كم تدفع لتصبح مسحوراً؟!

كم تدفع لتصبح مسحوراً؟!

تطرَّق اللواء منصور التركي في المؤتمر الصحفي الأخير إلى استخدام السحر في تنفيذ الأعمال الإرهابية بقوله إنه لا يعني الجهات الأمنية حالة المتورط، سواء كان مسحوراً أو غير ذلك، مؤكداً أن القضاء في السعودية حريص على مراعاة الحالة النفسية والصحية للمتهمين، وهو من يتعامل مع من يدعون المس أو السحر خلال ارتكابهم الجرائم الإرهابية.

وقد أشار والد الانتحاري منفذ الجريمة الإرهابية بمسجد الرضا بالأحساء في حديثه لوسائل الإعلام إلى أن ابنه تعرض لعمل سحري، لا يعرف مصدره، ولا يعرف كيف تم الدخول عليه، وخصوصاً أن ابنه لم يكن يخرج من المنزل كثيراً أو يختلط بمشبوهين، ولم يسبق له السفر خارج السعودية، ولا يمتلك جواز سفر.

وأنا بدوري أتساءل: كيف جزم والده بأنه سُحر؟ وأنا أتعاطف مع هذا الأب المصدوم من الموقف.

كما تحدث أقارب وجيران التويجري بأنه منضبط، ولا تظهر عليه أي مؤشرات عنف أو حديث مؤيد للإرهابيين، أو حتى تناول للأحداث التي تشهدها مناطق الصراع من حولنا، ولم يسجَّل عليه أية ملاحظة أمنية، ونجد أن المحاكمات كشفت أن بعض الإرهابيين يحملون درجات في دبلوم الاتصالات، وفيهم فنيو تمريض، وبعضهم يحملون مؤهل البكالوريوس في الحاسب الآلي وعلوم الطيران، ومبتعثون إلى خارج المملكة لإكمال دراستهم على نفقة الحكومة!

والمتتبع للنصوص الشرعية التي تحذّر من هذا الفكر الفاسد (ولم تقل السحر أو المس الفاسد) يجد أن ابن القيم نقل في (تلبيس إبليس) عن جندب الأزدي قوله: "انتهينا إلى معسكرهم، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن، وقال ابن عباس - رضي الله عنه - عندما دخل عليهم ليناقشهم ويحاورهم في شبههم: فدخلت على قوم لم أر قطّ أشد منهم اجتهاداً، جباههم مقرحة من السجود، وأياديهم كأنها ثفن الإبل، وعليهم قُمُص مرخصة، مشمرة مسهمة وجوههم من السهر". ما سبق يؤكد لنا أكذوبة السحر للإرهابيين. والأمر بنظري لا يتجاوز غسيل الأدمغة، ويذكرني بمقولة (كم تدفع لتصبح مجنوناً). وأنا أقول بل مسحوراً. كما يذكرني بشماعة السحر التي تتحدث عنها الأسر إذا ابتُلي أحد أبنائهم بالمخدرات. وهذا الأمر تنبه له مركز محمد بن نايف للمناصحة، الذي دعم برامجه في الإرشاد بمختلف التخصصات لإعادة من تم غسل أدمغتهم إلى أنوار الفضيلة ودين الحق دون مغالاة أو انحراف. فليت شباب اليوم المتأثرين بالفكر الضال وأصحاب العمليات الانغماسية يدركون بعد كل هذا ما معنى نفض الإمام أحمد بن حنبل ثوبه وقوله: "اتقوا الله في الدماء، اتقوا الله في الدماء".

وفي النهاية، يا هؤلاء، عليكم أن تعلموا أن الأمر برمته لا يستحق أن تخسر دينك ونفسك ووطنك من أجل إرضاء مجانين الإرهاب.

حفظ الله وطننا وأمنه ومواطنيه من أعداء الداخل والخارج، وأدام نعمة الترابط، وحفظ الشباب من الدخول في هذه الأنفاق المظلمة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org