مُلّاك مدارس أهلية: لدينا التزامات سددوا الأقساط.. أولياء أمور يردّون: أسعاركم "جنونية" وأبناؤنا ليسوا سلعاً تجارية

"سبق" تفتح ملف تأخر دفع الأقساط المدرسية.. وبوادر "أزمة" حجز النتائج والشهادات
مُلّاك مدارس أهلية: لدينا التزامات سددوا الأقساط.. أولياء أمور يردّون: أسعاركم "جنونية" وأبناؤنا ليسوا سلعاً تجارية

- "التعليم": على ملّاك المدارس الأهلية اللجوء للجهات الرسمية للمطالبة بحقوقهم المالية، وعدم إدخال الطالب في هذه الإشكالات.

- "الخضيري": المطلوب ألا يغفل حق المدرسة ولا حق الطالب.. ولا بد من تدخّل الوزارة بشكل أكبر.

- "الزغيبي": التأخر في السداد يوقع الطرفين في ارتباك، والطالب يتأثر تربوياً وتعليمياً.

- مالكة مدرسة: لا يمكن دفع رواتب المعلمين وتحسين البيئة التربوية مع تأخر دفع المصروفات بهذا الشكل.

- "السويدي": أغلب ملّاك المدارس الأهلية يصبح المال فقط هدفهم الأساسي ولا يعنيهم المسؤولية الاجتماعية.

- "متحدث" التعليم: تأخر رسوم الطالب ورواتب المعلمين ليست من مسؤوليات "التعليم"؛ فهي عقود موقّعة بين الطرفين.

تحمل نهاية كل عام دراسي توتراً كبيراً بين ملّاك المدارس الأهلية من جهة وبعض أولياء الأمور من جهة أخرى، والسبب دائماً يرجع إلى التأخر في سداد الرسوم الدراسية الواجبة على الطلاب، ويلقي كل طرف باللوم على الآخر؛ فالآباء يشكون من ارتفاع أسعار المدارس التي أنهكتهم، وملاك المدارس يعانون من عدم المقدرة على الإيفاء بالتزاماتهم المالية؛ في ظل غياب المصدر الرئيس للمصروفات وهي الأقساط المدرسية؛ في حين ترفض وزارة التعليم التدخل في هذه الأمور، وترى أن مصلحة الطالب هي الأهم.

تعرض "سبق" القضية للنقاش؛ محاوِلَة الوصول إلى حلول عملية تُرضي الطرفين.

الأمان الوظيفي- مدارس أفلست

أوضح مدير عام مدارس "التربية النموذجية" والرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للتربية والتعليم خالد الخضيري، أن المدارس الأهلية اعتمادها على الرسوم الدراسية فقط في جمع إيراداتها؛ حيث تُعَدّ الأقساط المدرسية هي المصدر الرئيس في دفع كل التزاماتها، وتمثل الرواتب وحدها حوالى ٦٦% من القيمة.

مشيراً إلى أهمية أن يشعر المعلم بالأمان الوظيفي، وبراتبه بانتظام لاستكمال المنظومة التعليمية بشكل منضبط، وهو ما يعود على الطالب بالفائدة.

وتابع: نواجه مشكلة تأخر دفع الأقساط بنسبة 15% من عدد الطلاب، وقد ألزمت الوزارة المدارس الأهلية حتى لو لم يسدد الطالب، بالانتقال إلكترونياً عبر"نور" إلى أي مدرسة أخرى، وعلى الملاك اللجوء إلى الدوائر الرسمية للمطالبة بحقوقهم الشخصية على أولياء الأمور، وعدم إدخال الطالب في إشكالات هو ليس سبباً فيها؛ مما تَسَبّب في كثير من الضرر لأصحاب المدارس، وقال: المطلوب ألا تغفل حق المدرسة كما لا تغفل حق الطالب؛ حتى لا يقع ضرر على المدرسة؛ لافتاً إلى أن المشكلة تظهر بشكل أكبر في المدارس الصغيرة التي أشرفت على الإفلاس.

ضعف الوعي

أما مدير مدرسة المناهج الأهلية الابتدائية للتعليم د.غسان الزغيبي؛ فقال لـ"سبق": التأخر في السداد يوقع الطرفين في ارتباك؛ فالطالب يتأثر تربوياً وتعليمياً حين يعمد الملاك إلى حجز النتائج والشهادات الدراسية والملف بأكمله لحين إتمام السداد بشكل كامل، والملاك ربما تأخروا في سداد ما عليهم من حقوق تجاه العاملين في مدارسهم، واستمرار هذه الدوامة يعمل على الإضرار بجميع الأطراف، وهذا ليس في مصلحة أي منهم.

وحول أسباب التعثر في السداد أو التأخر لدى بعض أولياء الأمور، يرى "الزغيبي": ضعف الوعي المالي لولي الأمر وما يتبعه من إهمال وتكاسل حتى موعد تسليم النتائج؛ فلا يجد ما يسدد به ما عليه من التزامات تجاه المدرسة، كما أن تكرار رفع الرسوم الدراسية مع ضعف تطوير البيئة التعليمية، يجعل ولي الأمر يطالب بنتائج واضحة لتلك الزيادات؛ حيث يلمس تدهوراً في الخدمات التعليمية؛ فيبدأ بالممانعة عن دفع باقي الرسوم.

وتابع: هناك فئة أخرى من أولياء الأمور تعاني من تدني مستوى الدخل مقارنة بارتفاع الرسوم الدراسية، وبعضهم يضطر إلى إبقاء الطالب في المدرسة الأهلية؛ في ضوء قلة المدارس الحكومية التي يمكن أن تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب وسكان الأحياء السكنية الجديدة؛ حيث تزيد معاناتهم أكثر لعدم وجود مدارس حكومية في حيهم؛ فيلجأون إلى المدارس الأهلية، التي هي في الغالب ذات رسوم عالية.

دعم المدارس

وعن الحلول المقترحة، قال: المطالبة بالسداد المبكر قبل بداية العام الدراسي أو الدفع من خلال اتفاقية مع أحد البنوك المحلية لتقسيط الرسوم الدراسية "بضمان البنك"، كما يمكن لبعض المدارس تكليف مكاتب المحاماة لرفع قضايا لدى المحاكم لاسترداد حقوقهم المالية؛ مقترحاً بدء بعض المستثمرين بالتعليم الخاص على عمل تحالف لعقد اتفاقية مع الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة" لتوقيع اتفاقية لحماية حقوقهم المالية، عبر وضع المتعثرين من أولياء الأمور في "القائمة السوداء"؛ حتى لا يستمر ولي أمر الطالب بنقل ابنه من مدرسة لأخرى دون السداد للمدرسة السابقة.

وحول دور وزارة التعليم يقول: "عليها إيجاد حلول تحمي من خلالها حقوق الطلاب وتوازنها مع حقوق المستثمرين، ولعل إعطاء دعم للمدارس الأهلية سيكون له الأثر الأكبر في استمرار الطلاب في تلك المدارس التي يدرس بها؛ لافتاً إلى أن 12% من مجمل طلاب التعليم العام في المدارس الأهلية، وأحد أنواع هذا الدعم يكون من خلال تحمل الوزارة جزءاً من رسوم الطلاب؛ خاصة وأن المدارس الحكومية لم تعُد تستوعب جميع الطلاب. ويمكن للوزارة أن توجه منحة دراسية للطالب في المدارس الأهلية والدراسة على نفقة الوزارة لحين فتح مدرسة في الحي الذي يقطن فيه.

البيئة التربوية

وتحدّثت مالكة إحدى المدارس عن الصعاب المترتبة على تأخر أولياء الأمور في دفع المصاريف المدرسية، قالت: المدارس لديها الكثير من الالتزامات المالية أهمها الرواتب الشهرية، وأقساط حافلات النقل، وتحسين البنية المدرسية، إضافة إلى دفع الفواتير المتزايدة، والصيانة الدورية المكلفة التي تمثل العبء الأكبر؛ لأن التأخير فيها يسبب أضراراً لأسرهم وبالتالي لأدائهم.

وتابعت: الوزاة لا يهمها سوى الطالب، دفع أم لا أمرٌ لا يعنيها، على الرغم من أنه من مصلحة الطالب وجود بيئة تربوية جيدة، وهذا لا يتوفر إلا مع دفع الأقساط في مواعيدها؛ حتى تستطيع المدرسة التطوير والتجديد باستمرار؛ معربة عن قلقها من إفلاس الكثير من المدارس.

ورداً على بعض الاتهامات الموجهة للمدارس الأهلية، قالت: "أي نشاط في الدنيا يسعى إلى الربح، هذا أمر مباح"؛ لافتة إلى وجود الكثير من التجار في هذا القطاع التعليمي؛ بيْد أن الخطر دائماً يقع على المدارس الصغيرة، التي تتأثر بشدة عندما تتأخر الأقساط. مطالبة بمعاملة شبيهة بالتعامل مع المواطن الذي لا يسدد فواتير الكهرباء الشهرية أو الجوال أو المياه بشكل منتظم تفصل عنه الخدمة، ويحرم منها كذلك يجب أن يتم التعامل مع أولياء الأمور الذين لا يسددون الأقساط الدراسية.

أولياء الأمور

يقول أشرف فهمي، ولي أمر أحد الطلبة المسجلين في مدرسة أهلية، لـ"سبق": المسألة ليست فقط تأخيراً في السداد من عدمه، هناك مشكلة أكبر؛ فلماذا لا تتوفر مدارس تستوعب الطلبة في المدارس الحكومية، على سبيل المثال الحي الذي أسكن فيه، المدارس الحكومية ممتلئة ولا يوجد مكان شاغر؛ مما أجبرني على تسجيل ابني في مدرسة أهلية؟".

وتابع: في البداية كانت الأقساط المدرسية مقبولة؛ بيْد أنها سرعان ما ارتفعت دون أي مميزات إضافية؛ مما يضطر أحياناً أولياء الأمور إلى التأخير بالسداد أو التهرب؛ مطالباً بأن تكون هناك رقابة على أسعار المدارس الأهلية.

واتفق محمد العتيبي مع ما ذكره أشرف فهمي، وقال: "المسؤولية تقع على وزارة التربية والتعليم، وتساءل: مَن المسؤول عن الارتفاع الجنوني في أسعار المدارس الخاصة حتى صارت كالسلعة؟ فلا يُعقل أن تتجاوز الأسعار 20 ألف ريال في بعض المدارس؛ فكيف لأب لديه 4 أو 5 أطفال في المدرسة أن يتحمل هذا العبء؟"، واعترف لـ"سبق" بأنه تَعَثّر مرة في دفع الرسوم؛ بيْد أنه التزم بأن يدفعها قبل نهاية العام الدراسي.

المصروفات المدرسية

الكاتب والإعلامي فهيد ظافر السويدي يقول لـ"سبق": "من واقع معايشة للمدارس الأهلية عدة سنوات؛ حيث عَمِل معلماً ووكيلاً في إحدى المدارس، أغلب المدارس الأهلية يغيب فيها الهدف الحقيقي لفتح هذه المدارس عن كثير من ملاكها، ويصبح المال فقط هو الهدف، وفي ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت المدارس الأهلية تنهك جيوب أولياء الأمور، واستغلت الفرصة بالزيادة تحت مسميات مختلفة".. وحمّل وزارة التعلم المسؤولية في السماح بزيادة الرسوم على أولياء الأمور؛ مطالباً بتقنينها ونشر ذلك في وسائل الإعلام؛ من أجل وضع حد لارتفاع الرسوم الدراسية بشكل مستمر؛ خاصة أن بعض أولياء الأمور من أصحاب الدخل المحدود، ورواتبهم لا تكاد تكفي اللوازم الأساسية والسكن فقط، ويضطرون أن يدفعوا تلك الرسوم التي تُفرض عليهم فرضاً؛ خوفاً على مستقبل أبنائهم ولتكدس الطلاب في الفصل الواحد بالمدارس الحكومية.

وأضاف: "لا بد من وقفة واضحة ضد كل مخالف من أصحاب المدارس الأهلية وتحديد المصروفات الدراسية لجميع المراحل؛ بحيث يتم تصنيف المدارس إلى مستويات مختلفة من حيث ما تُقدمه من خدمات دراسية مميزة، ومن حداثة مبناها وتجهيز مختبراتها وملاعبها للطلبة".

وزارة التعليم

تواصلت "سبق" بدوها مع وزارة التعليم للرد على ما جاء في حديث أصحاب المدارس؛ حيث أكد المتحدث الإعلامي فهد العصيمي لوزارة التعليم، أنه لا علاقة للوزارة بموضوع تأخر سداد رسوم الطالب في المدارس الأهلية أو مشكلات رواتب المعلمين؛ فهي وفق عقود موقّعة بين الطرفين، كما أن الوزارة معنية بمتابعة سير اليوم الدراسي بشكل طبيعي وفق خطة الدراسة، وضمان استمرار الطالب في دراسته في بيئة تربوية مناسبة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org