مراكز لتعليم المرأة قيادة السيارة

مراكز لتعليم المرأة قيادة السيارة

كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول موضوع قيادة المرأة السيارة في مجتمعنا السعودي، الذي يرى أغلبيته أن اتخاذ مثل هذا القرار يعد فتحًا لباب من المشاكل؛ ففضلوا سدًّا لهذا الباب منع المرأة من ممارسة هذا الحق المشروع. وقد جاء ذلك بعد أن تم عرض المقترح من أعضاء مجلس الشورى مرات عدة، لكن أعضاء المجلس أبدوا حذرًا شديدًا من التصويت عليه لطرحه للمناقشة؟! وظل الاقتراح بين مد وجزر على كل المستويات الفكرية والاجتماعية؛ لأن البعض من أفراد مجتمعنا يرون أن الصواب هو منع المرأة من ممارسة هذا الحق الذي نراه حقًّا حضاريًّا ولها كامل الحرية في اكتسابه وممارسته، ويجب أن لا نحرم نساءنا وبناتنا من حقوقهن، بما فيها حق قيادة السيارة، دون الزج بهن إلى متاهات الاختلافات المذهبية، التي جعلت من بعض العادات عبادات! لأن البعض ينطلقون من هذه الأفكار في اتخاذهم أغلب المواضيع المتعلقة بالمرأة بحساسية مفرطة.

وفي المقابل (مؤخرًا) هناك وعي من أغلب أفراد المجتمع بهذا الحق الديني الإنساني المشروع للمرأة؛ بصفتها إنسانًا قبل أن تكون أنثى؛ إذ لا يجب علينا أن نكون قاصري النظر باتخاذ قرارات متزمتة، لا تتلاءم مع العصر، بل الأجدر بنا مواكبة العصر، والنظر إليه من منظار المدى البعيد، الذي سيعود علينا بالنفع اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا، وعدم النظر إلى قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في الغد القريب بصورة قاصرة.

لذا أقترح، وقبل صدور (قرار) السماح بقيادة المرأة السيارة، البدء و(الإسراع) في إنشاء وتهيئة مراكز لتعليم القيادة في مناطق عدة، ثم إعداد كوادر نسائية لتعليم نسائنا قواعد القيادة، والدخول في تدريبات واختبارات على الأنظمة وقواعد السلامة المرورية الحديثة؛ للحصول على رخصة السير، وتحديد مناطق ومدن معينة كمرحلة أولى للسماح لهن بالقيادة، ومن ثم يتم تعميمه على بقية المناطق الأخرى بشكل تدريجي؛ فالقرار بإنشاء مراكز لتعليم القيادة والأنظمة وقواعد السلامة المرورية يجب أن يُتخذ، ويتم تقنية وتحضير الظروف المناسبة له اليوم؛ ليصبح قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة ساري المفعول في الغد البعيد.

ختامًا.. يجب وضع ضوابط معينة لمثل هذا القرار، وضرورة السيطرة على مجالات تطبيقاته. ومن الضروري كذلك أن يتزامن إصدار القرار مع سَنّ تشريعات وعقوبات رادعة بحق المخالفين، ممن يثبت مضايقتهم للنساء أثناء القيادة، أو مَن يعطل أو (يشوش) ويسعى على تعطيلها؛ حتى لا تعم الفوضى، إلى أن يصبح المجتمع واعيًا ومؤهلاً لتطبيق مثل هذه القرارات الاجتماعية الحضارية.

يجب النظر إلى مسألة قيادة المرأة السيارة من زاوية ثقافية اجتماعية إنسانية؛ باعتبارها صورة من صور الحضارة الحديثة، وعلينا مساعدتها على الانتشار في المجتمع بدل التصدي لها ومنعها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org