علاقات الـ ٦٠ عاماً بين السعودية واليابان ترسم ملامح اتفاقيات لتفعيل الشركات "رؤية ٢٠٣٠"

طوكيو الشريك الثاني للرياض كأقوى اقتصاد
علاقات الـ ٦٠ عاماً بين السعودية واليابان ترسم ملامح اتفاقيات لتفعيل الشركات "رؤية ٢٠٣٠"

تؤسّس زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لليابان، لمرحلة جديدة ونقلة نوعية في العلاقات بين الرياض وطوكيو.

 وستعزز الزيارة العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، إلى جانب فتح المجال أمام رجال الأعمال والمستثمرين بإيجاد شراكات سياسية واقتصادية على نطاق واسع مع دولة ذات وزن سياسي واقتصادي عالمي.

 ووفقاً لمحللين تستهدف الزيارة الملكية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لدولة لليابان، التأكيد على الاتفاقيات السابقة وتفعيلها، وكذلك إطلاع قادة الحكومة اليابانية على فرص ومضامين أكثر ضمن "رؤية المملكة 2030"، والكيفية التي يمكن بمقتضاها مشاركة المملكة في تحقيق أهداف رؤيتها الطموحة، بما يعود بالنفع على المملكة واليابان، ولاسيما أن الرؤية تضمنت مسارات وتوجهات عديدة لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، والتي فرضت الحاجة إلى الاستعانة بخبرات دولية في مجالات اقتصادية وتجارية واستثمارية ومعرفية متعدّدة.

 وشكّلت المملكة العربية السعودية ودولة اليابان أنموذجاً للعلاقات الدولية من خلال ما يربطهما من تعاون وثيق أبدى خلالها الجانبان رضاهما العميق عن التطورات الكبيرة في علاقاتهما الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتطلعهما نحو تعزيز الشراكة الكاملة بينهما في المجالات كافة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.

وتولي المملكة اهتماماً خاصاً لعلاقاتها مع اليابان على مختلف الأصعدة، ويأتي المجال الاقتصادي في أولويات اهتمام البلدين؛ حيث تعد المصالح التجارية والاقتصادية ركيزة مهمة في علاقاتهما الثنائية، وتؤكّد الزيارات المتبادلة بين كِبار المسؤولين حرص المملكة على تعزيز وتقوية الشراكة الشاملة والتعاون في شتى المجالات التي تخدم مصالح وازدهار البلدين، وترتبط المملكة مع اليابان بعلاقات تجارية واقتصادية متينة، وصداقة قوية ومتميزة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين البلدين، حيث امتدت هذه العلاقات منذ أكثر من 60 عاماً.

وتعد اليابان ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والشريك التجاري الثاني للمملكة وإحدى أكبر الدول المستثمرة في المملكة، في مجالات عدة، منها البتروكيماويات، وينتظر اليابان عدد كبير من الفرص الاستثمارية الجزئية بالمملكة في عديد من المجالات، من بينها الصناعة والطاقة والبيئة والبنية الأساسية والخدمات المالية والتعليم والصحة وتطوير القوى العاملة.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان نحو 212 مليار ريال، 86 % منه في مجال النفط والبتروكيماويات، 6 %  في المياه والطاقة، 5 % في مجال البناء، ولليابان عديد من الاستثمارات في المملكة تقدر قيمتها بـ 15 مليار دولار، وتشكل المنطقة الغربية للمملكة أهم المناطق الاستثمارية لليابان في المملكة؛ إذ ينشط فيها أكثر من أربعين شركة يابانية، كما أن المملكة تعد أكبر مصدّر للنفط لليابان، وبلغ مجمل ما استوردته اليابان من النفط من المملكة خلال عام  2015 أكثر من 63 مليون برميل.

 ويصل حجم رصيد الاستثمارات اليابانية في المملكة 56 مليار ريال، وتتوزع على عدد من القطاعات الاستثمارية، ويستحوذ قطاع الصناعة على ما نسبته 86 % من اجمالي الاستثمارات، وتتركز في صناعات البترول والمنتجات الكيميائية، يليها قطاع الكهرباء والمياه بنسبة 6.4 %، ثم قطاع التشييد والبناء بنسبة 4.9 %، وتستهدف المملكة توسيع مجالات الاستثمارات اليابانية وتنويعها لتشمل القطاعات الواعدة استثمارياً؛ مثل: النقل والصحة والتدريب وتقنية المعلومات وغيرها.

 ويرى المراقبون أن الرياض وطوكيو تسعى  لتعزيز التعاون الثنائي بينهما في المجالات الاقتصادية والفنية والتعليمية والعلمية والثقافية، ولتأكيد أهمية تطوير التعاون الصناعي بين البلدين في جميع مجالاته، بما في ذلك برنامج التعاون الصناعي السعودي - الياباني، في الوقت الذي يلوح فيه في الأفق تطلعهما إلى زيادة تدفق حجم الاستثمارات اليابانية في القطاعات الصناعية والخدمية في المملكة وعزمهما على العمل معاً للاستفادة من المزايا النسبية الكثيرة المتوافرة في الاقتصاد السعودي، وما ينعم به من استقرار ونماء.

وتبقى المملكة المموّل الأول لليابان؛ إذ ارتفعت واردات اليابان من النفط الخام السعودي بنسبة 6 % على أساس سنوي؛ لتصل إلى 1.16 مليون برميل يومياً، واستطاعت اليابان أن تؤمّن احتياجاتها من النفط العربي؛ حيث بلغت وارداتها 72.15 مليون برميل بنسبة 79.2% من أصل الواردات.

وحقّق الميزان التجاري السعودي فائضاً بنحو 17 مليار دولار مع اليابان، حيث بلغت قيمة الصادرات السعودية إلى اليابان 23.3 مليار دولار، بينما بلغ حجم ما استوردته السعودية من اليابان 6.2 مليار دولار، في عام 2015، في حين أن الميزان التجاري الياباني مع 9 دول من منطقة الشرق الأوسط يبلغ 49.6 مليار دولار لمصلحة هذه الدول، وتستأثر المملكة وحدها ما يزيد على 34 %، ويأتي المجال النفطي والبتروكيماويات والسيارات والأجهزة الكهربائية أبرز مجالات التبادل التجاري بين البلدين.

وينشط عديدٌ من الشركات السعودية في اليابان في أسواق الأسهم والعقارات، أما حجم الاستثمارات اليابانية في المملكة، بحسب إحصائيات الهيئة السعودية العامة للاستثمار، فيصل إلى 15 ملياراً، وجاءت نتيجة الثقة التامة بجودة المنتج مقارنة بمنتجات شركات الدول الأخرى، وإلى المعرفة التامة بذكاء المستهلك.

 ويشير المراقبون إلى أن العلاقات الاقتصادية تحتاج إلى شراكة إستراتيجية تقوم على التوازن والمصالح والمنفعة للطرفين، فاليابان بوصفها أحد صُناع الاقتصاد الدولي لم تغب يوماً عن خريطة الاهتمام السعودي، وكذلك الحال بالنسبة لصُناع القرار الياباني الذين لم يغفلوا أبداً المملكة ودورها كرقم مهم في الخريطة الاقتصادية العالمية ومركز من مراكز القرار الاقتصادي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط.

من الأهمية بمكان معرفة أن التعاون الاقتصادي بين المملكة واليابان سيتبوأ مكاناً عالياً في ظل تركيز المملكة المتنامي على اقتصاد المعرفة، وهو ما يعد فرصة للجانب الياباني للدخول بقوة في هذا المجال، ولاسيما أن من بين الأولويات المهمة للإستراتيجية الاقتصادية للمملكة هو بذل المزيد من التقدم على محور تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني وتشجيع البيئة الاستثمارية والجهود المستمرة لتفعيل الدور التنموي للقطاع الخاص؛ ما يتيح معه مزيداً من فرص التعاون بين المملكة واليابان.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org