هكذا هم ناكرو الجميل، الذين تناسوا كل ما قدمته السعودية لهم من عون مادي ومعنوي، وحينما وقفت معهم في السراء والضراء، وفي العسر واليسر، حتى إذا تجاوزوا أزماتهم انقلبوا من إشادتهم بمواقف السعودية إلى إنكار ما قدمته لهم من عون على مصائبهم. وهذا لا يعمم على الجميع؛ فهناك شرفاء، ما زالوا يحملون الود، ويسعون إلى دعم أواصر الإخاء، وقد تجلى ذلك في وقوفهم إلى جانب السعودية، وقولهم كلمة الحق في وجه كل من يسيء لها بادعاءات كاذبة، تهدف إلى تفتيت اللحمة الوطنية لبلد الحرمين الشريفين، متناسين أن هذا البلد هو خط الدفاع الأول عنهم، وهو سبب فيما يتمتعون به من أمن واطمئنان، وإلا لكانوا عبيدًا، تركلهم أقدام المستعمرين.
لقد خرجنا - ولله الحمد - من هذه الأزمات التي هزت دول المنطقة بتجربة، كانت نتائجها أننا عرفنا أعداءنا الحقيقيين الذين كشفوا القناع عن وجوههم المزيفة وأعمالهم السيئة؛ فقد كانوا يظهرون لنا المودة والأخوَّة، ويطعنوننا في الخفاء. ومن مبدأ الأخوة تعامل قادة هذه البلاد معهم بالصفح وعدم المعاملة بالمثل رغبة منهم في جمع شمل الأمة، وتوحيد صفوفها ضد من يحاول شق عصا الوحدة الإسلامية للنَّيْل من الإسلام وإضعافه. وللأسف، فقد كانت يد الغدر تمتد إلينا ممن اعتبرناهم جزءًا لا يتجزأ من حياتنا طوال العقود الماضية، وائتمناهم على أسرار البيت الخليجي ظنًّا منا أن دول الخليج جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تأثرت باقي أعضائه، لكن الذي ثبت أن هناك عضوًا يريد أن يفسد باقي الأعضاء؛ وخير شاهد على ذلك أن هذا العضو الفاسد أصبح يطالب عبر أذنابه بتدويل الحرمين الشريفين.. فهل رأيتم أسوأ وأقذر من هذا التفكير، الذي يدل على الانحطاط الذي بلغته تلك الدويلة الفاشلة، التي لم تستطع أن تحافظ على أمنها الداخلي فاستدعت الجيوش الغريبة لحمايتها، وأصبحت مستعمرة، لا تملك من الأمر شيئًا إلا الذل والهوان؟ وسيأتي اليوم الذي تطلب فيه التحرر فلا تستطيع؛ فمن سلَّم نفسه للوحوش أكلته.
إن المطالبة بتدويل الحرمين ما هي إلا دعوة شيطانية، يراد من خلالها تفكيك الأمة الإسلامية، وإضعاف هيبتها ووحدتها؛ حتى يسهل على أعداء الإسلام تنفيذ مخططاتهم الشيطانية، التي بدأت بالربيع العربي الذي مزق الأمة العربية، وها هو اليوم يسعى إلى تمزيق الأمة الإسلامية.
وأخيرًا، فإن الله معنا، ولن يخذلنا، ولن تستطيع أي قوة تفكيك وحدتنا، ونحن مؤمنون بأن الله لن يُصلح عمل المفسدين.