أزمة إبداع إعلامي

أزمة إبداع إعلامي

في أكثر من مقال ناقشتُ مسألة الإعلام الرياضي، وهنا أيضًا قلتُ إن نجاح أي عمل في أي منظومة ولأي منظومة لا بد أن يكون إحدى أذرعتها إعلامًا متمكنًا، يستطيع صناعة الحدث.

وفي صحيفتنا "سبق" قلتُ أكثر من مرة إن الإعلام مهنة وموهبة، وليس وظيفة. وكررتُ أن العمل الإعلامي هو إبداعي، وليس تكرارًا لبرنامج هنا وهناك، أو نقل معلومة عامة، بل هو صناعة وحراك، لا يتوقفان، ولا يمكن أن ينجح فيه إلا مَن أخلص العمل للمهنة، وليس لمصلحته.

لا شك في أن للخبرة الإعلامية دورًا كبيرًا في فهم الواقع، وطريقة الطرح، واتزانه، وتقديم العمل الإعلامي من خلال قالب يتفق مع المعايير المهنية والأخلاقية تجاه الوطن أولاً، ثم المجتمع والفرد.. وفي الإعلام مجالات وتخصصات وخبرات متراكمة، مثله مثل أي مهنة أخرى؛ فالطبيب المتخصص في الأعصاب لن تجده يباشر حالة مرضية ليست في تخصصه.. وقس على ذلك.

في سنوات ماضية كنا نعاني التعصب الذي اختفى اليوم بنسبة كبيرة، ولكن في الوقت ذاته أفهم من حالة الركود في صناعة الإعلامالرياضي كأن هناك من يريد أن يقول لنا إن الرياضة لن تعيش إلا بالتعصب، والإعلامالرياضي بدون التعصب والمتعصبين ليس له قيمة.. وهذا غير صحيح. ونحن لدينا الكثير في هذا المجال، نستطيع أن نبدع فيه، خاصة ونحن نشاهد الرياضة اليوم تتجه نحو أفق أكثراتساعًا من كونها كرة قدم أو لهوًا ولعبًا، وأثبتت الأحداث أن الرياضة جماهيريتها لدينا ليست في كرة القدم والتعصب، بل هناك ما هو موازٍ لها.

فالإعلام الرياضي مؤسسة اجتماعية قبل أن يكون مؤسسات ومنصات إعلامية، وهو في الوقت ذاته إعلام جماهيري، يخاطب مساحات واسعة داخل المجتمع، ويعكس أيضًا الوجه الحضاري له؛ لذلك أستغرب كثيرًا أن أشاهد قناتنا الرياضية معطلة، لا تنقل سوى مباريات وبعض الأحداث بعيدًا عن صناعة أي عمل إعلامي.. فنحن لدينا 24 ساعة بث يوميًّا، لا نستفيد منها. ومؤسساتنا الإعلامية الصفحات الرياضية لديها شبه تقليدية؛ لا جديد فيها، بل نادرًا ما تجد فيه حوارًا أو قضية أو استطلاع رأي أو ندوة أو موضوعًا استقصائيًّا، يعكس النشاط الصحفي والفكر الإعلامي الذي على أساسه تقوم الصحافة، ويقوم الإعلام بشكل عام.

نحن نعاني أزمة إبداع في الإعلام بشكل عام،وفي الإعلام الرياضي بشكل خاص؛ ويجب أن نتدارك هذا الأمر؛ فنحن بحاجة لإعلام قوي، يصل ويؤثر ويصنع.. ينتقد ويعالج ويسهم في النجاح. هذا الحراك هو جزء من منظومة العمل، والتطوير وصناعة المستقبل، وعلينا أن نفهم أن الإعلام اليوم هو مجموعة أدوات، يجب أن تُفعَّل جميعها، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تنجح وأنت تستخدم أداة وتترك أخرى.. هي منظومة تتحرك في التوقيت ذاته، ولكنها تذهب لاتجاهات عدة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org