103 دقائق استثنائية بسماء السعودية والمنطقة العربية.. ماذا سيحدث في الخسوف الكلّي؟

يحل الجمعة المقبلة.. و"أبو زاهرة": الأول منذ 7 أعوام والأطول بالقرن الـ21 ويُرى بسهولة
103 دقائق استثنائية بسماء السعودية والمنطقة العربية.. ماذا سيحدث في الخسوف الكلّي؟

قال رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبوزاهرة، إن سماء السعودية والمنطقة العربية تشهد مساء الجمعة المقبل منتصف ذي القعدة الموافق 27 يوليو 2018، خسوفاً كلياً للقمر تشاهد كل مراحله بسهولة بالعين المجردة، وهو أول خسوف كلي منذ 15 يونيو 2011 محلياً، والأطول خلال القرن الحالي الحادي والعشرين؛ حيث يستمر في شكله الكلي لمدة ساعة و43 دقيقة.

وأوضح: ويرجع السبب في أن هذا الخسوف الكلي طويل أن القمر سيكون واقعاً في (الأوج) أبعد نقطة في مداره حول الأرض، وهو أبعد قمر بدر خلال هذه السنة، وهو ما يعني أن حجمه الظاهري سيكون صغيراً بالنسبة للراصد بمقدار 6.2% أصغر من المتوسط، إضافة إلى ذلك فهو يتحرك في مداره بشكل أبطأ، وهو ما يجعله يستغرق وقتاً أطول ليعبر في ظل الأرض، بعكس حاله عندما يكون قريباً من الأرض عندما يتحرك أسرع في مداره".

وتابع: "إضافة إلى ذلك فإن الكرة الأرضية الآن في الأوج بعيداً عن الشمس، وظلها يصل أقصى طول وعرض له خلال السنة، وهذا يعني أن خسوف القمر الكلي يدوم فترة زمنية أطول، وكل هذا سيتيح الكثير من الوقت لقياس لون وسطوع ظل الأرض، وبالتالي محتوى الهباء الجوي (الغاز والرماد) البركاني في طبقة الستراتوسفير".

وأضاف: "من المفارقات أنه يمكن أن نتعلم الكثير عن مناخ الأرض من خلال مشاهدة خسوف القمر بناءً على لون وسطوع الخسوفات القمرية التي رصدت حديثاً، فإذا كان الخسوف مظلماً فهو علامة على الهباء البركاني في طبقة الستراتوسفير، وهي جسيمات يمكن أن تعكس أشعة الشمس وتبرد الكوكب، وإذا كان الخسوف ساطعاً فهي علامة على أن طبقة الستراتوسفير خالية من الشوائب، فطبقة الستراتوسفير الصافية تتيح لضوء الشمس تدفئة الكوكب أسفلها".

وبيّن: "على مدى الأربعين سنة الماضية أسهم انخفاض الهباء الجوي البركاني وزيادة غازات الاحتباس الحراري بشكل مساوٍ في إجمالي الاحترار العالمي (~ 0.3 درجة مئوية) والتي رصدت في سجلات درجات الحرارة الموثقة بالأقمار الصناعية".

وأردف: "خسوف القمر الكلي يحدث عندما يعبر كامل قرص القمر في داخل ظل الأرض عندها ربما سيأخذ اللون النحاسي أو الأحمر عند الذروة العظمى، وسيلاحظ وجود نقطة ضوئية برتقالية مائلة للحمرة براقة بشكل استثنائي قرب القمر ذلك كوكب المريخ، والذي سيكون بدوره في حالة التقابل، وهو أفضل تقابل يحدث له منذ العام 2003".

وزاد: "مراحل الخسوف ستكون في نفس التوقيت في كل مناطق السعودية، حيث يبدأ القمر بالدخول إلى منطقة شبه ظل الأرض عند الساعة 8:05 مساء (5:05 مساء بتوقيت غرينتش)، وهذه المرحلة عادة لا تكون ملاحظة؛ لأن قرص القمر سيبقى مضاءً بالكامل".

واستطرد: "سيبدأ الحدث الرئيسي مع بداية الخسوف الجزئي عند الساعة 9:24 مساء (6:24 مساء غرينتش) مع دخول القمر إلى ظل الأرض، ويبدأ قرصه يفقد الضوء تدريجياً، وفي هذه المرحلة سوف يرى شكل ظل الأرض (المقوس) ساقطاً على القمر، وهي إحدى الطرق القديمة في إثبات كروية الأرض، وسيقع كامل قرص القمر في داخل ظل الأرض، ويبدأ الخسوف الكلي عند الساعة 10:30 مساء (7:30 مساء غرينتش)، وتُعتبر مرحلة الخسوف الكلي مهمة؛ بسبب الطريقة التي تحدث بها، وتأثير الغلاف الجوي للأرض في تشكيلها".

وحلل قائلاً: "لو أن الكرة الأرضية لا يوجد حولها غلاف جوي فإن القمر في مرحلة الخسوف الكلي سوف يكون أسود، إلا أنه يتحول إلى اللون الأحمر بشكل عام، ويرجع السبب في ذلك إلى أن أشعة الشمس غير المباشرة تبقى قادرة على الوصول إلى القمر، ولكن قبل ذلك عليها المرور خلال الغلاف الجوي للأرض، الذي يقوم ببعثرة معظم الطيف الأزرق، ويتبقى الطيف الأحمر والبرتقالي القاتم، إضافة إلى ذلك يقوم الغلاف الجوي للأرض بجعل كمية من ضوء الشمس تنحني وتصل إلى القمر وتجعله مضيئاً".

واستدرك: "القمر عند خسوفه الكلي يمكن أن يأخذ اللون البني الغامق والأحمر إلى البرتقالي البراق والأصفر، وهذا يعتمد على كمية الغبار والغيوم الموجودة في الغلاف الجوي حول الأرض، لذلك هذا يخضع للرصد المباشر".

وقال: "يجب هنا ملاحظة أنه خلال الدقائق الأولى لبداية خسوف القمر الكلي يمكن رصد ظهور لون (أخضر مزرق) على إحدى حوافّ القمر، ويفضل استخدام المنظار الثنائي أو تلسكوب صغير لرؤيته، والسبب في ذلك اللون أن الضوء القادم من الشمس عند عبوره أعلى طبقة الستراتوسفير يخترق طبقة الأوزون التي تمتصّ الضوء الأحمر، ويمر الضوء الأزرق، ويصل إلى القمر، وسيتكرر ذلك في الدقائق الأولى بعد نهاية الخسوف الكلي أيضاً.

وواصل: "يتبع ذلك وصول القمر إلى ذروته العظمى واقعاً في عمق ظل الأرض عند الساعة 11:21 مساء (8:21 مساء غرينتش) ما يجعل المشاهد للقمر في ذلك التوقيت يلاحظ أنه أكثر ظلمة من الخسوفات القمرية الأخرى المعتادة".

وأكمل: "فهذا الخسوف الكلي للقمر مركزي ومركز قرص القمر سوف يعبر قليلاً إلى الشمال من مركز ظل الأرض، ونظرا لأنه عميق جداً فمثل هذه الخسوفات عادة تكون مرحلة الخسوف الكلي طويلة، وفي حالة هذا الخسوف يستمر الخسوف في شكله الكلي مدة 104 دقائق، وهي من الحالات النادرة أن يستمر الخسوف كلياً هذه المدة، وهو ما يجعل هذا الخسوف من الخسوفات الكلية الطويلة بشكل استثنائي، والتي تتجاوز فترتها 100 دقيقة أو 1 ساعة و43 دقيقة".

وسينتهي الخسوف الكلي عند الساعة 12:13 ليلاً (9:13 مساء غرينتش) مع بداية خروج القمر من ظل الأرض، وتبدأ المرحلة الثانية من الخسوف الجزئي والتي ستنتهي عند الساعة 1:19 بعد منتصف الليل (10:19 مساء غرينتش) وتعود كامل إضاءة القمر وينتهي الحدث الرئيسي.

إلا أن القمر سيكون لا يزال واقعاً في منطقة شبه ظل الأرض، وهي مرحلة عادة لا تكون ملاحظة، وسوف يغادرها القمر عند الساعة 2:28 بعد منتصف الليل (11:28 مساء غرينتش).

وعلى عكس كسوف الشمس فإن رصد خسوف القمر لا يحتاج إلى معدات خاصة لرصده، فهو أمن جداً، ولا يوجد أي خطر عند رصده بالعين المجردة، ولرؤية أفضل يستخدم تلسكوباً صغيراً أو المنظار ثنائي العينية، حيث ستكون النتائج مفيدة.

ويمكن للمهتمين القيام بأرصاد أثناء الخسوف الكلي، فمثلاً من المستحيل تحديد مدى الظلمة التي سوف يكون عليها القمر، فالسطوع واللون يعتمدان على كمية الغبار في الغلاف الجوي، لذلك ومن خلال استعمال (مقياس دانجون) المخصص لخسوف القمر يستطيع الراصد تصنيف لون القمر واللمعان عند ذروته العظمى.

مقياس دانجون يتكون من خمسة مراتب من (صفر إلى 4)، فالقيمة (صفر) تعني أن الخسوف في غاية الظلمة، والقمر بالكاد يكون مشاهداً، خاصة عند ذروة الخسوف، و(1) الخسوف مظلم حيث إن القمر بين الرمادي أو البني ويمكن تمييز تفاصيله بصعوبة، و(2) الخسوف أحمر غامق أو بلون الصدأ والقمر يكون مظلماً في مركزه، في حين أن الحافة الخارجية للقمر تكون براقة، و(3) الخسوف أحمر فاتح.. وتكون حافة القمر عادة براقة بلون أصفر، و(4) الخسوف بلون أحمر نحاسي أو برتقالي، ويكون القمر بحافة في غاية البريق.

ويمكن القيام أيضاً ببعض الأرصاد من خلال التلسكوب حيث يمكن مراقبة وتسجيل بشكل دقيق وقت دخول وخروج الفوهات في ظل الأرض، حيث إن هذه الأوقات يمكن أن تستخدم لقياس مدى امتصاص الغلاف الجوي الناشئ عن الغبار ورماد البراكين المنقول.

من ناحية أخرى، يُعتبر تصوير خسوف القمر في غاية السهولة من خلال استخدام كاميرا رقمية ومزودة بعدسة تكبير، فالخسوف يستمر فترة طويلة من الوقت ما سيعطي الوقت لتصفح الصور ومراجعة إعدادات الكاميرا والتعريض الصحيحة وإعادة التصوير عند الحاجة.

واختتم "أبوزاهرة" قائلاً: "يعود السبب في عدم حدوث خسوف للقمر شهرياً إلى أن مدار القمر حول الأرض مائل بنحو 5 درجات على مدار الأرض حول الشمس، وهذا يعني أن القمر يقضي معظم الوقت إما أعلى أو أسفل مستوى مدار الأرض حول الشمس، ولكن في العام الواحد يحدث من 2 إلى 4 خسوفات قمرية يعبر فيها القمر خلال بعض أجزاء شبه ظل الأرض أو الظل؛ حيث يأتي خسوف القمر الكلي بعد أسبوعين من كسوف جزئي للشمس حدث في 13 يوليو 2018، وسيتبع ذلك بعد أسبوعين كسوف جزئي للشمس في 11 أغسطس 2018 غير مشاهد في الوطن العربي".

يُذكر أن أطول فترة زمنية يمكن لخسوف القمر الكلي أن يستغرقها تبلغ ساعة و47 دقيقة، وكان أطول خسوف كلي حدث في القرن الماضي "القرن العشرين" في 16 يوليو 2000 واستمر ساعة و46.4 دقيقة، ففي ذلك الوقت كان مركز قرص القمر منتظماً بشكل تام تقريباً مع مركز ظل الأرض.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org