استقبال وإرسال الصوت والصورة من بين أبرز الواردات من ماليزيا إلى السوق السعودي؛ فيما بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حتى 30/ 6/ 1436هـ، (47) مشروعاً؛ منها (38) مشروعاً خدمياً، و(9) مشاريع صناعية، بلغ إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في هذه المشاريع (1379.2) مليون ريال، تُمثل حصة الجانب السعودي (541.2) وحصة الشريك الماليزي (639.8) والمتبقية لشركاء آخرين.

 

كما أن هناك العديد من الاتفاقيات المبرمة بين البلدين؛ منها: اتفاقيات التعاون الإطارية في التجارة والمجالين الاقتصادي والفني (1975)، واتفاقية منع الازدواج الضريبي (2006)، واتفاقية تعزيز الاستثمارات وحمايتها؛ حيث وُقّعت جميعها في كوالالمبور بتاريخ 28 رجب 1421هـ. وعملت "غرفة الرياض" على تنظيم معرض الكتالوجات الماليزي بمشاركة العديد من الشركات الماليزية في مجال النفط والغاز وخدماتها، ومنتجات الرعاية الصحية والأدوية والأجهزة الطبية، وخدمات الامتياز التجاري، ومنتجات الأثاث، ومنتجات الأطعمة والمشروبات، ومنتجات مواد البناء، والمنتجات الكهربائية والإلكترونية، إضافة إلى منتجات مولدات الطاقة، وخدمات الإنشاء والتعمير والخدمات المرافقة، وخدمات الهندسة التعميرية، ومنتجات الاتصالات والمعلومات وخدماتها، إلى جانب حرص الشركات الماليزية على البحث عن فرص استثمارية مع قطاع الأعمال بـ"غرفة الشرقية". "يتبع" 10:51ت م.

 

الجانب الإنساني

وفي الجانب الإنساني قدّمت المملكة العديدَ من المساعدات لماليزيا؛ ومنها: الصندوق السعودي للتنمية، وخلال الفترة من (1975م ـ 2016م) قدّم مساعدات لعدد من المشاريع التنموية في ماليزيا وكان لها الأثر الفعال في تنمية الحركة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية، وهي كالآتي:

ـ قرض لدعم كلية الطب بجامعة كيبانجان في ماليزيا بمبلغ (54.160.000) ريال.

ـ قرض لدعم الجامعة التكنولوجية في ماليزيا بمبلغ (48.240.000) ريال.

ـ قرض للمساهمة في التوطين في باهانج تناجارا بمبلغ (86.100.000) ريال.

ـ قرض للمساهمة في التوطين في جنوب شرق أولوكلنتن بمبلغ (40.000.000) ريال.

- قرض لدعم الكليات الخمس العلمية الصغرى في لمارا بمبلغ (15.160.000) ريال.

ـ قرض للمساهمة في التوطين في لبار أوتارا بمبلغ (52.700.000) ريال.

ـ قرض لدعم المستشفيات الأربعة الإقليمية في ماليزيا بمبلغ (15.900.000) ريال.

 

كما قدمت المملكة مساعدات نقدية وعينية لماليزيا عبر منظمات ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات والهيئات الإقليمية الأخرى.

 

بلد الـ13 ولاية

وتقع ماليزيا في جنوب شرق آسيا مُكوّنة من 13 ولاية، وثلاثة أقاليم اتحادية، بمساحة كلية تبلغ 329.845 كم2، والعاصمة هي كوالالمبور، أما مدينة بوتراجايا فهي مقر الحكومة الاتحادية، ويصل تعداد السكان لأكثر من 28 مليون نسمة، وينقسم البلد إلى قسمين يفصل بينهما بحر الصين الجنوبي؛ هما شبه الجزيرة الماليزية، وبورنيو الماليزية (المعروفة أيضاً باسم ماليزيا الشرقية)، ويحد ماليزيا (تايلند، وإندونيسيا، وسنغافورة، وسلطنة بروناي)، وتقع بالقرب من خط الاستواء ومناخها مداري.

 

يُذكر أن ماليزيا تنقسم إلى قسمين يفصلهما بحر الصين الجنوبي؛ أولهما شبه جزيرة ملقا الممتد من برزخ كرا حتى مضيق جوهور، وثانيهما القسم الشمالي الغربي من جزيرة بورنيو وهو مُكوّن من إقليميْ سراواك وصباح‌.

 

وتكسو الغابات التي تضم مجموعة متنوعة من‌النباتات المدارية نسبة 60% من مساحتها، وتتعرض البلاد للتأثيرات البحرية ولتفاعل الأنظمة المختلفة للرياح القادمة من المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي، والمناخ مداري رطب بسبب كثرة هطول الأمطار. والمدن الرئيسية فيها هي "إيبوه، وجوهور، وبهارو، وملاكا"، ولغة ملاي هي اللغة الرسمية لماليزيا، والعملة الوطنية الرنغيت الماليزي، وبلغ عدد سكان ماليزيا -حسب إحصاء عام 2012م- نحو 29 مليون نسمة.

 

الاقتصاد الماليزي

وتُعَد ماليزيا من أكبر البلدان المنتجة والمصدّرة لأشباه الموصلات في العالم، كما تُعَد من أبرز البلدان المنتجة للنفط والغاز الطبيعي غير الأعضاء في منظمة الأوبك‌. وتعمل على تطوير الصناعات التي تُمَكّنها من استغلال ما يتوفر لديها من مواد أولية، كما أنها تشجّع إقامة المشاريع التصنيعية في مجال البتروكيماويات والكيماويات وتجهيز الأغذية والأثاث، ويهيمن إنتاج المكونات الإلكترونية ومعدات الاتصالات والماكينات الكهربائية والمكيفات وأجهزة التلفزيون والملابس ‌والمنسوجات على النشاط الصناعي الماليزي.

 

ومن بين الموارد الطبيعية التي تتوفر بها: القصدير، والنفط الخام، والخشب، والنحاس، وخام الحديد، والغاز الطبيعي، والبوكسيت.. وقد كان الاقتصاد الماليزي يرتكز تقليدياً على الزراعة والحراجة وصيد الأسماك‌. وتظل ماليزيا أكبر مصدّر في العالم لزيت النخيل والمطاط والأخشاب المدارية، ورابع مصدّر للقصدير والكاكاو، كما يُعَد الأرز المحصول الزراعي الرئيسي في البلاد؛ بينما يُعَد زيت النخيل والمطاط من ‌بين أهم المحاصيل النقدية. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بأسعار السوق الجارية عام 2012م‌ "303" مليارات دولار أمريكي؛ أما الناتج الملحي الإجمالي للفرد فبلغ ‌لنفس العام "9800" دولار تقريباً.

 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org