ندوة بحثية عن "العلاقات السعودية- الأمريكية" بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة المؤسس

بمناسبة الذكرى الـ75 للقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت
ندوة بحثية عن "العلاقات السعودية- الأمريكية" بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة المؤسس

عقدت بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة المؤسس ندوة عن العلاقات السعودية- الأمريكية بمناسبة الذكرى الـ75 للقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بتاريخ 14 فبراير 1945م.

وتحدث في الندوة السيد راين. م. كليها القنصل العام الأمريكي بجدة، وأوضح أن اللقاء جاء لرسم مستقبل العلاقات بين البلدين، ويمثل أول لقاء يجمع ملكاً سعودياً برئيس أمريكي، ووضع حجر أساس للشراكة بين البلدين، وأسفر اليوم عن شراكة شعبية بين البلدين.

وبيّن أهمية تسليط الضوء على ذلك اللقاء الذي أسس لعلاقة راسخة بين البلدين، مشيراً إلى أن اللقاء كان من الممكن ألا يحدث؛ بسبب مرض الرئيس الأمريكي، حيث توفي بعد شهرين، بعدما أسس لعلاقة راسخة بين البلدين.

واسترجع القنصل تاريخ الشراكة بين البلدين، كاشفاً عن أن أول طائرة توجهت للسعودية كانت أمريكية لتعلن بدء رحلة الطيران بين البلدين، وتابع: "ومن ثم تم إنشاء أرامكو، وكلنا نعلم أن شركات وشراكات عملاقة كالخطوط السعودية وأرمكو يوجد فيها dna الأمريكي".

وشدد "كليها" على أن الأمريكان والسعوديين بنوا نظام الطاقة العالمي، وتابع: "وقفنا إلى جوار بعضا البعض في الحرب على الشيوعية، وفي الحرب الباردة، وكذلك في تحرير الكويت، ومواجهة التهديدات للأمن العالمي، وخاصة الإرهاب".

وتطرق إلى تطور هذه الشراكة بين البلدين من خلال التبادل التعليمي من خلال عدد من البرامج التي درس فيها السعوديون في الولايات المتحدة الأمريكية، واستطرد: "كذلك توجه آلاف الأمريكيين للعمل في السعودية، وهناك الآلاف من المسلمين الأمريكيين الذين يأتون للسعودية بغرض الحج والعمرة".

وأثنى القنصل على رؤية المملكة 2030، وقال: "نتشارك مع الجانب السعودي في إنجاحها".

وثمّن القنصل العلاقات الاستراتيجية بين البلدين على الرغم من نشوب عدد من الاختلاف في الرؤى، وفي بعض القضايا، لكن هناك تفهماً بالمصالح التي تربط البلدين.

وقال: "لم نتوافق بشكل كامل حول بعض التحديات، وإن كنا قد تغلبنا على هذه الخلافات طيلة 75 عاماً".

وواصل: "كان هناك اختلاف مثلاً في قضية فلسطين، وعكفنا على الحوار معاً لتجاوزه والبحث عن نقاط الالتقاء فيه".

واستشهد بعدد من التحديات التي يواجها البلدان اليوم، وذكر: "هناك مشاكل متعلقة بالأمن السعودي والاستقرار في الخليج، وأكبر تحدّ واجه الطرفين الإرهاب العالمي الذي نسعى للقضاء عليه بالعمل معاً".

وأكد نجاح البلدين من خلال تلك الشراكة الممتدة للتغلب على تلك التحديات من خلال تجاوز النمطية في العلاقة، وقال: "خلال العقد الأخير نجحنا في تجاوز الإطار التقليدي في العلاقة من خلال شراكات في الترفيه والتعليم وجودة الحياة".

"ابن صقر": مكتشف النفط السعودي أمريكي

وأشار الدكتور عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، بأن تلك المناسبة تمثل احتفالاً للبلدين اللذين نجحا في تأسيس علاقة استراتيجية مبنية على الاحترام المتبادل وتغليب المصالح المشتركة، مضيفاً أن المملكة تمثل حليفاً حقيقاً لأمريكا، وأمريكا تعتبر حليفاً أساسياً للمملكة.

وقال: "الشركات البريطانية كانت تنقّب في البحرين والعراق ومكتشف النفط السعودي كان جيولوجياً أمريكياً، وهذا يؤكد متانة العلاقة التاريخية حيث كانت بداية الطفرة لدولة أشبه بقارة".

وكشف "ابن صقر" أن الرئيس الأمريكي قبل وفاته قال: "ما فهمته من الملك عبدالعزيز في لقاء واحد حول الصراع العربي الإسرائيلي، أكثر من عدد من اللقاءات والرسائل التي جمعتني بزعماء آخرين".

ولفت مدير مركز الأبحاث لمئات الآلاف من الطلاب السعوديين الذين درسوا في أمريكا، وأضاف: "ما زال هناك 50 ألف طالب بعائلاتهم يدرسون في أمريكا".

وامتدح "ابن صقر" بعد النظر في تأسيس تلك الشراكة، وأضاف: "عندما احتجنا الأمريكان وجدناهم في حرب تحرير الكويت، وهم كذلك وجدوا كل التقدير والدعم من السعودية خلال الحرب الباردة ومواقفها في سوق النفط".

وثمّن مدير مركز الأبحاث الدور الأمني الذي تلعبه أمريكا في المنطقة، من خلال وجودها في "الدقم بعمان والإمارات والعديد في قطر والبحرين والخرج في الرياض مؤخراً بطلب من السعودية والكويت"، حيث تلعب دوراً في الحفاظ على الأمن كما ذكر.

ولفت "ابن صقر" للتحديات التي تواجهها المملكة في سبيل حفظ أمن المنطقة من خلال الدول الثلاث: تركيا وإيران وإسرائيل، وقال: "كل منهم يمثل تحدياً خاصاً لنا ولأمننا".

وأوضح أن المملكة لها ثوابت، وقال: "دولة كالمملكة لا تريد استخدام البعد الطائفي ولا تحتل أراضي، ولا تريد هيمنة وتدخلاً في الشأن الداخلي للدول، وهذا ما يُحسب لسياسة المملكة".

واستشهد بمقولة وزير الخارجية الأسبق الأمير سعود الفيصل: "نريد عراقاً آمناً، وإيران صديقة، ويمناً مزدهراً"، وذلك تعليقاً على الأمن الإقليمي.

وعرّج رئيس مركز الأبحاث على بعض المشاكل التي تواجهها السعودية مع صناعة الأمريكي، مرجعاً ذلك لأن القرار هناك أكثر تعقيداً؛ بسبب الصراعات بين أجنحة مختلفة، وهو ما يخلف تبايناً، واستدرك: "لكن الجميل في أمريكا إذا كان قرارها غير صائب تتراجع".

"السديري": الملك المؤسس وفن قراءة المستقبل

وبدوره، اعتبر الدكتور وليد السديري مدير برنامج السياسة العامة في كلية الاقتصاد والإدارة، اللقاء يمثل توافق إرادة زعيمين استثنائيين، وقال: "قرار الملك عبدالعزيز، واختياره لأمريكا والتوجه للتعاون معها للاستثمار ينم عن قراءة للمستقبل، وواصل: "أراد بذلك البعد عن القوى الإقليمية المعروفة في ذلك الحين".

ووصف "السديري" الرئيس "روزفلت" بالاستثنائي، وقال: "أخذ أربع ولايات متتالية قاد أمريكا في مرحلة حرجة بعد الكساد، وقام بإصلاحات اقتصادية أثرها لليوم، ونجح في قيادتهم خلال الحرب العالمية الثانية".

وامتدح "السديري" السياسة السعودية التي رسختها هذه العلاقة وهي كما ذكر: "الاعتدال، والتوازان في العلاقات الدولية، والانفتاح على الآخر، والبُعد الاستراتيجي، وتصرفاتها ليست ردود فعل".

ولفت إلى أن "الاتفاقية التي عقدت شددت على تأكيد استقلال المملكة واستقرارها في ذلك مصلحة أمريكا شوف الملك عبدالعزيز، والدور القيادي للمملكة في المنطقة".

وكشف عن أن الملك عبدالعزيز خلال اللقاء تحدث عن هموم الأمة، فلسطين واستقلال سوريا ولبنان، ولم يبحث عن معونة اقتصادية كما كان يفعل الآخرون، وأضاف: "كان رحمه الله رجلاً استثنائياً وُلد ليكون قائداً".

وأوضح أن من ضمن الاتفاقيات كان هناك ضماناً للمملكة وطاقتها دون منح أراضيها، حيث كما قال كانت تقوم الشراكات بالاستئجار والكرى للأراضي، وتابع: "ضمانة أخرى طالبت بها المملكة، وهي عدم تدخل أمريكاً في الشؤون الداخلية".

وذكر أن العلاقات بين البلدين وصلت ذروتها في الحرب الباردة، والتعاون ضد إيقاف التمدد الشيوعي، وفي تحرير الكويت.

واستذكر دور الملك فيصل رحمه الله، والذي كان يحذّر من الشيوعية عندما يتحدث مع البريطانيين والأمريكان، وكانت بعض الدراسات والتحليلات هناك تصفه بالمبالغ، ونستطيع أن نقول اليوم بأنه سبق الجميع بحكم انفتاحه على العالم الإسلامي.

ووصف ردة الفعل الأمريكية بعد أحداث سبتمبر بالمبالغ فيها، مستشهداً بالمشاريع التي ظهرت، والتي كانت مؤذية على حد تعبير لأمريكا أولاً، وتابع: "ولنا كذلك في المنطقة مثل مشروع القرن الأمريكي، والشرق الأوسط الجديد".

واستدرك: "لكن السياسة السعودية ممثلةً في خادم الحرمين الشريفين نجحت في تجاوز هذه المشاريع والخلافات من خلال اللقاء التاريخي الذي جمعه بالرئيس الأمريكي "ترامب" في أول زيارة خارجية له، وتابع: "نجح الملك سلمان في أن يجمع عدداً من الدول العربية والإسلامية للالتقاء بالقطب الأمريكي؛ لبناء علاقة جديدة وفتح باب التعاون لما فيه صالح المنطقة والجميع".

وكان مدير جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن اليوبي أعلن بنهاية اللقاء تدشين كرسي العلاقات (السعودية- الأمريكية) بين كلية الاقتصاد والإدارة ومركز الخليج للأبحاث.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org