هذا سبب إفلاسنا

هذا سبب إفلاسنا

يوضح بعض الاقتصاديين بأن إفلاس الدول يعني تأخر تلك الدول في سداد مديونيتها تماماً، أي أنها لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية، ومنها دفع الرواتب والديون وعدم الحصول على أموال من جهات خارجية لدفع ثمن ما يتم استيراده من بضائع وسلع، ويؤكدون أن هذا الأمر يتعارض مع وضع المملكة والتي تمتلك رابع احتياطات نقدية على مستوى العالم وتحتل المرتبة الرابعة عالمياً، كأقل اقتصادات في نسب الدين العام، كما يتعارض وضع الإفلاس مع البيانات المالية المتاحة من خلال المصادر الدولية وكذلك يتعارض مع التصاريح المحلية منذ عشرات السنين والتي تؤكد قوة ومتانة الاقتصاد الوطني .

أعتقد أن الإفلاس الذي من المتوقع أن نصل إليه خلال 3 أو 4 سنوات في حال عدم القيام بالإجراءات الأخيرة والذي أشير إليه في حلقة الوزراء الشهيرة من برنامج الثامنة هو ليس فقط الإفلاس الاقتصادي بل هو إفلاس الحقيقة والمصداقية والثقة أيضاً والتي أصبحت مطلباً ملحاً اليوم أكثر من أي وقت مضى، إذ إن ما قدمته تلك الحلقة للجمهور كان مؤلماً للغاية، إذ أفلس الحضور في تقديم الأسباب الحقيقية لما نحن فيه اليوم ولم يجدوا سوى المواطن البسيط ليحملوه أخطاء المرحلة الماضية وما نحن فيه من أزمة اقتصادية نعاني منها اليوم، كما أفلس الحضور في تقديم الحلول الواضحة للخروج من هذه الأزمة وتبادلوا الاتهامات فيما بينهم، وأفلسوا في تقديم الأدلة والبراهين التي تعزز الثقة في الخطوات التي قاموا باتخاذها لتجاوز مرحلة الخطر، كما أفلسوا في مواجهة الجمهور والذي كان ينتظر هذا اللقاء على أحر من الجمر وقدموا العديد من التصريحات خلال ذلك اللقاء والتي زادت من استفزازه خصوصًا بعد القرارات التي صدرت بإلغاء جزء رئيسي من دخله الشهري .

إن فعلاً وصلنا – لا سمح الله - لمرحلة الإفلاس في المسقبل كما ذكر في تلك الحلقة فالسبب هو أننا أفلسنا منذ زمن طويل في الخروج من سجن الإنفاق من خلال النفط على 90% من مصروفاتنا، وأفلسنا في وضع الكفاءات البشرية التي يمكنها أن تحقق الأهداف والطموحات المأمولة، وأفلسنا منذ زمن طويل في مواجهة أنفسنا والمصارحة بأخطائنا والعمل على تصحيحها فوراً، وأفلسنا في محاربة الفساد والذي تغلغل في كثير من القطاعات وعطل كثيراً من جوانب التنمية، وأفلسنا في وضع آلية تواصل عملية مع الجمهور لتهيئتهم لبرنامج التحول الوطني بدلاً من مفاجأتهم بقرارات مؤلمة .

ثقتنا في الله ثم في قيادتنا الحكيمة لاحدود لها، ونحن على ثقة بأن هذا الوطن ومن خلفه أبناؤه المخلصون قادرون على تجاوز هذه الظروف مهما كانت صعوبتها، وقادرون على أن يجعلوا من هذه المحنة منحة تجدد الثقة في اقتصاد وطننا وفي مكانته.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org