متخصص: حالة مرضية ذُهانية امتزجت بالمخدرات قادت الابن لقتل والديه

اعتبر قضية "السحيلي" بالبشعة والمؤثرة على المجتمع عامةً
متخصص: حالة مرضية ذُهانية امتزجت بالمخدرات قادت الابن لقتل والديه

اعتبر المتخصص في علم النفس الجنائي، الدكتور عبدالسلام بن عبدالله الأسمري، أن جريمة "السحيلي"،  جريمة بشعة ومؤثرة، ليس فقط على أسرة القاتل وإنما على المجتمع عمومًا.
وقال: مثل هذه الأفعال العنيفة تترك أثرًا سلبيًا في الوجدان العام للمجتمع بفقدان قيم يدور حولها الإحساس العام بالأمن والطمأنينة، وهذه القيم تعد رئيسة فيه مثل، البر، والوفاء، والرحمة، وغيرها من المعاني الخيرة، مؤكدًا أن هذه الجريمة تتجاوز كل المعاني الخيرة لتضع الجميع أمام شيء أشبه بالصدمة والذهول من القاتل.


ومن الجانب النفسي، قال الأسمري: نقف على جريمة أسرية منفذة ببشاعة من ابن لوالديه، والتفاصيل التي أثيرت حول طريقة القتل وأداة القتل (السكين) والإجهاز على الضحية ومن ثم الهرب, كل هذه التفاصيل تقودنا دون أدنى شك لحالة مرضية ذهانية ضلالية مع وجود تاريخ من تعاطي المخدرات لدى المريض، فامتزاج هذين العاملين الاضطراب الضلالي وتعاطي المخدرات نتج منه هذا الفعل الشنيع تجاه أهم شخصين في حياة هذا القاتل أم وأب.


وأضاف: عندما ننظر للضحية (الوالدين) فهناك ما يسمى بعلم ضحايا الجريمة، ومن ضمن أدواره دراسة الأدوار المحتملة للضحية في وقوع الجريمة عليه والآثار النفسية المترتبة على الجريمة، فنسأل : هل كان من الممكن للوالدين المغدور بهما أن يفعلا شيئًا أكثر لحماية أنفسهما وخصوصًا أنهما يتعاملان مع ابن مريض ومدمن؟.


وأردف: يحق لنا أن نسأل: مَن المسؤول عن وقوع وتكرار مثل هذه الجرائم البشعة في حق أفراد أسرة؟، وهذه الجريمة تعدُ سابقة أولى، فوقعت أكثر من جريمة سابقة بالطريقة نفسها أو قريب منها، وهل من الممكن أن نمنع مثل هذه الجرائم مستقبلاً  أو على أقل تقدير نحد منها ؟، الجواب : نعم.


وبيّن أنه ومن خلال ما توافر من معلومات أولية فإن الابن معروف لدى الجهات القضائية والأمنية والصحية بحالته وسلوكه، وإن له تاريخًا سابقًا في العنف ومراجعة المصحات النفسية فعلى من تُلقى اللائمة، هنا نستطيع التوقف عند القراءة النفسية للجريمة فقط ولشخصية القاتل فقط ولكن حدوث مثل هذه الجريمة يجعلنا نتساءل كمتخصصين : أين دور الجهات المعنية؟


وأشار الأسمري، إلى ما يُسمى بالفئات الخطرة والفئات المعرضة للخطر؛ الأولى ترتفع عندها احتمالية ارتكاب فعل عنيف ويمكن التنبؤ بأفعالها من خلال قراءة للشخصية والسلوك، ووجود تاريخ مرضي، أو تاريخ تعاطٍ، أو صدور تهديد مباشر من القاتل تجاه الضحية, وغيرها من التفاصيل التي من الممكن من خلالها التنبؤ بصدور فعل عنيف من الشخص، مشيرًا إلى أنه يوجد عندنا بالمقابل فئات معرضة للعنف وارتكاب الجريمة أكثر من غيرها مثل كبار السن، الأطفال, النساء.


وأكمل: في حالة "السحيلي" توافرت كل المعلومات التي تشير إلى سلوك عنيف ومتهور من الابن من خلال وجود تاريخ نفسي مرضي إضافة إلى احتمالية وجود تاريخ تعاطٍ، فأين دور المصحات النفسية في التعامل مع مثل هذه الحالات، وأين دور الأجهزة القضائية؟، وأين دور الأجهزة الأمنية؟، كلها أدوار مفقودة أو مشتتة للتعامل مع مثل هذه الحالات الخطرة، فمن كان يفترض به حماية الوالدين من هذا الابن؟ وهل كان واضحًا لدى الوالدين خطورة هذا الابن وما يمكن أن يُقدم عليه؟، هذه أسئلة قد نجد لها جوابًا ولكن إن لم تبحث لها عن جواب فاحتمالية استمرار وتكرار مثل هذه الجرائم وارد.


وانتقل في حديثه لدور المصحات النفسية في منع أو التقليل من احتمالية حدوث هذه الجريمة، فقال: لها دور كبير وجهد مشكور ولكن تقع هناك مسؤولية مباشرة على هذه المستشفيات والمصحات النفسية في التعامل الجدي مع حالات تهديد حياة الآخرين ووضع سياسة واضحة تشرك فيها جهات أخرى أمنية وقضائية, للتقليل من هذه المخاطر.


وأضاف: حسب علمي توجد هناك سياسة واضحة للتعامل مع حالات التهديد بالقتل الصادرة من المرضى النفسيين أو المتعاطين التي تصدر منهم تجاه أسرهم والتي تصطلي بنارهم، مبينًا الإجراء المتبع هو تنويم المريض إلى أن تبرز بوادر التحسن ثم يخرج من دون أي ضمانات أو حتى تحذير للأهل من خطورته أو تقديم اقتراحات للأسر المغلوبة على أمرها للتعامل مع هذه الحالات. فماذا من الممكن أن يفعل الوالدان أكثر من إدخاله للمستشفى؟


ويرى الأسمري، ضرورة إعادة تقييم السياسات في المصحات النفسية للتعامل مع الحالات المهددة لحياة الآخرين والتعامل معها بجدية، بما يتضمنه ذلك من تشخيص وتصنيف للحالات حسب خطورتها على المجتمع ووضع السياسات التي تقلل من هذه الخطورة وتحد منها.
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org