قانون "التمييز العنصري" في السعودية.. منع الاعتداء على المقدسات والرموز التاريخية وحفظ وحدة المجتمع

يطبق على مَن يمارس النعرات القبلية والإقليمية والسخرية من المذاهب والأديان وبث الكراهية
قانون "التمييز العنصري" في السعودية.. منع الاعتداء على المقدسات والرموز التاريخية وحفظ وحدة المجتمع

- الرسول الكريم كان الأسبق لمكافحة التمييز العنصري في مجتمع المدينة المنورة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار.

- أعداء الوطن يستخدمون مواقع التواصل لبث الفُرقة والتمييز والتنابز بالألقاب ونشر البغضاء في المجتمع.

- هل خلقت مسابقات الشعر الشعبي ومزاين الإبل و"الشيلات" ورقم كود القبيلة.. أزمة بين بعض الفئات؟

- يعقوب المطير: السعودية الأسبق في مكافحة التمييز العنصري بتطبيقها لتعاليم الإسلام.

- حمد القاضي: القانون رادع لمن يمارس التمييز العنصري أو يبث الكراهية في مجتمعنا.

- "القراش": العنصرية نار تحت رماد الفوقية توجِد في القلوب الضعيفة المتوهمة الكبر بالنَّسَب أو المال أو الجاه أو الانتماء.

ناقش مجلس الشورى مشروع إصدار قانون التمييز العنصري لمن يثبت أنه مارَسَه، أو النعرات القبلية، أو سَخِر من الأديان في السعودية.

ويهدف مشروع نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية، الذي تَقَدّم به أعضاء مجلس الشورى (د.عبدالله الفيفي، ود.لطيفة الشعلان، ود.هيا المنيع، وآخرون)، ولا يزال في أروقة المجلس، إلى منع الاعتداء على أماكن أداء الشعائر الدينية، أو الإساءة إلى المقدسات المرعية، أو النيْل من الرموز التاريخية المشكّلة للهوية الحضارية، وحماية النسيج الاجتماعي من مخاطر التمييز بين أفراد المجتمع وفئاته في الحقوق والواجبات، لأسباب عرقية، أو قبلية، أو مناطقية، أو مذهبية، أو طائفية، أو لتصنيفات فكرية أو سياسية.

تواصلت "سبق" مع مختصين وقانونين لتوضيح أهمية هذا القانون، وتفنيد بنوده.

نار التمييز

يقول عضو مجلس الشورى السابق حمد القاضي لـ"سبق": "هذا النظام جاء في وقته بعد أن أضرمت مواقع التواصل نار التمييز، وهو منسجم مع تعاليم الإسلام، ومَن لم يرتدع بتعاليم القرآن سيرتدع بعقوبات النظام. ونظام مكافحة التمييز العنصري جاء لنشر الترابط والمساواة بين أبناء الوطن؛ وبخاصة بعد أن أضرمت مواقع التواصل الاجتماعي نار التمييز، والتنابز بالألقاب، ونشر الكراهية والفُرقة".

ويضيف: "هذا القانون جاء تطبيقاً لتعاليم الإسلام الذي جاء بنصه المقدس {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، وقال نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). وقد جاءت العقوبات بمشروع هذا القانون رادعة لمن يمارس التمييز العنصري أو يبث الكراهية أو الفرقة بين أفراد المجتمع؛ خمس سنوات سجن وغرامة 500 ألف ريال لمن يثبت أنه مارس التمييز العنصري أو بث الفُرقة".

وأوضح "القاضي" أن لهذا القانون أثره الإيجابي إن شاء الله في تلاحم المجتمع وترسيخ وحدته وتأكيد سلمه الاجتماعي؛ ومن لم يرتدع بأوامر القرآن سيرتدع الآن بعقوبات النظام.

"العنصرية" سرطان

أما عبدالرحمن القراش مؤسس البرنامج الوطني لمكافحة الإرهاب "صمود"؛ فيقول لـ"سبق": العنصرية نار تحت رماد الفوقية، توجد في القلوب الضعيفة التي تتوهم أنها بلغت مراتب الملائكة فوق البشر دون إدراك أنها الصفة القبيحة التي طرد ولُعن الشيطان بسببها؛ وكل من يرى في نفسه كبراً بنَسَب أو مال أو جاه أو انتماء؛ فهو في منزلة سيده الشيطان.

وبيّن أن العنصرية سرطان اجتماعي يهدم البناء الذي دعا له المصطفى صلى الله عليه وسلم. وعَرّف العنصرية بأنها "التفاف شخص حول قرابته، وأنسابه، ومجتمعه، وإقصائه للآخرين بنظرة دونية لهم دون اعتبار لدينهم أو أخلاقهم أو علمهم"، وأردف: "وحسب ما أراه كفرد من أفراد المجتمع أنه لا يوجد دليل محسوس بأن هناك عنصرية تولد مع الإنسان؛ ولكن نستطيع القول بأن هناك استعداداً فطرياً لاكتساب فكرة التعصب بسبب ما يحمله من الجينات الوراثية لعائلة متفاخرة؛ فيعيش في بيئة خصبة لتنمية فكرة العنصرية".

وأضاف "القراش": "ما نلحظه سلبياً في بعض الآباء، والأمهات الذين يرون المباهاة باللون، والعرق، والانتماء أمام الآخرين؛ قيمة اجتماعية يجب أن تُزرع في قلوب أطفالهم عند الذهاب للأسواق أو المدارس أو الأماكن الاجتماعية"، وقال: "هناك مَن حصل على شهادات عليا ولكن عندما يأتي الكلام عن القبيلة، وما يدخل في مفهومها؛ فإنه يتناسى أو ينسى الوازع الديني، ويقدم المعتقدات الاجتماعية باسم أن ذلك من علوم الرجال، والإيمان بأن القبيلة هي المشرع لكافة أمور الحياة الاجتماعية، والخروج عن ذلك يعتبر انتهاكاً صارخاً حتى ولو كان خروجاً بنص شرعي يخالف أعراف القبيلة. والمؤثرات الإعلامية الحديثة هي التي تسببت وخلقت أزمة بين الناس (مسابقات الشعر، المزاين، الشيلات، رقم كود القبيلة)، وضعف الانتماء الوطني؛ برغم جهود الدولة الحثيثة لتوحيد الصف والكلمة".

وأوضح "القراش" أن العصبية العنصرية جاءت في صور عديدة من أهمها: الافتخار بالآباء والاعتزاز بالانتماء القبلي، والطعن في أنساب الناس وأصولهم، واحتقارهم واستنقاصهم وإقصاؤهم، والتقليل من شأن الآخرين والحط من قدرهم؛ وكل ذلك مع الأسف يدل على ضعف الإيمان وخور العقل؛ فليس الإنسان مَن اختار لنفسه نسبه أو علمه أو ماله أو جاهه.

الآثار السيئة

ويبيّن "القراش" أن للتعصب العنصري آثاراً سلبية انعكست على حياة المجتمع؛ منها إثارة الحمية الجاهلية المندثرة، ودعوة للتفرقة المجتمعية، والإعانة على الظلم وتفشي الجهل وبراءة الإسلام من المتعصب، وتفويت الحقوق على البعض، وانتشار الكره والبغضاء بين الناس، والمساهمة في خلق العداء وانتشار الجريمة، والدعوة إلى التفرقة التي حرمها الإسلام، وتفشي البطالة والعنوسة؛ لأن كل مجتمع سيبحث عن مصلحته فقط.

العلاج والأسباب

وحول العلاج يقول: "نحن كمجتمع شاب نحتاج إلى وقاية وعلاج حتى ولو كان في ذلك صعوبة لعدم تقبل البعض له؛ ولكن لعل الله يهدي الجاهل ويردّ الضال إلى جادة الصواب؛ لأن العنصرية والتعصب النسبي من أسوأ التعصبات التي لا اعتبار لها في الدين؛ بل جاء الدين ليحاربها؛ لأنه أتى بنَسب واحد وهو الإسلام.

لذلك من الواجب على المجتمع والوالدين خصوصاً تجاه أبنائهم إظهار ما كان عليه الرسول وصحابته من التواضع وجمال الدين، وإصدار الفتاوى الشرعية التي تعالج الموضوع وتحارب التعصب، وأن يكون العلماء وطلبة العلم قدوة في ذلك؛ لأنه -مع الأسف- وُجد منهم مَن يدعو له. ثم المعالجة التربوية للأبناء من خلال الأسرة والمدرسة والمسجد، وتسخير وسائل الإعلام لتوضيح آثارها السلبية.

الرأي القانوني

ويوضّح المحامي والمستشار القانوني يعقوب المطير لـ"سبق": قانون مكافحة العنصرية في الغالب الأعم، أن الدول الحديثة تَشَكّلت من مجموعات سكانية مختلفة سوى من الناحية الدينية أو العرقية، والدولة الناجحة يلاحظ فيها وحدة النسيج الاجتماعي وانعدام التمييز بين مكوناتها السكانية، ولتحقيق وحدة النسيج الاجتماعي (عدم التمييز)؛ سعت الدول المتقدمة لوضع قوانين تجرم التمييز العنصري وبث الكراهية، وكقاعدة عامة فإن مثل تلك القوانين توضع لمعالجة ظاهرة العنصرية المهددة للنسيج الاجتماعي.

وأضاف: "يمكن للدول التي ليس بها قوانين تجرّم العنصرية وظهرت بها ممارسات عنصرية، أن تحذو حذو نظيراتها، وتضع قوانين تجرّم العنصرية، ولا شك أن قانون مكافحة العنصرية وما به من عقوبات تحدّ من ظاهرة العنصرية؛ لأن المراد من العقوبة تحقيق الردع الخاص لمرتكب العنصرية، وكذلك تحقيق الردع العام لبقية أفراد المجتمع، وقد كان الرسول الكريم الأسبق في مكافحة التمييز العنصري في مجتمع المدينة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، وضَمِن بذلك وحدة النسيج الاجتماعي للمدينة المنورة.

إثارة النعرات

وبيّنت المادة الثانية عشرة، أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة مالية لا تقل عن 50 ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين كلُّ من سعى إلى إثارة النعرات القبلية، أو العصبيات العشائرية، أو الحميات الجاهلية، بقول أو فعل، باستخدام إحدى طرق التعبير أو وسائل التواصل أو الإعلام.

خطاب الكراهية

ووفقاً للمادة السادسة عشرة؛ "يعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة مالية لا تقل عن 50 ألف ريال، ولا تزيد على 200 ألف، أو بإحدى العقوبتين، كل من أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أو أفلاماً أو أشرطة أو أسطوانات أو برامج للحاسب الآلي أو تطبيقات ذكية أو بيانات في المجال الإلكتروني أو أي مواد صناعية أو أي أشياء أخرى تتضمن إحدى طرق التعبير، أو حازها، إذا كانت معدة للتوزيع أو اطلاع الآخرين عليها؛ وذلك بقصد ازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية. كما يعاقب بالعقوبة نفسها كل مَن أحرز أي وسيلة خاصة بالطبع أو التسجيل أو الحفظ أو الإذاعة أو المشاهدة أو النشر أو البث أو الترويج، أو حازها لاستخدامها في ارتكاب أي من المخالفات المنصوص عليها في هذا النظام".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org