مرحباً بالضيف القادم!

مرحباً بالضيف القادم!

لنفترض أنك تلقيت اتصالاً من قائد أو حاكم أو مسؤول، يخبرك بأنه قادم لزيارتك بعد أيّام عدة؛ ماذا كنت فاعلاً يا ترى؟! أي استقبال وحفاوة كنت ستعدّ لذلك اليوم؟ وأي تجهيزات وتحضيرات لمكان الضيافة ومجريات الزيارة كنت ستفعل لذلك اللقاء؟!

وماذا إذا كان ذلك الزائر من ملك الملوك؟

أيام معدودة وسيطرق أبوابنا ضيف لطيف، يفد إلينا مرة كل عام، فيه تتضاعف الأجور، وبحبه تخفق القلوب، ولرؤية هلاله تتطلع العيون؛ إنه شهر الرحمة والقرآن، فيه تُفتح أبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران، ويُصفد فيه كل شيطان. رمضان الخير؛ الضيف العظيم الذي يقبل علينا بهدايا مغفرة الذنوب وبليلة خير من ألف شهر فيها يُفرق كل أمر حكيم.

في هذا الشهر الذي فرض فيه الصوم بالإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس؛ يبدأ فيه معظم الناس بشراء العديد من الأغذية والسلع، ويتفننون في إعداد معظم الوجبات المختلفة والأصناف المتعددة، ويقضون الساعات في الطبخ، والتحضير دون وعي منهم أن ساعات طويلة من الصيام والجوع تحتاج إلى أطباق خفيفة وصحية قليلة في سعراتها، وكثيرة في فوائدها حتى لا يقضي الصائم الساعات الأخرى التي تلي الإفطار في الكسل والثقل والتخمة، وبالتالي عدم القدرة على الإنجاز في الدين والدنيا إزاء ذلك!

من المواقف التي أذهلتني وأثرت فيّ كثيراً حين زرت إندونيسيا (جزيرة لومبوك) في أحد الرمضانات السابقة، نهج الشعب الإندونيسي وقت الإفطار؛ حيث يمارس كل منهم عمله الذي يقوم به، وقبيل أذان المغرب بقليل يبدأ كل منهم في فرد السفرة في الحدائق وعلى الأرصفة، ووضع الفاكهة والماء فقط؛ لم أرَ أطباقاً منوعة من الحلويات والمعجنات، ولَم ألحظ تلك النفسيات الغاضبة كالتي لدينا قبل الإفطار، بصراحة جعلوني أشعر بالبساطة ولذة الصيام، وأنهم شعب يأكل ليعيش، في حين كأننا نعيش لنأكل.. لنأكل فقط.. مع الأسف!

من هنا آمل أن نأخذ في هذا الرمضان منحى جديداً آخر.. وأن نكرم ضيفنا في العبادة والسلوك الغذائي الصحي والتعامل الحسن، وليكن هناك برنامج ديني للروح، وثقافي للعقل، وغذائي للجسم، ويتم الحرص على اتباعه والتنافس في ذلك مع صديق أو قريب.

الخلاصة

شهر رمضان شهر عبادة واجتهاد وتضحية بملذات الدنيا؛ من أجل يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. فاللهم أحيِنا حتى نلقى ضيفك ويلقانا بكل خير.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org