قراءة في توصيات مجلس منطقة الباحة

قراءة في توصيات مجلس منطقة الباحة

شكَّلت التوصيات التي اتخذها مجلس منطقة الباحة في الجلسات التي عقدها مؤخرًا برئاسة سمو الأمير حسام بن سعود أمير منطقة الباحة منعطفًا مهمًّا في سبيل الوصول إلى تحقيق تنمية مستمرة لمنطقة الباحة فيما لو تمكنت المصالح الحكومية من تنفيذها على وجه السرعة، وبتجويد عال، وبقراءة متأنية لتلك التوصيات التي شملت مشكلات خدمية، يفترض أن تُحلَّ لا أن تبقى معلقة؛ لأنها بمضي السنين قد تصبح في غياهب النسيان. لنأخذ بعضًا منها: أولاً: فندق جامعة الباحة، ذلك المشروع الذي أُجهض في مهده قبل أن يكتمل الحلم الجميل؛ فقد تيبست أعمدته الخرسانية، وأُصيبت الصورة الزاهية المتخيلة عنه بضبابية؛ إذ رسم الأهالي أحلامًا وردية عن شكل وبهاء الفندق، بحسب رؤيتهم للصور التي ازدهت بها الصحف الورقية والرقمية كمشروع تحتاج إليه منطقة الباحة، ولاسيما أنها منطقة سياحية رائعة؛ إذ يعول على الجامعة إكمال الحلم؛ ليصبح واقعًا محسوسًا على إحدى القمم الجبلية الشامخة في شهبة. هنا لا ندري لماذا أهملت وزارة التعليم هذا المشروع الحيوي، وتركته في العراء دون التفات ولسنوات عديدة؟ وبمقدور إدارة الجامعة بالتنسيق مع الوزارة المسارعة بوضع الحلول، ولاسيما أنها وعدت بتنفيذ هذا المشروع المهم جدًّا، الذي يخدم الجامعة بالدرجة الأولى باستضافة ضيوفها المشاركين في المؤتمرات واللقاءات وورش العمل التي تنظمها، فضلاً عن أهميته في خدم المنطقة وزوارها.

ومما يؤخذ في الحسبان وجود صعوبات تنفيذية من بعض المؤسسات أو الشركات التي لم تلتزم بمعايير ومراحل التنفيذ، إلا أن ذلك غير مبرر لأن يترك المشروع منسيًّا لسنوات.

كما أن هناك ثمة مقترحات، طُرحت عبر الصحف، بأهمية افتتاح قسم يخدم السياحة؛ بصفتها صناعة حقيقية، والباحة مؤهلة لأن تكون في المربع الأول في الجانب السياحي؛ إذ تنامت بها الوظيفة السياحية مؤخرًا؛ لنعرج إلى نقطة مهمة، أدرجها المجلس ضمن توصياته، وهو موضوع المدرجات الزراعية عندما لوحظ الزحف الأسمنتي عليها، وتركها دون استثمار؛ لتصبح مهملة، يعصف في أركانها الإهمال، وامتلأت في أرجائها النباتات عديمة الفائدة، بعد أن كانت فيما مضى سلة غذاء مهمة، حققت الاكتفاء الذاتي لسكان المنطقة، بل تصدِّر الفائض للمدن المجاورة. وقد ذكر ابن بطوطة في كتابه عن (غلات السراة)، ووصولها إلى مكة المكرمة، وتحقيق البركة لهذه الأرض باستمرار سقوط الأمطار عليها. ويمكن طرح شركات متخصصة في هذا الجانب، والبدء وفق خطة مدروسة، تراعي الجانبين المكاني والزماني. وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فقد طرح المجلس البلدي فكرة تمدد المدينة نحو الجناح الشرقي للمدينة لهدفين، أولهما: الحفاظ على ما تبقى من تلك السلال الغذائية المتمثلة في المدرجات الزراعية. والجانب الآخر إقامة مدينة حديثة في منطقة خام، تربط بين مخططي بني سار وجدرة. وهذا المشروع المستقبلي سيوقف الزحف العمراني على المدرجات، التي بُنيت منذ آلاف السنين، واستفاد منها الإنسان على مر العصور، والآن عق المزارع أرضه؛ لتحل محلها المباني الحديثة. ولا أدري عن وزارة الإسكان، هل أخذت في الاعتبار الاستفادة من ذلك الموقع؛ لتضرب عصفورين بحجر واحد، ولتبدأ تنفيذ المشاريع الإسكانية؛ لتتسع المدينة نحو الشرق؟ وكنت أتمنى توسيع قدرات شركة تنمية الباحة القابضة بطرح وزيادة عدد أسهمها وقدراتها المالية؛ لتتمكن من تنفيذ مشاريع كبرى؛ إذ لم نرَ مشاريع بارزة لهذه الشركة حتى الآن، وربما إمكاناتها لا تؤهلها؛ لذا نتوقع فيما لو تنامت قدراتها المالية قيامها بتنفيذ مشاريع سياحية واستثمارية على أديم منطقة الباحة. وهناك كنوز في المنطقة، ما زالت مهملة، مثل الأسواق الشعبية والقرى التراثية.. ويمكن إعادة وهجها وقيمتها التراثية قبل أن تتكالب عليها السنون؛ فتتساقط أخشابها، وتتصدع جدرانها، وتنمحي من الذاكرة. أما فيما يتعلق بالمشاريع المتعثرة فتلك مشكلة لم تنتهِ، وتكاد تكون عامة على مستوى جميع المناطق؛ ما يستدعى وضع الحلول الحازمة إزاء الشركات والمؤسسات المتقاعسة، وعدم التعاطف معها؛ فهي أحد أسباب تعطيل التنمية في بلادنا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org