متطرفو الأمس.. تنويريو اليوم..!!

متطرفو الأمس.. تنويريو اليوم..!!

قال الشاعر:

ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ** كـــلا طــرفَيْ قصــد الأمــور ذميــمُ

تُعدُّ مشكلة التطرف من القضايا الرئيسية التي تهتم بها كثير من المجتمعاتالمعاصرة؛ فهي قضية يومية، حياتية، تمتد جذورها في التنظيم الهيكلي للأفكاروالمثل الأيديولوجية التي يرتضيها المجتمع..! والفكر المتطرف - شأنه شأن أي نسق معرفي - هو ظاهرة اجتماعية، تتأثر وتؤثر في غيرها من الظواهر،ومرتبطة إلى حد كبير بالظروف التاريخية والسياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية..! ولذلك يُعدُّ مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها أو حتىإطلاق تعميمات بشأنها، نظراً إلى ما يشير إليه المعنى اللغوي للتطرف من تجاوز لحد الاعتدال. وحد الاعتدال نسبي، يختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً للعادات السائدة في المجتمع!!

ما دعاني للتطرق إلى تعريف مفهوم التطرف، كمدخل للحديث عن بعض متطرفي الأمس، الذين تشبعوا بالأفكارالتكفيرية للمجتمعات والحكومات، أنهم قد تحولوا للضد تماماً، وأصبحوا يطلقون على أنفسهم "تنويريين"!! فهم كانوا متطرفين في أقصى اليمين، وهم اليوم قد أصبحوا متطرفين في أقصى اليسار، و كلا طرفَيْ الأمر ذميم!!

خروج بعض متطرفي الأمس في بعض القنوات الفضائية بين فترة وأخرى وهم قد خرجوا من عباءة التطرف الفكري الدينيإلى التطرف المضاد، ونقد للدين ولرجال الدين، على اعتبار أنهم أصبحوا تنويريين!!وهم ممن عانت منهم مجتمعاتهم كثيراً،فهم كانوا يكفّرون المجتمع والحكومات، بل بعضهم قد سُجن؛ لأنه قام بتفجير محل لبيع "أشرطة الفيديو"!! وحينما خرجوا من السجن، وقد لفظهم أفراد مجتمعهم المحيط بهم، تحولوا - فيما يبدو - إلىتنويريين "متطرفي أقصى اليسار"، ونصبوا أنفسهم نقاداً لكل مَن ينتسب للدين الإسلامي الحنيف..!!

وختاماً.. متطرفو اليوم، أو ما يسمون بـ"التنويريين"، يعيشون أزمة هوية، وانعدام ثقة، وأضحت شخصيات بعضهم مضطربة،فجُلّ أحاديثهم إن لم يكن كلها نقد للدين ولرجال الدين حتى لو ادعوا أنهم معتدلون،مع أنهم ليسوا مخولين بذلك، حتى حينما كانوا ينتسبون للتيار الديني ـ على حد زعمهم!! ـ ولا حالياً، على اعتبار أنهم تنويريون!! وأضحوا ينصبون أنفسهم جهات تحكيم، وجلادين للفكر الديني ولرجال الدين، مع أنهم يفتقرون لأدواته، فضلاً عن أن ينصبوا أنفسهم كموجهين ومصلحين للمجتمع، بل هم ينظرون للفكر الديني ولرجال الدين بنظرتهم سابقاً حينما كانوا تابعين للفكر المتطرف "المتشدد"؛ ولذلك هم لا يميزون بين الاعتدال في الدين والفكر الديني الصحيح، ولا بين التطرف وفكر المتطرفين المتشددين، رفاقهم بالأمس!! وأنصحهم من هذا المنبر بعدم الخوض في مسائل الدين أو نقد رجال الدين، لأسباب عدة، منها أنهم غير مؤهلين "وهذا سبب كاف بذاته!!"، و"فاقد الشيء لا يعطيه!!"، خاصة أن بعضهم يحمل شهادة المرحلة المتوسطة!! وأتمنى أن ينشغلوا بحياتهم، وتطوير مجتمعاتهم بكل شيء إيجابي، والتركيز على الإيجابية في المجتمع، بدلاً من التركيز كل التركيز على الفكر الديني، ونقده، وهم لا يملكون أدوات ذلك النقد..!!

والله الموفِّق لكل خير سبحانه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org