لماذا نقتل أفكارنا؟

لماذا نقتل أفكارنا؟

دائمًا ما يقال إن الفكرة هي حجر الزاوية في العمل، وهي نواة الانطلاق.. وأغلب المشاريع الناجحة تبدأ كفكرة، ثم تتطور حتى تصبح مشروعًا. بعض الأفكار أصبحت مشاريع عالمية، بل تطورت حتى أصبحت شركات تتصدر قائمة الشركات العالمية.. والأمثلة في ذلك كثيرة.

نجاح تلك الأفكار ليس لأن الفكرة خلاقة وحدها، بل واكبها تطبيق وتنفيذ صحيح، أسهم بشكل كبير في تطور الفكرة ونجاحها؛ لذلك فإن الأفكار الرائعة قد يتم قتلها؛ لأن هناك مَن طبقها بشكل بدائي، وتعامل معها بطريقة سطحية، ولم يفكر كيف يجعل من هذه الفكرة أو تلك خارطة طريق؛ لتصبح مشروعًا مستقلاً بذاته، يتطور ويكبر ويستمر؛ لأن أي فكرة لا تصبح قائمة بذاتها ناجحة بأدواتها وقابلة للتطوير.. فلا شك أن ذلك يعني أنها ستموت اليوم أو غدًا.

في الرياضة لدينا الكثير من المبادرات التي من الممكن أن تصبح مشاريع عمل وطنية، وواجهة حضارية للرياضة السعودية، وملتقى سنويًّا، يجتمع فيه الرياضيون كافة من جميع أنحاء العالم.. ولكن - للأسف - طُبقت بشكل بدائي جدًّا؛ فلم نجد لها تأثيرًا ولا أثرًا ولا تفاعلاً، وكأنها عمل روتيني، لا مجال فيه للإبداع. وعلى سبيل المثال: جوائز الجولات لأفضل لاعب وجمهور ومدرب، وجائزة الحضور الجماهيري، وغيرها من أفكار الجوائز.. أعتقد أنها فكرة ممتازة، ولكن تم التعامل معها بشكل سطحي لا احترافي، بل طريقة تنفيذها جعلت منها فكرة سيئة جدًّا.

في عام 2007م قامت صحيفة الرياضية بإعلان إنشاء جائزة الرياضية للتميز الرياضي. أتذكر في ذلك الوقت كنت حينها مديرًا لتحرير صحيفة الرياضية والأمين العام للجائزة. وأتذكر أن هناك مَن راهن على فشل الفكرة من داخل الصحيفة وخارجها، ولكن بدأنا أول سنة، وقدمنا حفلاً يليق بذلك الزمن كأول حفل جوائز رياضية للرياضة السعودية، وكانت قيمة الجوائز لا تتعدى 300 ألف ريال، ولكن بعدها بسنة وصلت قيمة الجوائز لأكثر من مليون ريال سنويًّا، توزع في حفل يصرف عليه أكثر من ثلاثة ملايين ريال من دون الجوائز، وعلى أعلى مستوى، وبحضور فِرق فنية عالمية وشخصيات ولاعبين عالميين.. ليس هذا فقط بل إن صحيفة الرياضية في ذلك الوقت لم تكن تصرف ريالاً واحدًا على كل ذلك. وللتاريخ، لم يكن يعمل في هذه الجائزة بشكل يومي إلا شخصان: رئيس التحرير سعد المهدي، وكاتب هذا المقال الأمين العام للجائزة. وقبل الجائزة بثلاثة أشهر كنت أعمل 15 ساعة في اليوم للوصول لحفل ليس فيه خطأ يشوه العمل، وينعكس سلبًا على المؤسسة الإعلامية التي أعمل بها، أو على الرياضة السعودية بشكل عام، ولكن – للأسف - بعد 7 سنوات من النجاح جاء مَن قتل هذا العمل لأسباب أعرفها، ولا أريد الخوض فيها. لا أقول ذلك اليوم لأمدح نفسي، ولكن أقدم مثالاً لعمل قام على أشخاص، ونجح، فكيف بمبادرات تقوم عليها هيئات ومؤسسات ولا تنجح.

لدينا الكثير، ونستطيع أن نقدم الأفضل، ولكن علينا أن نفكر ألف مرة مَن سينفذ؟ وكيف سيبدع ويطور؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org