"طالبان" وما تحت الرماد..!!

"طالبان" وما تحت الرماد..!!

لم يستغرق الرئيس الأمريكي "بايدن" من الوقت أكثر من ساعة لإلقاء خطابه أمام الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء العالمية والقنوات الإخبارية بشأن تولي "حركة طالبان" السـلطة، وبسط سيطرتها على عاصمة البلاد، بعد غياب دام 20 عامًا؛ ليعود بعدها لإكمال إجازته في منتجع كامب ديفيد القريب من العاصمة واشنطن، وهو الأمر الذي من الممكن تفسيره وتأكيده بأن الأمور في ذلك البلد لم تعد بتلك الأهمية أو على محمل الجد بالنسبة للأمريكان كما كان في السابق، وأن الوقت قد حان لمغادرة أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب، وأن الهدف كله كما أكد "بايدن" لم يكن بناء دولة هناك..!!

ومن هنا يتضح لنا أيضًا إن أمريكا مارست فيما مضى طريقة تغذية اللاوعي إعلاميًّا في ذهابها إلى أفغانستان، وأن أهدافها المعلنة آنذاك تمثلت في القضاء على تنظيم القاعدة الذي تسبب في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لاستخدامها أفغانستان كقاعدة لها في شن هجماتها على أمريكا، وتفجير برجَي التجارة العالمي، والعديد من السفارات والمصالح الأمريكية قبل عقدين من الزمن؛ ما تسبب في تدخل الولايات المتحدة عسكريًّا في أواخر 2001 لإسقاط حكم حركة "طالبان" بالقوة الجبرية بعد رفض الحركة الحاكمة تسليم عناصر القاعدة..!!

إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في الواقع لم يكن خيارًا سياسيًّا وعسكريًّا وحسب، وإنما كذلك قرار اقتصادي أيضًا بالدرجة الأولى؛ إذ كان بسبب الكلفة العالية والباهظة ماديًّا وبشريًّا ومدنيًّا؛ ما يدل على توقيع "اتفاقية لإحلال السلام" في أفغانستان بين الولايات المتحدة وحركة طالبان مقابل التزام حركة "طالبان" بعدم السماح للتنظيمات المتشددة بالعمل انطلاقًا من المناطق التي تسيطر عليها الحركة، مع رفع العقوبات المفروضة عليها، ودعمها إن تطلَّب الأمر..!!

ومن هنا نخلص للقول إن الشعارات الرنانة لا يمكن أن تنطلي اليوم على الساذج من الناس، حتى وإن أفردت القنوات الإعلامية التجارية المساحات والساعات الطـوال في بث برامجها؛ وبالتالي فبائعو الوهم من المتشددين والأحزاب السياسية الخارجة عن القانون والحركات الراديكالية من جهة، والحكومات الغربية والدول الكبرى ذات المطامع من جهة أخرى، لا يمكن الوثوق بهم؛ فمثل هؤلاء يتبادلون العناق الحار في الغرف المظلمة، وتوقيع الاتفاقيات السرية فيما بينهم، وفقًا لمصالحهم المشتركة، ومتطلبات مراحهم الآنية والمستقبلية على حد سواء..!!

إن أمريكا أكثر من غيرها تعلم يقينًا أن ديمقراطية الطحين المزعومة كما في الهايد بارك اللندنية -على سبيل المثال- وأفلام هوليود لا يمكن تطبيقها في جبال تورا بورا شرقي العاصمة كابول؛ وبالتالي مارست من أجل ذلك تغذية اللاوعي بالقلم ومسدس "أبو محالة"..!!

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org