كاتب سعودي: هذه هي الأدلة على شرعية فرض الضرائب

قال: قرار فرضها على أموال الأغنياء بيد الدولة.. الزكاة صدقة
كاتب سعودي: هذه هي الأدلة على شرعية فرض الضرائب

يقدم الكاتب الصحفي عبدالله فراج الشريف مجموعة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية على أن الزكاة ليست ضريبةً، كما يعتقد البعض، وفي أموال الأغنياء حقٌّ غير الزكاة، وهي ما يعادل الضريبة في عصرنا، وأن للدولة أن تفرض ضريبة على أموال الأغنياء والشركات وليس على عامة المواطنين، إن رأت أن الزكاة لا تكفي.  

الزكاةُ ليست ضريبةً

وفي مقاله "الزكاة صدقة لا ضريبة.. وفي أموال الأغنياء حقٌّ غيرَها" بصحيفة " المدينة" يبدأ الشريف بحكم قاطع "الزكاةُ ليست ضريبةً حتمًا، فاللهُ عزَّ وجلَّ سمَّاها صدقةً في قوله تعالى عن مصارفها: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وسيدنا رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عندما بعث معاذًا -رضي الله عنه- إلى اليمن قال: (إنَّكَ تأتِي قومًا مِن أهلِ الكتابِ، فليكنْ أوَّل مَا تدعُوهم إليهِ شهادة ألاَّ إلهَ إلاَّ الله، فإنْ هُم أطاعُوكَ بذلكَ فاعلمهُم أنَّ اللهَ فرضَ عليهِم صدقةً تُؤخذُ مِن أغنيائِهِم فتُردُّ على فقرائِهمِ، فإنٍ أطاعُوكَ لذلكَ فإيَّاكَ وكرائم أموالِهِم، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنَّهُ ليسَ بينَهَا وبينَ اللهِ حجابٌ)".

مقارنة

ويعلق الشريف قائلا "الزكاة تُؤخذ من أموالٍ مخصوصةٍ، وتُعطَى لأناسٍ مخصوصين، أكثرهم الفقراء، والمساكين، فهي تفارق الضرائب في الأموال التي تخضع لها، وتفارقها في المصارف التي تنفق حصيلتها فيهم، فليس بينها وبين الضرائب -بمفهومها المعاصر- شبه من قريب، أو بعيد، ومَن يرَ أنَّها ضريبة فقد جهل، وأخطأ خطأً فادحًا، وفوق ذلك فإنَّ المشرِّعَ للزكاة ربُّ العباد، ومشرِّع الضرائبِ من الخلق نوابٌ في مجلس يضع لهم المختصُّون قواعدها، فيلزمُون الناس بها، فالبون بينهما شاسع، لذا فقد جعل المسلمون للزكاة بيت مال خاصًّا، لا تختلط أموال الزكاة مع موارد أخرى لبيت مال المسلمين، أو ما نسمّيه في عصرنا الخزانة العامَّة، والضريبة لا قدسيَّة لها، أمَّا الزكاة فهي تشريع إلهي مقدَّس".

أدلة فرض الضريبة 

ثم يقدم الشريف أدلة شرعية على أن الدولة يمكن أن تفرض الضرائب على الأغنياء ويقول "لكنَّ الأموال التي تُؤخذ من الأغنياء، قد تُسمَّى ضريبة لصالح الفقراء، فيمكن فرضها في أموال الأغنياء، إذا لم تكفِ حصيلة الزكاة أن تنتشلهم من تردِّي حالة الفقر التي يعيشونها، بعد أن يعطوا من الزكاة حقّهم، ويرد عليهم بما يخرجهم من الفقر إلى أدنى درجات الكفاية، والله عزَّ وجلَّ يقول: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، وقد عرَّف المفسرون السائل أنَّه الذي يبتدئ بالسؤال، وله حق كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (للسائلِ حقٌّ وإنْ جاءَ علَى فرسٍ)، أمَّا المحروم، فقال ابن عباس ومجاهد: هو المحارب، أو المحارف: الذي ليس له في الإسلام سهم، يعني لا سهم له في بيت المال، ولا كسب له، ولا حرفة يتقوَّت منها، وقالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (هو المحارب الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه)، وقال الضحاك: (هو الذي لا يكون له مال إلاَّ ذهب)، وقد رأى ابن حزم أن مثل هؤلاء لهم حق في أموال الأغنياء يتجاوز الزكاة، ويروى عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّه قال: في مالك حق سوى الزكاة، وقال: صحَّ عن الشعبي ومجاهد وطاوس، وغيرهم كلهم يقول: (في المال حق سوى الزكاة، ويروي ابن حزم عن سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قوله: (إنَّ اللهَ فرضَ علَى الأغنياءِ فِي أموالِهِم بقدرِ مَا يكفِي الفقراءَ فإنْ جاعُوا أو عرُوا فبمنعِ الأغنياءِ، وحقّ علَى اللهِ أنْ يحاسبَهم يومَ القيامةِ ويعذِّبَهم عليهِ)، ورأى بعض العلماء أنَّ قولَ الله عزَّ وجلَّ آية محكمة، لم تنسخها آية الزكاة".

الضريبة على الأغنياء فقط

ثم يجيب الكاتب عن التساؤل بشأن متى تفرض الضريبة وعلى من تفرض ويقول "الحال هنا أنَّ الزكاة إذا لم تفِ بحاجة الفقراء، فيجب أن يفرض في أموال الأغنياء ما يسدُّ حاجتهم، ولعلَّ هذا يساعد من يرى أن تفرض في بلادنا ضرائب، ولتكون شرعيَّة فلتفرض على الأغنياء، لا على سائر الناس. فدخول المواطنين في بلادنا في الأعمِّ الأغلب لا تكفي ما يجب أن ينفق على حياة أسرهم، وحتمًا ليست دخولهم محلاً لأن تفرض فيها ضرائب، وأنا لا أظنُّ أنَّ لدى الدولة تفكيرًا في فرض ضرائب على المواطنين، وإنْ فرضت فهي ستكون على الشركات والأغنياء، لا على العامَّة، ولا أظنُّ هذا سيكون قريبًا، وما دامت الدولة قادرةً على الإنفاق على شؤون الأمَّة، فلن تلجأ إلى الضرائب، فليست الضرائب هي الحل الوحيد لزيادة موارد الدولة".

مصلحة المواطن أولا

وينهي الشريف قائلا "أنا على يقين أنَّ مصلحة عامَّة المواطنين أولى بالاعتبار عند التفكير في أيِّ مشروع اقتصاديٍّ، أو حتَّى إداريّ، وهو ما عوَّدتنا عليه حكومتنا، وولاة الأمر فينا، واللهَ أسألُ أنْ يحفظَ بلادنا وأهلَها ممَّا قد يؤدِّي بهم إلى نقصٍ في وسائل العيش، وأن يغنيهم من فضله، فهم أهل الحرمين الشريفين، ودعاة الخير على مر الزمان، إنَّه سميع مجيب الدعوات".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org