"مساعد الرشيدي".. شاعر سعودي تألّق بحب الوطن والشعر والجمال

"مساعد الرشيدي".. شاعر سعودي تألّق بحب الوطن والشعر والجمال

في آخر قصائده فاض شعره بحب الوطن والمدافعين عن ترابه الغالي
تم النشر في

 في آخر قصائده أبى شاعر الوطن الراحل مساعد الرشيدي إلا أن يفيض بشعر في حب الوطن، ورجاله، ومن يدافعون عن ترابه الغالي كالبطل جبران عواجي، الذي قال فيه: 

‏‏ما دام يولد للوطن مثل جبران ** ‏تموت عدوان الوطن ما تطوله

والشاعر مساعد الرشيدي، الذي ينبض بحب وطنه، والأهل، والشعر، والجمال.. اكتملت دائرة إبداعه وهو لا يزال مقبلاً على الحياة، إذ قدّم ما لديه من شعر جميل ومضى، أسهم في تحديث الساحة الشعرية، وتطويرها مع زملاء شعراء مبدعين آخرين، وتحسين مفردات الشعر الشعبي وصوره، وقدّموه في أزهي ألوانه.

يقول "الرشيدي" أثناء زيارة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، له مؤخراً في المستشفى:

ما بي خلاف يا رمز الحرس لا تخاف** طبت وارتحت من هم المرض يوم جيت

ومساعد الرشيدي الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح اليوم الخميس، قدّم في أشعاره الكلمة الرائعة، والصورة الجزلة، وجسد المرحلة التاريخية التي عاشها وتفاعل معها في أغلب تفاصيلها، ومنعطفاتها.

ولأن صورة المبدع الحقيقي في أي مجال لا تتضح في أحيان كثيرة، وربما لا تكتمل إلا إذا عرفنا جانباً من حياته، والظروف التي رافقت تكوينه، ففي بداية حياته، ومع براءة الطفولة، وعنفوان الحلم قضى مساعد الرشيدي، أول فترات طفولته في الكويت المتألقة شعراً ووعياً في حينها، ثم انتقل مع والده الذي كان يعمل في الجيش السعودي إلى الجنوب، وتحديداً خميس مشيط، وهناك في مرابع الطفولة تفتحت موهبته الشعرية، وانطلق في مسارات الشعر في بدايات صغيرة متعثرة، لكنها واعدة، وقال متذكراً فترة طفولته:

تذكرين الغـلا والصيـف يالسـودة ** لمّـة البرق.. والخـلان والـراعـد 

تذكرين القصيد.. وسلْمهـة سـودة ** واحـدٍ كـان ما مثلـه ولا واحــد

وفي مدينة الرياض الْتحق بكلية الحرس الوطني، وتخرج، وعمل، وأقام فيها، وفي حب الرياض، ونجد، والوطن الكبير يتألق مساعد الرشيدي قائلاً:

نجد ما تعطي العصمة لغير الفحول ** ما يروع العذية حلم بهلولها

من طمع عقب "أبو تركي" بنجد مهبول ** حكمة يشهد الحاضر بمدلولها

أقبل الحق والباطل زهوقٍ ملول ** وانحنت هامة التاريخ من هولها

ويقول بعد أن ابتعث لأمريكا لدراسة العلوم العسكرية، حزيناً، متذكراً الوطن، والأهل، والأحباب في إحدى قصائد الغربة الشهيرة:

حزين من الشتاء ولّا حزين من الضما يا طير** دخيل الريشتين اللي تضفك حل عن عيني

واستطاع مساعد الرشيدي -رحمه الله- أن يضع لنفسه خطاً شعرياً مميزاً مليئاً بالصور الشعرية الجميلة، والكلمات العذبة المنتقاة بعناية؛ وبعلاقاته القوية، الصادقة مع زملائه في الساحة الشعرية، الذين لقّبوه بسيف الشعر نسبة لقصيدته الشهيرة "سيف العشق"، وقد تميزت الأمسيات الشعرية الناجحة التي كان يحييها داخل المملكة وفي مدنها المختلفة، وفي خارجها في عدد من الدول الخليجية، بكثافة حضورها من محبي الشعر وعشاقه.

رحم الله الشاعر مساعد الرشيدي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، فبمقدار ما هو مبدع فهو نموذج لمبدعين سعوديين في مختلف المجالات من جيل الأحلام الكبيرة، والتطلعات الشامخة، من جيل أراد أن تكون الحياة أكثر جمالاً، وصدقاً، وبياضاً، وحياة أفضل، ووطن شامخ، ولو أسعفه الوقت لسنوات أطول لربما استطاع أن يقدّم الكثير من الإبداع بعد أن نضجت تجربته الشعرية كثيراً.

يقول الراحل في إحدى قصائده، شاعراً بقرب أجله:

تعبت من القصيد من الجروح من انتظار طال ** تعبت استقبل طعون الزمن واربت على كتفه

تعبت من الكلام من السكوت اللي يهد ّالحال ** تعبت أكثر من الحزن الذي.. ما ينتهي عزفه

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org