وضاعت ملايين الفقراء.. جمعيات خيرية تتهم الوزارة بدعوتهم للاستثمار بشركات وهمية!

وثائق وحكم قضائي.. ومحامي الضحايا يطالب بتطبيق قاعدة "الغارّ ضامن" والمتحدث صامت
وضاعت ملايين الفقراء.. جمعيات خيرية تتهم الوزارة بدعوتهم للاستثمار بشركات وهمية!

اتّهم عدد من الجمعيات الخيرية الخاضعة لإشراف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، الوزارة بحثهم على المساهمة في شركات تجارية تبين لاحقاً أنها لا تمتلك أي تراخيص لمزاولة نشاطها الأساسي، وأنها أقرب للوهم من الحقيقة، الأمر الذي تسبب لهم في ضياع أموال تصل لملايين الريالات، مطالبين وزير العمل والتنمية الاجتماعية بالتدخل لكشف المتسبب ومحاسبته، بعد أن ساهم في مضاعفة معاناة الجمعيات القائمة على التبرعات والزكوات.

وبحسب معلومات حصلت عليها "سبق" فإن الجمعيات وجدت نفسها وحيدة ومضطرة لرفع دعاوى ضد شركة، حصلت بموجبها على حكم قضائي لصالحها، فيما اتضح أن الشخص القائم على الشركة استولى على الأموال وهرب خارج المملكة قبل أن يعود ويتم سجنه بعد ضياع أموال المحسنين، في الوقت الذي تعاني تلك الجمعيات من شُحّ الموارد وضعف الإمكانات وعجزها عن تلبية احتياجات مستفيدها.

ووفقاً لوثائق حصلت عليها "سبق"، فإن بداية المساهمة كانت بموجب خطاب صادر من أحد مسؤولي الوزارة -تحتفظ "سبق" بنسخة منه- حث فيه الجمعيات الخيرية في كل المناطق بالمساهمة مع هذه الشركات التي تم تحديدها بالاسم، كما حدد المسؤول في تعميمه للجمعيات الخيرية اسم شخص ورقم جواله للتواصل معه.

وحاولت "سبق"، إيماناً منها بالرأي والرأي الآخر، التواصل مع المتحدث الإعلامي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أيا الخيل، منذ تاريخ 9 أكتوبر، وأرسلت له عدة استفسارات، وكان المجال له مفتوحاً للإيضاح؛ إلا أنه فضّل عدم الرد نهائياً حتى إعداد هذه المادة، فيما طالب محامي الجمعيات الخيرية المتضررة المستشار القانوني الدكتور محمد الجذلاني بفتح تحقيق موسع في هذه القضية؛ لاكتشاف خلفياتها ومعرفة من يقف وراءها.

وقال "الجذلاني" الذي تولى الترافع عن الجمعيات الخيرية مجاناً لـ"سبق" تعليقاً على القضية، أن ما هو معلوم أن الجمعيات الخيرية تخضع لإشراف دقيق ومراقبة تامة من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وقد تضمنت لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم ١٠٧ في 25/ 6/ 1410 تفاصيل هذه الرقابة وطبيعة الدور الذي تقوم به الوزارة تجاه الجمعيات الخيرية.

وأضاف: "أولت اللائحة أهمية كبرى للعنصر الأهم في العمل الخيري، وهو (إدارة عملية التمويل وجمع الأموال والتصرف فيها)، وفِي المادة الثانية من هذه اللائحة نصّت على أنه يُحظر على الجمعية الخيرية الدخول في مضاربات مالية، كما أكدت ضرورة إحاطة الأموال بإجراءات صارمة ابتداء بمصادر الحصول عليها ثم صرفها والتصرف فيها، كما ألزمت اللائحة بأن ينص على أحكام ذلك في النظام الأساس للجمعية".

وبيّن محامي الجمعيات الخيرية المتضررة أن في القواعد التنفيذية لهذه اللائحة نصّت المادة الثانية على أن الوزارة هي الجهة المختصة بكل ما يتعلق بالجمعيات والمؤسسات الخيرية، مشيراً إلى أن المادة الخامسة من هذه القواعد أكدت أيضاً منع دخول الجمعيات في مضاربات مالية ولئن كانت المادة (١٩) فقرة (ح) من هذه القواعد أجازت تفويض مجلس الإدارة باستثمار الفائض من أموال الجمعية؛ إلا أن عموم النصوص الأخرى تفرض قيوداً صارمة على هذا الاستثمار أهمها هو كون المال المستثمر فائضاً عن الحاجة، وأن يكون الاستثمار مأموناً ليس فيه درجة عالية من المخاطرة.

وقال: "بما أن الحالة التي اطلعت عليها قامت فيها الوزارة بتوجيه الدعوة للجمعيات الخيرية للمساهمة في شركات إسمنت مجهولة ما زالت تحت التأسيس، فلا شك أن هذه مخالفة صارخة لأنظمة العمل الخيري والجمعيات الخيرية، ونكوص ذريع من الوزارة عن واجبها في الرقابة وحماية أموال الجمعيات، فضلاً عن أن تكون هي المتسببة في ضياعها بهذه الطريقة".

وتابع: "مِمَّا يبعث على الريبة ما نص عليه تعميم الوزارة من تزكية لشركات الأسمنت المحددة، وتضمين التعميم رقم جوال الجهة التسويقية واسم مختص التسويق لتلك الشركات ورقم هاتفه، وكل ذلك يلقي بريبة كبيرة على خلفيات هذا التعميم ومن يقف وراءه، والأسوأ من ذلك هو تخلي الوزارة لاحقاً عن تقديم أي دعم للجمعيات حين ثبت استيلاء القائمين على شركة الإسمنت على أموال الجمعيات وضياعها، فقد تنصلت الوزارة تماماً من ذلك ووجهت الجمعيات لمقاضاة تلك الشركة مباشرة".

واختتم "الجذلاني" قائلاً: "إن مثل هذا الخطأ الذريع من الوزارة يجعلها تحت طائلة المسؤولية، ويعطي الحق لمقاضاتها ومطالبتها بضمان تلك الأموال وفق قاعدة (الغارّ ضامن)، وهي قد غررت بالجمعيات بوضوح".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org