كيف نستفيد من الهياط؟

كيف نستفيد من الهياط؟

في الأيام القليلة الماضية ثار الحديث مجددا عن "الهياط" في المجتمع السعودي, والترف البالغ والإسراف لاسيما في الطعام, حينما تقام الولائم والأعراس وغيرها من المناسبات الاجتماعية التى يقدم فيها الطعام بصورة مبالغ فيها جدا في محاولة لإظهار الغنى المادي أو كسب المديح بالكرم وغير ذلك.

ووجهت وزارة الأوقاف خطباء المساجد بأهمية تناول هذه الظاهرة السلبية في خطبتهم المنبرية, وحث أفراد المجتمع على عدم الإسراف والتبذير, وبيان الآثار الدنيوية والآخروية لمدمني الهياط على مختلف أنواعهم وتوجهاتهم وأهدافهم, وتوجيههم إلى ضرورة الامتناع عن تلك الظاهرة.

وحقيقة لا يمكننا قياس مدى تجاوب أفراد المجتمع المهيطين مع تلك التوجيهات والنصائح التى صدعت بها مساجد المملكة الجمعة الماضية, ولكني على يقين أن الظاهرة ما زالت ممتدة, ومازال كثير من المهيطين يبررون لأنفسهم مثل هذه التصرفات بمزاعم ومبررات شتى.

وأنا هنا أريد أن أشير إلى ممارسات, وروشتة عملية يمكن أن نعالج بها هذه الظاهرة السلبية.

أول هذه الممارسات, وقف الهياط الحكومي, وإعطاء أنموذج لأفراد المجتمع, فحينما تتخلى بعض الجهات الحكومية عن الهياط والإسراف والتبذير, فإنها بذلك تساعم في الحد من تلك الظاهرة ووقف تمددها في حياتنا, ولنأخذ مثالا واحدا وهو استهلاك المصالح الحكومية للكهرباء.

فبحسب ما جاء في تحقيق ميداني، نقلاً عن محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، فإن أحد أسباب عدم فاعلية الترشيد في الكهرباء هو أن المباني الحكومية لا تدفع فاتورة الكهرباء، بل تدفعها وزارة المالية، لافتاً إلى أن تخصيص موازنات محددة لكل إدارة حكومية تلزمها بدفع الفواتير يحفز المسؤولين على الحد من الهدر الذي بلغ قرابة الثلاثة بلايين ريـال.

وأوضح التحقيق مستنداً لتقارير شركة الكهرباء أن كمية استهلاك القطاع الحكومي كاملاً في مدينة الرياض لعام واحد بلغ 8553725 ميجاوات بقيمة 2.2 بليون ريـال، فيما استهلكت المدارس الأهلية في العاصمة للفترة نفسها ما قيمته 10 ملايين ريـال. (صحيفة الحياة، الأربعاء 30 أكتوبر 2013).

ثاني هذه الممارسات تفعيل ظاهرة الجمعيات الخيرية, والعمل على سرعة انتشارها في محتلف أرجاء المملكة, وربطها بشبكة الكترونية تسهل عليها تتبع الأفراح والولائم وغيرها من المناسبات, بحيث نتسفيد بصورة مثلى من الطعام الفائض عن الحاجة ونسد به رمق المحتاجين.

مثل هذه الجمعيات تحتاج إلى دعم حكومي, لا نقول بالمال, ولكن نقول بتذليل الصعوبات, وتوفير الإمكانيات التى تعجز عنها, وربطها بالجهات الرسمية المعنية بسد حاجة المحتاجين, مثل الشؤون الاجتماعية وغيرها, إذ أن توفير قاعدة بيانات للمحتاجين, يسهل كثرا على هذه الجهات الخيرية عملها.

وكتجربة عملية رائدة فإن إحدى هذه الجهات الخيرية تمكنت بجهود ذاتية من حفظ 1.246.765 وجبة من الهدر خلال عام 2015 في كل من المنطقة الشرقية والرياض وجدة، ويتوقع أن تنجح فرقها التشغيلية في حفظ أكثر من 1.400.000 وجبة مع نهاية العام الجاري 2016م.

تلك هي القيمة الإيجابية التى ندعو للتركيز عليها إذا ما أصر مدمنو الهياط على تهييطهم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org