محمد بن سلمان.. والمحاور الحرجة (2 من 2)

محمد بن سلمان.. والمحاور الحرجة (2 من 2)

تحدثتُ في المقال السابق بأنه لضمان نجاح رؤية السعودية 2030 نحتاج إلى التركيز على محاور حرجة ذات أهمية بالغة للرؤية، التساهل فيها أو إهمالها يترتب عليه تبعات سلبية بالغة الأثر على الرؤية الطموحة.

وأشرت في ذلك المقال إلى أن من أهم تلك المحاور هو وجود قيادات وزارية، تمتلك مهارات عالية في القيادة والإدارة. ودعوت إلى تبني الرؤية لبرنامج متكامل باسم "صناعة القيادات في السعودية".

وأستكمل هنا بقية المحاور الحرجة. الأول منها ما يتعلق بالإعلام وتطوير مؤسساته وسياسته واستراتيجياته. والمؤسف أن الرؤية لم تُشِر إلى ذلك بشكل واضح وملموس.

فلا يمكن لرؤية بتلك الضخامة والحجم، تسعى لأن تكون العمق العربي والإسلامي، وقوة استثمارية رائدة، ومحور ربط القارات الثلاث، وهي تسير بإعلام تقليدي رتيب، يفتقر للاحترافية، ولا يمتلك الحد الأدنى من المنافسة الإقليمية عوضًا عن العالمية.

إعلامنا الحكومي لا يعكس بشكل مهني ومحترف الصورة الحقيقية للمملكة ومكانتها إسلاميًّا وعالميًّا. وكمؤشر لضعف الأداء، لننظر إلى مستوى الخلل والضعف الشديد في التعاطي مع إحدى أهم المراحل الحرجة التي مرت بها السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة، المتمثلة في عاصفة الحزم. تعاطٍ متواضع للغاية، لا ينم عن قدرة على التعامل مع الأزمات، والعمل على إظهار موقف السعودية بشكل منهجي ومؤسسي أمام العالم.

في المقام الآخر، دعونا ننظر إلى القناة الإنجليزية الثانية؛ كونها تستهدف غير الناطقين بالعربية، ونرى مستوى أدائها وإخراجها، التي لم تستطع أن تنجح فيه داخليًّا، فكيف بها خارجيًّا؟!

وهناك جانب بالغ الحساسية، نتساءل فيه بشفافية ووضوح، عمن يحرك الرأي العام الداخلي؟ وما هي البرامج الأكثر تأثيرًا في رأي الشارع السعودي؟.. الإجابة بكل سهولة ستجدونها في قنوات أخرى ليس منها برامج تبث من قنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون. فكيف لهذا الإعلام أن يحاكي ضخامة تلك الرؤية، ويساير مضامينها وأهدافها إعلاميًّا؟!! ألا يعد هذا مؤشرًا خطيرًا؛ يستدعي مراجعة أداء وزارة الإعلام وهيئتها؟!!

وكنت قد تساءلت في مقال سابق عن دور إعلامنا من التشويه المتعمد للمملكة في الطاحونة الإعلامية الغربية؟ وما هي قنوات الهيئة وبرامجها التي تؤثر في العالم العربي، وتصنع رأيه العام؟ لماذا تأتي السعودية في المؤخرة في هذا الجانب الحساس الحرج؟ ما أسباب هذا القصور والخلل؟ وأين مكمن الحل؟!! وكيف نستطيع أن نصل للعالمية في رؤيتنا ونحن نسير بإعلام أعرج؟!!

رؤية 2030 بحاجة ماسة إلى أن تنظر بشكل عميق لوزارة الإعلام، وتطوير أدائها وأداء هيئتها؛ فنحن بحاجة إلى تجاوز الطروحات السطحية في التعاطي مع الإعلام وسياساته، ونتذكر أن السعودية محط أنظار الشعوب الإسلامية، التي تنتظر أن يكون الإعلام السعودي ممثلاً للإعلام الإسلامي الذي يتميز بحداثة الأسلوب، وحرفية العمل الذي يمزج بين التشويق والجاذبية، وينافس القنوات الفضائية العالمية بعزة قيمه ومبادئه.

محور حرج آخر في غاية الأهمية للرؤية.. فهي لم تتحدث بشكل واضح حول الاهتمام بجانب البحث العلمي وتطويره؛ ليصبح رافدًا أساسيًّا للرؤية، ومحركًا لاتخاذ السياسات والقرارات والاستراتيجيات المبنية على البحث والمعرفة. لو التفتنا قليلاً للنهضة التنموية الشاملة التي ظهرت في سنغافورة وماليزيا - على سبيل المثال - لعلمنا أن تطوير المؤسسات البحثية كان ركيزة أساسية لذلك.

وأخيرًا، ونحن نتحدث بروح طموحة ومستشرفة لمستقبل مشرق - بإذن الله - علينا أن نتعلم من الدروس السابقة، ولعل من أهمها الدرس القاسي الذي مر علينا عام 2006، عندما ظهر مشروع الإصلاح الاقتصادي الضخم، الذي ضُخَّ فيه مئات المليارات، ولم يستطع المواطن أن يرى شيئًا ملموسًا أمامه حتى الآن في تحسين دخله وحياته المعيشية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org