"تجارة الحوالات" ملايين الريالات تهرب خارجياً.. جرائم مريبة تهدد المجتمع و"تخرب" الاقتصاد

الأمر السامي بتشكيل لجنة وزارية للإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر سيقضي على الظاهرة
"تجارة الحوالات" ملايين الريالات تهرب خارجياً.. جرائم مريبة تهدد المجتمع و"تخرب" الاقتصاد

- الجهات الأمنية السعودية تصدت لمثل هذه الممارسات الإجرامية بالقوانين والعقوبات الصارمة

- التحويلات غير المشروعة يمارسها مخالفو نظام الإقامة وأصحاب الأموال مجهولة المصدر

- الأموال تهرب عن طريق اعتمادات وتبادلات تجارية صورية لمبيعات وأرباح وهمية

- المستشار القانوني محمد الصالح: يتسترون خلف مؤسسات وهمية ويتلاعبون بالفواتير والشراء مما يضر الاقتصاد الوطني

- الخبير المالي محمد السويد: نظام مكافحة التستر الجديد سيحد منها والمشكلة الاستقدام المفتوح

- المستشار الاقتصادي د.عبدالله الخويلدي: تحويل الأموال يؤدي لدخول رؤوس أموال مشبوهة ومشاكل اقتصادية للقطاع المالي والتجاري

- عصابة وافدة في الرياض حولت خارج السعودية خلال 8 أشهر فقط أكثر من 500 مليون ريال

أثار ضبط الجهات المعنية بوزارة الداخلية عصابة وافدة في الرياض حولت خارجياً خلال 8 أشهر فقط من العام الجاري 2020م أكثر من 500 مليون ريال "نصف مليار"، العديد من التساؤلات حول هذا الرقم المالي الكبير، وما يخفي خلفه من جرائم، وممارسات مشبوهة تنفذها عصابات وافدة طامعة في الربح السريع، والعبث وتدمير الاقتصاد الوطني.

فما هي أبعاد هذه الجرائم؟ وكيف تتم؟ وهل تزدهر تجارة المال والتحويلات غير النظامية إلى خارج البلاد؟ وهل هي تجارة عملات أم غسيل أموال أم تستر تجاري أو نشاط مالي لدعم الإرهاب والأنشطة غير المشروعة؟ وما هي آثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع؟ تساؤلات نحاول الاجابة عليها من خلال التقرير التالي:

مؤسسات وهمية

ومن المعروف أن جميع التحويلات المالية الخارجية التي تتم من خلال البنوك السعودية محكومة ومراقبة، لذا فإن من يمارس جرائم التحويلات الخارجية غير المشروعة هم في الأغلب العمالة الوافدة أو المخالفون لنظام الإقامة أو أصحاب الأموال مجهولة المصدر الذين يلجؤون لعصابات، ومكاتب الحوالات المالية المتنقلة غير النظامية لتحويلها للخارج لعدة اسباب منها الهرب من افتضاح أمرهم لأن الحوالات عادة ما تفوق الدخل الشهري للوافد، ولأن مصدرها مجهول عن طريق السرقة والتزوير وصناعة الخمور..الخ، إضافة إلى أن قيمة التحويل بسيطة لا تزيد عن 10 ريالات للعملية الواحدة لكنها قد ترتفع حسب حجم المبلغ المحول كما أنها تصل إلى وجهتها الخارجية المطلوبة خلال دقائق معدودة فقط؛ أما مكاتب التحويلات الوهمية فيديرها وافدون امتهنوا التحويل المالي تحت غطاء شركات ومؤسسات سعودية وهمية مسجلة بأسماء سعوديين يتسترون على الوافدين بمقابل مبالغ مالية شهرية، وأغلب هؤلاء الوافدين يمارس اعماله المشبوهة في الخفاء داخل أحياء شعبية بعيدة عن أعين الأمن والمتابعة، وأغلب الأموال التي يتم تحويلها مجهولة المصدر، وتأتي كما تؤكد الاحصاءات الرسمية وبيانات وزارة الداخلية من عمليات غسيل الأموال، والتستر التجاري، والسرقة، والاقتصاد الخفي أما طريقة تهريب الأموال خارجياً فيكون عن طريق الاعتمادات، والتبادلات التجارية الصورية لمبيعات وأرباح وهمية.

مكافحة التستر

وبحذر خبراء ماليون وقانونيون من أضرار عمليات التحويل المالي الخارجي غير المشروع على الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يمكن استغلاله في دعم نشاطات مشبوهة.. وفي هذا الجانب يقول الخبير المالي والاقتصادي محمد السويد: من الجيد اقرار نظام مكافحة التستر الجديد، وسيكون له اثر جيد، ولكنه لن يكون كافياً فالمشكلة الاساسية هي في سياسة الاستقدام المفتوحة خاصة لانشطة التجزئة التي لا نحتاج فيها عمالة اجنبية، وسياسة الاستقدام المفتوحة تأتي بمهاجرين أجانب جدد كل سنة لا يملكون خلفية عن انظمة المملكة، ويخالفون الانظمة عدة سنوات حتى يعرفوا أهمية التقيد بالانظمة أو يتم القبض عليهم، ولكن كثرة عدد المستقدمين كل سنة يتجاوز قدرة الجهات الحكومية على ضبط النظام.

تحايل

ومن جانبه أكد المستشار الاقتصادي د.عبدالله الخويلدي أن هذا النوع من تحويل الأموال للخارج يعتبر تحايلاً يؤدي لدخول رؤوس أموال غير نظامية تنتج عنها مشاكل اقتصادية في القطاع المالي والتجاري، ويؤثر سلبياً على شركات الصرافة والبنوك في ظل تعدد الجنسيات والكثافة السكانية في المجتمع.

يتلاعبون بالفواتير

ومن جانبه أكد المستشار القانوني محمد الصالح أن ما ضبط أخيراً هي طريقة يلجأ إليها بعض الأشخاص للتهرب من الانظمة المالية، ومراقبة السلطات الأمنية، ويتسترون خلف مؤسسات تجارية تبيع سلعاً بسيطة، ويحولون أموالاً خارجية، ويتلاعبون بفواتير البيع والشراء مما يضر الاقتصاد الوطني، وينذر بآثار ومخاطر اقتصادية عديدة.

عصابة الـ 500 مليون

وفي ذات السياق تنبهت الجهات الأمنية السعودية لمثل هذه الممارسات الاجرامية، وتصدت لها بالقوانين والعقوبات الصارمة، وصنفت مثل هذه الأنشطة في الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف والمساءلة الجزائية، وفي هذا الإطار صرح مساعد المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض الرائد خالد الكريديس، اخيراً، بأن الجهات المختصة بشرطة المنطقة تمكنت من الإطاحة بتنظيمٍ عصابي مكون من (8) أشخاص، منهم (5) من الجنسية السودانية امتهنوا تحويل الأموال إلى خارج المملكة بطرق غير نظامية، و(3) مواطنين تستروا عليهم ومكنوهم من عمليات التحويل عبر حسابات بنكية لمؤسسات فردية مسجلة بأسمائهم مقابل عمولات مالية، وقد تجاوزت المبالغ المالية التي تم تحويلها خلال العام الحالي (2020)، خمسمائة مليون (500,000,000) ريال، وضبط بحوزتهم مبالغ مالية مجهولة المصدر قاربت (2,000,000) مليوني ريال، وقد جرى إيقافهم جميعاً واتخاذ الإجراءات النظامية لإحالتهم إلى النيابة العامة.

نظام مكافحة التستر

الجدير بالذكر انه صدر أخيراً توجيه من المقام السامي بتشكيل لجنة وزارية للإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر، بعد موافقة مجلس الوزراء على النظام الجديد لمكافحة التستر، مما يضعنا أمام مرحلة جديدة للقضاء على هذه الظاهرة بتشارك الجهات الحكومية وتضييق الخناق على منابعه ومعالجة أسبابه وتغليظ عقوباته.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org