من التنافس على بيع الخمور إلى رياض حفظ القرآن الكريم.. اقرأ القصة؟

لحظة التنوير كانت في (البار).. وهذا الثمن الذي دفعه والدي ورفضت
من التنافس على بيع الخمور إلى رياض حفظ القرآن الكريم.. اقرأ القصة؟

تصوير: ظافر البكري: تشتهر دولة سلوفينيا عن دول البلقان الأخرى بتجارة الخمور، حتى أنهم أقاموا معاهد خاصة تمنح خريجيها من الطلاب والطالبات شهادة تخولهم العمل في البارات المنتشرة في أنحاء بلادهم. وعلى الرغم من انشغال عامة الناس في البحث على قوت يومهم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي إلا أن معظم الأصدقاء يحرصون على الالتقاء مع بعضهم في هذه البارات التي تكلفهم مبالغ باهظة؛ باعتبارها فضيلة اجتماعية!!

 

ثابت زوكاتوتش وأسمير شابوتش شابان من أصول مسلمة، لكنهما لا يعرفان الإسلام. كانا يتنافسان على بيع الخمر، ولا يعرفان بعضهما؛ فهما من أشهر تجار الخمور في السابق، والآن أصبحا يتنافسان على حفظ القرآن الكريم. فثابت كان أنجب طلاب معاهد الخمور في سلوفينيا، واستطاع أن يملك في سن مبكرة من عمره بارًا، يدر عليه ما يقارب 500 يورو يوميًّا. فيما أسمير كان مديرًا لأشهر سلسلة خمور في دولة سلوفينيا، التي تعود ملكيتها لوالده.

 

" سبق" التقت هذين الشابين في العاصمة لوبليانا لمعرفة قصة إسلامهما، وكيف تركا حياة المال والأعمال؛ ليبحثا عن عمل؟ وما هو الكتاب الذي قرأه "ثابت" ودفعه لتكسير البار بمحتوياته بعد 5 سنوات من افتتاحه، وسكب النبيذ على الأرض؛ ليعلن بعدها أنه مسلم، والمسلم لا يشرب الخمر ولا يبيعه؟ وما هي الأعطية التي منحها "والد أسمير" لابنه؛ ليعدل عن قراره، ويترك إدارة سلسلة الخمور؟

 

يقول ثابت زوكاتوتش لـ"سبق": أود أن تعلموا شيئًا مهمًّا. إن انتشار البارات أمر طبيعي في سلوفينيا؛ فمعظم الناس هنا يترددون عليها. ففي اليوم الواحد يدخل أكثر من 100 شخص البار الواحد، بخلاف أيام العطل الأسبوعية. وهذا الرقم يتضاعف. والغريب هنا الشخص الذي لا يشرب الخمر؟! كانت إجابة زوكاتوتش بالنسبة لنا صادمة!!

 

وتابع حديثه: اتجهت للدارسة في معهد لتعليم بيع الخمور، وتقديمها، وأنواعها، وطرق صناعتها.. وتخرجت وأنا عمري 18 عامًا، وحصلت فورًا على عمل في أحد البارات، ثم استطعت أن أفتتح بارًا خاصًّا بي.

 

وأضاف: لا أستطيع أن أحصي زبائن البار، لكنهم كثر. يأتي في اليوم الواحد أكثر من 100 شخص، ويرتفع العدد في العطل الأسبوعية إلى الضعف. تقدر أرباحي اليومية الصافية بـ 500 يورو. إنه مبلغ مرتفع جدًّا. كل شيء أستطيع توفيره بسهولة، لكني أعيش في قلق داخلي، ولم ألقِ لهذا القلق أي أهمية.

 

وتابع: بعد خمس سنوات من افتتاح البار ذهبت إلى دولة البوسنة والهرسك لغرض التجارة، وأثناء وجودي في البوسنة وقع بيدي كتاب (القرآن الكريم) مترجم باللغة البوسنية، التي أعرفها جيدًا. هذا الكتاب موزع من السفارة السعودية.

 

وقال: قرأته قراءة سريعة، لكني لم أفهم ما يدور فيه. في الحقيقة شعرت براحة أثناء قراءته، وابتعد القلق عني؛ فقررت أن آخذه، وقلت في نفسي "لاحقًا سأقوم بقراءته". وبالفعل، أخذته معي، ولكني لم أقرأه مباشرة لانشغالي في مشروع البار. وبعد مرور أشهر قررت أن آخذ الكتاب، وأذهب به لأحد المسلمين؛ ليقوم بقراءته لي وشرحه.

 

وأضاف: شرح لي المسلم الآيات الموجودة فيه. وسألته ماذا يقول عن الخمر؟ وقرأ عليَّ الآية {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}. وأيضًا قال لي إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال إن الخمر "لعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها". عدت مرة أخرى لعملي، لكن هذه الآية وهذا الحديث بقيا في قلبي.

 

وقال: أثناء وجودي في البار كنت أسأل نفسي "هل حياتي ستبقى دائمًا هكذا؟ هل الإنسان هدفه في الحياة أن يكون فقط تاجر خمور؟". كنت أراقب المخمورين وتصرفاتهم ومشاجراتهم، وكأني لم أشاهدهم من قبل، حتى قررت أن الصواب هو ما قالته الآية القرآنية وليس ما أصنعه أنا؛ فقلت في نفسي "والله لن أبيع شيئًا لعنه رسول الله"؛ فقررت فورًا إغلاق المحل، وتكسير جميع محتوياته، وسكب الخمر على الأرض. ومنذ تلك اللحظة وأنا أشعر بسعادة رغم أنني لا أملك المال، وليس لدي عمل مستمر، ولكن الحمد لله الآن أتممت حفظ جزء عمَّ، ولن أعود إلى ما كنت عليه؛ فالسعادة الحقيقية مع القرآن.

 

حكاية أسمير شابوتش
 ويروي أسمير شابوتش: منذ صغري وأنا أعرف والدي تاجر خمور، ولديه سلسلة من البارات في كل أنحاء سلوفينيا، وهو يعتبر أشهر تجار الخمور، ولا يزال مع الأسف. وحقيقة، إن الحديث عن مسألة الخمور لا أعتبرها حكاية جيدة؛ فنحن كنا نعتقد أن الوسيلة الوحيدة التي تجلب السعادة هي المال! وهذا بالطبع غير صحيح.

 

وأضاف: قمت على طاعة والدي منذ صغري حتى شارفت على سن الثلاثين وأنا على ذلك حتى أموت؛ فبر الوالدين واجب شرعي وأخلاقي، إلا أن البر والطاعة في مسألة العودة للغرق في تجارة الخمور مستحيل، ولن يحصل مهما كلفني الأمر.

 

وتابع: ليس هناك دافع معين للعودة للإسلام، ولكن ما تراه في عالم الخمور ربما هو الباعث الحقيقي للبحث عن الطريق الصحيح الذي وجدته في الالتزام بدين الإسلام وقراءة والقرآن.

 

وقال: قررت بكل شجاعة أن أترك العمل في الخمور. وقد عرض علي والدي أن يمنحني أحد فروع البارات للعودة للعمل، لكني رفضت هذا العرض. ورغم المحاولات المستمرة للعودة إلا أنني رفضت كل الضغوط التي مارسها ضدي بقطع كل الأموال أيضًا؛ فقررت عدم العودة. وقد فضلت العمل عاملاً في مواد البناء، وهي مهنتي الآن، والحمد لله أعتبرها أكبر تجارة؛ فمالها باق، ومال الخمور كالسراب، لا تستطيع الإمساك به.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org