قضية "آل مرة" وتعسف الحكومة القطرية تخيّم على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة

المشاركون عبروا عن أسفهم لحرمان مواطنين من الجنسية ومصادرة أموالهم
قضية "آل مرة" وتعسف الحكومة القطرية تخيّم على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة

للمرة الثانية، ألقت الإجراءات التعسفية التي اتخذتها حكومة قطر تجاه أبناء قبيلة آل مرة، بظلالها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي شهد ضمن فعاليات دورته الـ36 ندوة حملت عنوان "حقوق الإنسان في قطر، الشيخ طالب بن شريم مثالاً صارخًا"، والتي نظمتها الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان.

وفي التفاصيل، عبر المشاركون بالندوة عن أسفهم ورفضهم الشديد لتعسف النظام القطري في قضية حرمان مواطنيه الأصليين من الجنسية القطرية، حيث عبّر سرحان سعدي المنسق العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، عن بالغ القلق تجاه قيام حكومة دولة قطر بإسقاط الجنسية عن شيخ قبيلة آل مرة، طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم، وعائلته المكونة من 54 شخصًا – من بينهم أطفال ونساء – ومصادرة أموالهم دون وجود مسوغات قانونية وبشكل تعسفي".

واستمع المشاركون في الندوة إلى شهادات حية من أبناء عشيرة الغفران الذين تم سحب جنسياتهم منهم دون أي مبررات أو مسوغات قانونية، واتفقوا على أن توصيف ذلك الإجراء بـ"العقاب الجماعي"، موضحين أن نزع جنسية 55 من أفراد العشيرة يعد تعسفًا واضحًا من قِبل الحكومة القطرية ضد مواطنيها وخروجًا صارخًا عن مبادئ حقوق الإنسان، وانتهاكًا مباشرًا لنصوص القوانين الدولية التي تنظم عمليات منح الجنسية وسحبها، وفق آليات وضوابط معينة، وخصوصًا أن قرار الحكومة القطرية جاء بشكل مفاجئ ودون أي مبررات أو مسوغات قانونية، ولم يكن مبنيًا على أي أحكام قضائية أو محاكمات عادلة.

ورأى المشاركون أن قرار سلطات الدوحة والذي شمل عددًا من الأطفال والنساء، كان جائرًا، وهو نوع من "الانتقام الممنهج"، لكونهم مارسوا حقوقهم الطبيعية في حرية التنقل وحرية الرأي والتعبير.

وأبدى الحقوقيون الذين شاركوا في الندوة، قلقهم الشديد لتبعات الإجراءات التي اتخذتها سلطات الدوحة بحق عددٍ من أفراد قبيلة آل مرة، وما ترتب على ذلك من تشريد وحرمان من حقوقهم وحرياتهم الأساسية والمتمثلة في الصحة والتعليم والسكن والعمل والتنقل والتعبير وغيرها من الحقوق والحريات المنصوص عليها في مختلف المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صدقتها حكومة قطر وتعهدت بحمايتها وتعزيزها وتوفيرها لكل مواطنيها والقاطنين على أراضيها.

وأكدت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان والعديد من المشاركين في الندوة التي تم تنظيمها على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يقر بحق الدول في أن تقرر من هم رعاياها، بيد أنه شدّد على أن ذلك الحق ليس مطلقًا، حيث يجب خضوع مثل تلك الإجراءات للاعتبارات القانونية.

ولفتوا إلى أنه "ينبغي على الحكومات كافة الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان فيما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها، ويمنع الحرمان التعسفي من الجنسية، لأنه يزيد فعلاً من حرمان الأشخاص المتضررين، ويرفع احتمال تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان، ويهدد حياتهم ومستقبل أطفالهم".

وأوضحوا أن "القوانين الدولية تشدد على منح من تعرضوا لسحب الجنسية حق التظلم أمام المحاكم، وتوفير الفرص كافة لهم لإبداء وجهات نظرهم، وفق محاكمات عادلة تنسجم مع القانون الدولي".

وطالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتحقيق في الانتهاكات القطرية ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته، مناشدة جميع المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية داخل وخارج دولة قطر بالقيام بدورها ورصد تلك الانتهاكات والوقوف إلى جانب هؤلاء المتضررين، وتعزيز قيم الحماية والمناصرة لكل ذي حق محروم بشكل جلي وواضح ولا لبس فيه.

وأكدت الفيدرالية أن السكوت عن هذا التعسف الصارخ، والانتهاك الفاضح، والعقاب الجماعي لأبرياء لا ذنب لهم سوى أن السلطة في قطر رأت وجوب معاقبتهم هو بمثابة المشاركة فيه ويعد مساسًا بمصداقية حقوق الإنسان وقيمها العالمية، موضحة أن تعرض تلك القبيلة وأفرادها لأي خطر هو مسؤولية جميع الأطراف المعنية داخل وخارج قطر وعلى وجه الخصوص اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان التي لم تلتفت لهذا الانتهاك وأصبحت أخيرًا تنفذ السياسة القطرية الجائرة وتخلت عن الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان.

وأخيرًا، دعت الفيدرالية العربية الحكومة القطرية إلى سرعة إلغاء هذا القرار التعسفي، وإعادة الجنسية إلى الشيخ طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم آل مرة وعائلته، إضافة إلى أموالهم التي تمت مصادرتها لما يمثله هذا القرار من اعتداء على حقوق الإنسان الأصيلة ولما يمثله من عقوبة غير مسوغة قانونيًا، إذ إنهم لم يقوموا بأي أعمال إرهابية أو غير قانونية، ولم تصدر بحقهم أي أحكام قضائية، ودعت السلطات القطرية إلى احترام حرية الرأي والتعبير التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع المواثيق والصكوك الدولية ذات الصلة.

وأشار المشاركون في الندوة التي عقدت في القاعة الخامسة عشرة، إلى أن قرار الحكومة القطرية الجائر ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته يمثل انتهاكًا للعديد من نصوص وقواعد القانون الدولي التي تؤكد حق الفرد في التمتع بجنسية ما وتحظر على الدول الأطراف فيها (كما هو الحال بالنسبة لدولة قطر) الحرمان التعسفي للأفراد من الجنسية، حيث نصت المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، ولا يجوز، تعسُّفًا، حرمان أيِ شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته”، كما الحال في المادة (7) من اتفاقية حقوق الطفل والتي نصت على حق الطفل منذ ولادته باكتساب الجنسية وعلى الدول احترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته.

ومن ضمن المواد التي تجرم التصرف القطري بحق أبناء قبيلة آل مرة، وفق المشاركين في الندوة، المادة 8 من اتفاقية حقوق الطفل والتي تحمي هوية الطفل، بما في ذلك جنسيته، من أي تدخل غير مشروع – وهو حكم يمكن، إذا قُرء بالاقتران مع المادة 3 (مصالح الطفل الفضلى) والمادة 7 (الحق في جنسية) من الاتفاقية، أن يحول دون فقدان طفل ما لجنسيته في سياق إجراءات التبني أو الاعتراف بالنسب أو إثبات النسب أو أي إجراءات أخرى.

وشددت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان على أن قرار السلطات القطرية الجائر ضد شيخ قبيلة آل مرة وعائلته يعد انتهاكًا لنصوص الدستور القطري والذي نص في المادة (18) على أن المجتمع يقوم على دعامات العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق، وأكد في المادة (19) صيانة الدولة لدعامات المجتمع وكفالة الأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص للمواطنين، كما نصت المادة (20) من الدستور على توطيد روح الوطنية والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة.

ولفتت الفيدرالية إلى أن القرار القطري الجائر يعد خروجًا صريحًا على نص المادة 29 (1) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان والذي نص صراحة أن لكل شخص الحق في التمتع بجنسية ولا يجوز إسقاطها عن أي شخص بشكل تعسفي أو غير قانوني.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org