يعد العمل التطوعي من سمات المجتمعات المتطورة والشعوب الواعية التي تمتلك الوعي الاجتماعي الذي يدفعها للمساهمة غير مدفوعة الأجر في مساعدة المحتاجين ومد يد العون لمن يحتاجونها من أبناء مجتمعهم.
وفي هذا الإطار لم تغفل رؤية المملكة 2030 التطوع كأداة يمكنها المساهمة في الاقتصاد باستغلال الموارد البشرية وتأهيلها وتدريبها وإكسابها الخبرات من خلال الثقافة التطوعية؛ إذ إن واقع العمل التطوعي اليوم غير مرض ولا يتناسب مع المرحلة المقبلة في ظل تحديات التحول الاقتصادي الذي تخوضه المملكة، والانتقال من الاقتصاد المعتمد على النفط إلى اقتصاد يسعى للعمل على كافة المجالات الاقتصادية واستغلال جميع الموارد المتاحة.
ويبلغ عدد المتطوعين اليوم في المملكة 11 ألف متطوع فقط، وتسعى الجهود التي تبذلها كافة الجهات الرسمية بشكل حثيث إلى إحداث تغيير جذري في هذا الوضع ليقفز عدد المتطوعين بحلول 2030 إلى مليون متطوع سعودي، يضخون طاقاتهم الإبداعية والعملية في كافة مجالات العمل والحياة، ويرفدون المجتمع بالخدمات المختلفة من خلال عملهم التطوعي.
فمن جانبها تسعى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، للقيام بدورها وتركيز جهودها والتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين لنشر ثقافة التطوع والتوعية بأهميته، وتسهيل إجراءاته وتنظيمه بالشكل الذي يخلق بيئة إيجابية آمنة ومحفزة للأفراد والمؤسسات.
وقد أعلنت الوزارة مؤخراً عن إطلاق حزمة من المبادرات مطلع العالم الحالي ٢٠١٩، والتي يتم العمل على تنفيذها خلال مراحل زمنية متعاقبة تحت عنوان "مجتمع حيوي ومتكاتف" بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، مستهدفةً عدة شرائح وقطاعات مختلفة لنشر ثقافة التطوع بينها، وضبط العلاقة بين المتطوعين من سكان المملكة والجبهات الموفرة للفرص التطوعية بالقطاع غير الربحي والقطاع الحكومي.
وتسعى جملة المبادرات التطوعية لتمكين وتفعيل العمل التطوعي في القطاعات من خلال تأسيس وحدات تطوع في القطاع الحكومي وغير الربحي بهدف النهوض بالعمل التطوعي المؤسسي المنظم ذي الأثر المستدام، وتنظيم الأعمال التطوعية وفق الأهداف التنموية، وبناء معايير وضوابط وآليات وسياسات للعمل في وحدات التطوع، وتوحيد إجراءات منهجية العمل التطوعي، تحت غطاء مؤسسي يوحد إجراءاتها في القطاعين الحكومي وغير الربحي، مع ضمان تحسين جودة الفرص التطوعية وتفعيل التطوع الاحترافي والتخصصي، مع الحرص على رفع وعي المجتمع بأهمية العمل التطوعي وآثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع.