سكينة يعقوبي.. أمّ التعليم بأفغانستان التي تركت أمريكا لإنقاذ شعبها

توجد حالياً  في الرياض كضيف بمنتدى أسبار الدولي 2019
سكينة يعقوبي.. أمّ التعليم بأفغانستان التي تركت أمريكا لإنقاذ شعبها

تتواجد الدكتورة سكينة يعقوبي في الرياض كضيف بمنتدى أسبار الدولي 2019 والمقام في فندق "فيرمونت"، وشاركت أمس الثلاثاء بورقة عمل حملت عنوان "التعليم في المستقبل"، حيث قدمت خلاصة خبراتها طيلة العقود الماضية بوصفها رائدة دولية في التعليم والتنمية.

وما زال أفراد الشعب الأفغاني يستذكرون ما صنعته لهم الدكتورة سكينة يعقوبي، التي تحدت التقاليد الاجتماعية البالية، ووقفت في وجه المسلحين والجماعات المتطرفة في بلادها، لتؤكد حق كل أفغاني في الحصول على التعليم المناسب، الذي يخرجه من دائرة الجهل والفقر والمرض، إلى دائرة العلم والرفاهية والحياة الجميلة، كما أنها أكدت على حق المرأة الأفغانية في التعليم والعمل، والوقوف صفاً واحداً بجانب الرجل، في رحلة تنمية البلاد.

ورغم ما لقيته "سكينة" من متاعب ومصاعب، وصلت للتهديد بالقتل ومحاولات الاغتيال، في هذا الطريق؛ إلا أنها قررت مواصلة السير فيه، حتى تحقق كل ما تتمناه لبلادها وأهلها.

وحازت "سكينة" جائزة "وايز" للتعليم عام 2015، في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم بالدوحة، والتي تبلغ قيمتها 500 ألف دولار، تكريمًا لها على الجهود التي بذلتها طيلة العقود الماضية من أفكار تنموية تعليمية لخدمة المجتمع الأفغاني، على مدار 20 عامًا، ومحاربة الفقر والجوع والأمية وتردي الأحوال الصحية، بالإضافة إلى جهودها في تحقيق العدل والسلام.

ولقّبت الدكتورة سكينة يعقوبي بـ"أم التعليم" في أفغانستان ، كما ترشحت لجائزة "نوبل" مرتين.

وبلغت سكينة يعقوبي 65 عامًا، وقد وُلدت في "هراة" في أفغانستان، وعندما أنهت دراستها الثانوية، التحقت بكلية الطب، لكنها وجدت صعوبة في التعليم بسبب المجتمع الذي كان يرفض تعليم الفتيات، فأرسلها والدها، لكي تتعلم في أمريكا، ومن هناك سمعت "سكينة" أن روسيا قد غزت بلدها أفغانستان، فأرسلت في طلب عائلتها، لتعيش معها، في أمريكا، بعد أن أصبحت أستاذة جامعية، وعاشوا في أمان، لكن "سكينة" لم تنسَ شعبها، فأرادت أن تساعده، وأرادت أن تقدم له شيئًا ما.

وبدأت "سكينة" رحلتها لمساعدة شعبها، في مطلع التسعينيات، في مخيّم للاجئين الأفغان في باكستان.

وقالت: عندما ذهبت إلى المخيم، وجدت سبعة ملايين ونصف المليون لاجئ هناك، 90% منهم نساء وأطفال، الرجال إما ماتوا أو ذهبوا للحرب، رأيتُ مشاهد لا يمكنكم حتى أن تتخيّلوها.

وأضافت: سألتُ نفسي، ما الذي يمكن أن أفعله لهؤلاء الناس، ما الذي بإمكاني فعله لشعبي؟! وفي هذه اللحظة، تذكّرتُ أن التعليم قد غيّر حياتي، أعطاني منزلة، منحني الثقة، قدم لي مهنة، ساعدتني علي دعم أسرتي، وجلب عائلتي إلى بلد آخر، ليكونوا بأمان، وفي هذه اللحظة، أدركتُ أن الشيء الذي يجب أن أقدمه لشعبي، هو التعليم والصحة، وهذا ما فعلته.

وقررت "سكينة" أن تفتتح مدارس للأطفال ومراكز لتعليم النساء، وأسست المعهد الأفغاني للتعليم عام 1995، وكرست حياتها لترتقي بمستوى وضع المرأة الأفغانية على مختلف المستويات، حيث تدير أكثر من 150 مشروعًا في مجالات التعليم والصحة في جميع أنحاء البلاد؛ وتهدف إلى تطوير التفكير النقدي؛ وتعزيز التوعية الصحية للمرأة، بالإضافة إلى تشجيع المرأة الأفغانية على تحدي التقاليد الاجتماعية المتطرفة، التي حاصرت المرأة الأفغانية.

وخلال سنة واحدة، كان قد أصبح لديها 25 مدرسة، و15 ألف طالب، واحتوى المعهد على 380 معلماً، معظمهم من النساء. وأدار المعهد، 80 مدرسة، وأنشأ مكتبات متنقلة في أربع مدن أفغانية.

وبحلول عام 2003، كان المعهد قد قدم خدماته لأكثر من 350 ألف امرأة وبنت أفغانية من خلال برامجه لإعداد وتدريب المدرسين وبرامجه للتربية الصحية وتعليم حقوق الإنسان وبرامج تدريب القيادات النسائية، وحملات محو الأمية، وفقًا لمؤسسة بيتر جروبر.

وفي 2004، حصلت سكينة يعقوبي على الجائزة الدولية لحقوق المرأة، التي تمنحها الأمم المتحدة للذين قدموا إسهامات متميزة، غالبًا مع تعريض أنفسهم للمخاطر، في الدفع قدماً بحقوق النساء والبنات، والذين زادوا من الوعي العام بضرورة هذه الحقوق.

وقالت الدكتورة "سكينة" عقب فوزها بجائزة "وايز"، إنها تفوز بالجائزة التي تعني لها الكثير، خصوصًا أنّها جاءت في وقت تمرّ فيه أفغانستان بفترة عصيبة، ويعيش شعبها في رعب وفقر، مشيرةً إلى أنّ هذه الجائزة تشكّل بارقة أمل للاستمرار في توفير التعليم للمزيد من أبناء شعبها الأفغاني.

ويقف كل أفغاني وكل أفغانية، وقفة تقدير واحترام لسكينة يعقوبي، التي صنعت الكثير لبلدها وشعبها، رغم التحديات والصعاب، اليوم يتباهي الجميع في أفغانسان بهذه المرأة التي ضربت أروع الأمثال في التضحية والفداء من أجل الوطن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org