شبابنا والعمل التطوعي؟!!

شبابنا والعمل التطوعي؟!!

يوم التطوع العالمي، أو اليوم الدولي للمتطوعين، هو احتفالية عالمية سنوية، تقام في 5 ديسمبر من كل عام، حددتها الأمم المتحدة منذ عام 1985. ويُحتفل بهذا اليوم في غالبية بلدان العالم. ويُعتبر الهدف المعلن من هذا النشاط هو شكر المتطوعين على مجهودهم، إضافة إلى زيادة وعي الجمهور حول مساهمتهم في المجتمع. والعمل التطوعي هو عمل يقوم به الشخص لمساعدة غيره بدوافع عقدية وإنسانية واجتماعية بحته، وتعمد إليه الكثير من المؤسسات والجمعيات لتقديم خدمة قيمة المعاني قليلة التكاليف؛ لما يحققه التطوع من دعم القيم الفاضلة، وترسيخ أهمية العمل، ومساعدة الآخرين، والإيثار ومكارم الأخلاق، خاصة في أوقات الكوارث والحروب، والاستفادة من بعض الإمكانات التي تقدم للمتطوع لإشباع هواية أو رغبة، وقتل أوقات الفراغ، خاصة لدى الشباب، والاستفادة من طاقاتهم وتحمسهم واندفاعهم إلى ما فيه خير الفرد والمجتمع. ويشكل العمل التطوعي أهم الوسائل المستخدمة لتعزيز دور الشباب في الحياة الاجتماعية، والمساهمة في النهوض بمكانة المجتمع في شتى جوانب الحياة. كما يعد الانخراط في العمل التطوعي متطلبًا من متطلبات الحياة المعاصرة التي أتت بالتنمية والتطور السريع في المجالات كافة. وتزداد أهمية العمل التطوعي يومًا بعد يوم نظرًا لتعقد ظروف الحياة، وازدياد الاحتياجات الاجتماعية. وخير شريحة يمكن أن تُنجح العمل التطوعي، وتعطي فيه باندفاعة وحماس، يصلان به إلى حد الإبداع، هي فئة الشباب؛ كونهم قادة الغد.

والعمل التطوعي ظاهرة مهمة للدلالة على حيوية الجماهير وإيجابيتها؛ لذلك يؤخذ مؤشرًا للحكم على مدى تقدم الشعوب لإبراز الصورة الإنسانية للمجتمع، وتدعيم التكامل بين الناس، وتأكيد اللمسة الحانية المجردة من الصراع والمنافسة؛ لأن العمل التطوعي يزيد من لحمة التماسك الوطني. وهذا دور اجتماعي مهم، يقوم به العمل التطوعي.

إن زيادة إقبال الشباب على العمل التطوعي ترجع إلى الثورة المعلوماتية التي نحياها الآن، والانفتاح على الآخر الذي يقدر قيمة هذه الثقافة، ودورها في الرقي بالفرد ودوره في المجتمع.. وإن العائد المعنوي الذي يقدمه العمل التطوعي يفوق أي مقابل مادي؛ فيكفي خدمة الناس، والراحة النفسية التي تعود على المشاركين فيه، والشعور بقيمة الحياة، وإحساس الفرد بقيمة ذاته، ومدى إفادته ونفعه للآخرين والمجتمع، واكتساب خبرات كثيرة جدًّا في أغلب مجالات الحياة، وتكوينه شبكة علاقات اجتماعية كبيرة جدًّا بفضل العمل التطوعي.

ومع أن العمل التطوعي لا يهدف إلى تحقيق أي ربح مادي إلا أن هذا النشاط الإبداعي الخلاق يشكل في الكثير من البلدان إضافة مادية مهمة، ودافعًا من دوافع التنمية بشتى مجالاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ للنهوض والارتقاء بالمجتمع، ودفع عجلة التنمية.

وتظهر أهمية العمل "الاجتماعي" التطوعي للشباب بما يحققه من نتائج كثيرة لدى الشباب من خلال تعزيز الانتماء الوطني لديهم، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية المختلفة، وإعطائهم الفرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة، وإبداء الحلول لها.

وبالرغم من المعاني السامية والكبيرة للعمل التطوعي إلا أنه ما زال هناك محاولات خجولة ومكررة ووقتية للعمل التطوعي، ولم نتمكن من الاستفادة منها بالشكل الأفضل والصحيح؛ وذلك لما يتسم به العمل التطوعي "الاجتماعي" من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات، وتنمية قدرات الأفراد، إلا أننا نجد نسبة ضئيلة جدًّا من الأفراد الذين يمارسون العمل التطوعي؛ فهناك عزوف من قِبل أفراد المجتمع، خاصة الشباب منهم، عن المشاركة التطوعية بالرغم من أن الشباب يتمتع بمستوى عال من الثقافة والفكر والانتماء، وبالرغم من وجود الأنظمة والمؤسسات والبرامج والجوائز التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم.

أخيرًا.. ومن أجل النهوض بالعمل التطوعي لا بد من غرس ثقافة التطوع في نفوس النشء، وتبني مشكلات المجتمع، على أن يتوافق تكليف المتطوع مع إمكانياته وقدراته، مع مراعاة رغبات المتطوع وظروفه، وإعطائه الثقة في نفسه، إضافة إلى إيجاد التسهيلات والحوافز للمتطوعين، وإنشاء مراكز لتجمعهم، وخلق باب للمنافسة فيما بينهم لإخراج أقصى الطاقات الموجودة لديهم، ودفعهم نحو المزيد من المشاركة التطوعية في العمل العام، وعودة أسابيع النظافة والشجرة والمساجد والمرور وغيرها بشكل أفضل، واستقبال أعداد كبيرة من المتطوعين والمتطوعات لها، وتطبيق الأسلوب العلمي من خلال خبراء متطوعين، وصنع قنوات اتصال مع منظمات شبيهة بدول أخرى من دون حساسية أو التزام رسمي، والاستفادة من تجاربها الناجعة القابلة للتطبيق.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org