متلازمة تعثُّر تصريف السيول

متلازمة تعثُّر تصريف السيول

أكثر من 42 % من المساكن المأهولة بالسعودية لا تصلها الشبكة العامة للصرف الصحي؛ وتعتمد على البيارات - أجلكم الله -. هذا ما أظهره تقرير "المسح الديموجرافي 2016"، الذي أصدرته "الهيئة العامة للإحصاء" قبل أشهر. ومنطقيًّا، الأحياء التي لا تصلها شبكات الصرف الصحي لا تصلها أيضًا شبكات تصريف الأمطار، ولا تصلها شبكات تصريف السيول.

هذا سبب كافٍ لتعثر تصريف الأمطار والسيول، ولكن أيضًا الغرق حصل حتى في أماكن يوجد بها تصريف للأمطار. الغرق حصل في مدن ممتدة، مثل الدمام والخبر والرياض، وحصل في مدن جبلية بها تضاريس مرتفعات وأودية، مثل أبها وبقية منطقة عسير وأيضًا جازان. فنحن أمام مشكلة لها أسباب عدة؛ وبحاجة إلى علاج سريع.

بعيدًا عن الأسباب الإدارية (ضعف الكفاءات وضعف العقود والفساد الإداري والمالي واستغلال المقاولين ثغرات أنظمة العقود، وأيضًا تخطيط أحياء لا تناسب البناء) أكتبُ هذا المقال من الجانب الفني لأسباب فشل تصريف الأمطار والسيول في بعض أحياء وضواحي وقرى معظم مدن السعودية.

أولاً: مجاري الشبكة الرئيسية لتصريف الأمطار والسيول يجب أن تكون كبيرة، وتصب بميلان من أواسط المدن إلى خارجها، بشرط أن تصب أخيرًا في مناطق أدنى من ارتفاع المدينة. طبعًا سيكون تحت شوارع المدينة. وأيضًا يتطلب أن تكون الشبكة الرئيسية قابلة للتوسع من جميع الجهات؛ فالشبكة المصممة لخدمة 20 حيًّا سكنيًّا لا تستطيع خدمة 40 حيًّا سكنيًّا.

ثانيًا: مجاري الشبكة الفرعية يجب أن تكون بمقاسات هندسية ملائمة، وميلان مناسب، وتغطي جميع الشوارع والأحياء.

ثالثًا: إذا كان أحد الأحياء لديه شبكة تصريف سيول جيدة، ولكن هذا الحي يقع بجوار حي آخر أو أحياء عدة ليس لديها تصريف للسيول؛ فبالتأكيد شبكة ذلك الحي لن تستطيع تصريف سيول كل هذه الأحياء؛ فالمجرى الأخير يكون عنق الزجاجة، ويحدث الغرق.

رابعًا: كل حي يُعتبر واديًا؛ فالشارع مجرى سيل، يحده من جهة منازل، ومن الجهة الأخرى منازل أخرى، وجميعها بمنزلة الجبال التي تدفع الأمطار إلى جهة الشارع. ففتحات شبكات التصريف يجب أن تكون باتساع يستوعب كميات الأمطار التي تهطل على الشوارع وعلى المنازل.

خامسًا: لدينا أحياء مبنية في مناطق، كان يفترض أن لا تكون مناطق سكنية. وهذه المناطق بحاجة إلى اهتمام خاص لتصريف السيول، وأيضًا يجب عدم التوسُّع بها.

سادسًا: الأنفاق تواجه مشكلة عدم نجاح عمل المضخات الكهربائية، وأيضًا مشكلة ضيق فتحات التصريف، وهي أيضًا منخفضة عن الأحياء المجاورة؛ فتصب مياه الأمطار تجاه النفق؛ إذ إنه منطقة منخفضة بالنسبة للحي.

تجاهل وضع الحلول سيعقّد المشكلة أكثر، ويصعّب حلها. والحلول يجب أن لا تكون بالفكر السابق نفسه؛ فليس من المعقول أن تغرق جميع مدننا في زمن واحد (خلال سنوات قليلة)! وهذا لافت للانتباه. أيضًا لماذا نحن؟ يلاحظ أن السعودية من الدول التي تغرق بسبب الأمطار والسيول، مع أن الأمطار قليلة جدًّا نسبيًّا مقارنة بالدول الأخرى التي لديها أمطار طوال السنة، ولا تغرق إلا من الفيضانات وليس السيول.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org