فطوري "لحم مقلقل"!!

فطوري "لحم مقلقل"!!

تخيلوا أن العادات الغذائية في المجتمع السعودي تغيَّرت خلال العشرين سنة الماضية، وأن هذا التغير لو حدث في اليابان مثلاً سيأخذ فترة تقارب 137 سنة، ولو حدث في بريطانيا سيأخذ تقريبًا 200 سنة!!
 
ولو كانت الأرقام تجبرنا على زيادة الحساسية تجاهها إلا أنه الواقع كما هو، بل خلال مدة أقل من العشرين عامًا حدثت تغييرات أكبر على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع بشكل سريع جدًّا، قد تأخذ فترة أطول في مجتمعات أخرى. ورغم استشعار ملحوظ لدى الكثير بأهمية المستقبل في ظل المتغيرات السياسية العالمية إلا أن الوحيد الذي لا يزال ينمو في التغير نحو الأسوأ هو الاستهلاك الغذائي غير المقنن لا صحيًّا، ولا اقتصاديًّا..
 
حتى أصبحت المملكة العربية السعودية ضمن أولى الدول بالعالم في الهدر الغذائي، الذي يترتب عليه مشاكل صحية وبيئية، تلعب دورها الكبير في الاستنزاف الاقتصادي على مستوى الدولة، وعلى مستوى الفرد.. والإشكالية رغم الجهود في السنوات الماضية لم يلاحَظ أي تغيُّر إيجابي؛ بدليل ارتفاع الإصابة بالأمراض المزمنة ذات العلاقة بالغذاء مع مرور الزمن؛ فأصبحنا نرى أمراضًا ذات علاقة بالغذاء لدى الصغار، رغم أنها كانت تأتي للكبار فقط؛ ما يجعلنا نحرص أكثر على تقييم كل الجهود السابقة، ومعرفة أسباب عدم فاعليتها أولاً قبل أن نعيد دوران عجلة الجهود مرة أخرى لاستنزاف الوقت والمال، وقبل أن نبدأ بإطلاق حملات توعوية على مستوى وزارات وجهات رسمية لمحاولة زيادة الوعي الصحي والغذائي!
 
ومع حاجة المجتمع لرؤية تخصصية تجاه التغير الغذائي والصحي للمجتمع إلا أن حلقة الوصل بين وجود كفاءات تدير هذا التغيُّر وسوق العمل لنجعل التأثير أكثر فاعلية مفقودة. وقد أكد ذلك إحدى الندوات التي تضمنت محاضرات بحثية، أشرفت عليها جامعة هارفارد عن فَقْد جزء مؤثر بين مخرجات التعليم من تخصصات حيوية واحتياج سوق العمل، وهذا ما نراه واضحًا جدًّا.. لكن الذي لا يراه الكثير واضحًا أن هناك مؤهلات عليا تخصصية لا يُستفاد منها في مجالات تخصصها؛ بسبب هيمنة فرد قد يوزِّع تصنيفات مهنية محددة، لا تطابق هذه المؤهلات حسبما يراه هو، لا ما تقره المنظمات العلمية والجهات الرسمية المتخصصة.
 
والحديث عن التغيُّر في العادات الغذائية وتأثيرها السلبي واضح، بدون الحاجة إلى أبحاث تؤكد ذلك؛ إذ بإمكانك أن تحاور في وقت واحد جيلاً عاصر الحياة اعتمادًا على فتات الخبز، وجيلاً يستغرب منك ذكر الأضرار الصحية للحم الأحمر؛ لأنه يفطر كل صباح كبدة و"لحم مقلقل"!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org