مهزلة التعليم وفكر سيادة الوزير!

مهزلة التعليم وفكر سيادة الوزير!

من نافلة القول التأكيد على أن التعليم عصب التقدم لأية أمة, وأن الأمم السابقة في مجال التقدم العلمي والتقني، ارتكزت في نهضتها على التعليم, والأمم التي ارتكست وتخلّفت عن ركب التقدم هي الأمم التي تنكّرت لأهمية التعليم ومحوريته.

وهذه الأمم التي تَقَدّمت لم تكن أهمية العلم بالنسبة لها مجرد شعارات طنانة, أو مؤتمرات براقة؛ إنما كان التعليم بالنسبة لها استراتيجية محددة الخطوات, وهوية واضحة المعالم, ومشروع نهضة لا يقف أمامه شيء, ولا يتقدمه شيء البتة.

وغالب تلك الدول لم يُكثر الحديث عن حتمية العلم، وكونه قُطبَ الرحى في عملية النهضة؛ وإنما أكثرت الفعل في التخطيط لعملية تعليمية متزنة ورشيدة؛ باعتبارها مشروع الدولة لا الوزير, ومستقبل أمة, لا مستقبل وزارة.

فلا علاقة بين استمرارية العملية التعليمية وخطتها، وبين مستقبل الوزير أو تعثرات الوزارة؛ فالوزير والوزارة لتنفيذ سياسية الدولة ورؤيتها في العملية التعليمية, وليس لوضع استراتيجية التعليم وأهدفه؛ فذلك أكبر من الوزير, وأبعد في أهميته من أن يُسند إلى وزارة.

حقيقة نقولها بلا مواربة, ولعلها تكون صادمة.. إننا تَنَكّبنا الطريق الصحيح, وأهملنا شأن التعليم, حينما جعلناه ألعوبة بِيَد الوزراء, الغادي منهم والرائح, وبعض المسؤولين, الذين ليسوا على قدر المسؤولية ولا حجمها.

هذه الحقيقة وتلك الصدمة, فجّرها في صمت نائب محافظ هيئة تقويم التعليم الدكتور صالح الشمراني؛ حيث أرجع ضعف جودة التعليم في المملكة إلى ستة عوامل، لخّصها في: تعقد النظام التعليمي، وعدم وجود رؤية واضحة حيال التعليم، وأيضاً غياب المهنية في البرامج التطويرية وإصلاح التعليم، وعدم الاستقرار في تطوير التعليم؛ لكون التعليم يمر بتغييرات عدة مع كل وزير، إضافة إلى عدم استمرارية البرامج التطويرية السابقة؛ حيث يتم تصميم برامج تُكَلّف مئات الملايين، ومِن ثَمّ يأتي وزير بفكر جديد وينسف كل الجهود السابقة، وأخيراً ضعف الكفايات لدى المعلمين.

والعوامل سالفة الذكر قد يسهل علاج بعضها وتلافي آثارها؛ إلا أن عدم وجود رؤية واضحة حيال التعليم, إضافة إلى عدم استمرارية البرامج التطويرية نظراً لارتباط العملية التعليمية بفكر سيادة الوزير؛ لهي الحالقة التي لا تحلق الشعر؛ ولكن تحلق الحاضر والمستقبل.

وللحديث بقية..

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org