زراعة الفرح

زراعة الفرح

كم هو مؤلم أن تقف عاجزًا وأنت ترى من يعز عليك في موقف صعب وأنت لا تستطيع أن تقدم له شيئًا. ويزداد ألمك عندما تستطيع مساعدته ويحول دون ذلك حائل. أما الأشد حزنًا وإيلامًا أن تستطيع ويستطيع غيرك ولا يتقدم أحد.

يقف الإنسان حائرًا أمام إخوة لنا، قدر الله عليهم الإصابة بأمراض مستعصية، لا يستطيع الإنسان معها إلا أن يرفع يديه إلى السماء بأن يلطف الله بهم، ويقف منتظرًا قضاء الله فيهم صابرًا محتسبًا.. فيما جعل الله لنا فرصة للمشاركة في تخفيف الألم عن إخوة لنا أيضًا من أمراض، منها مرض الفشل الكلوي.

أقول ذلك وقد مررتُ وعائلتي كافة بتجربة مُرّة أمام أحد أفراد أسرتنا وهو يعاني آلام الفشل الكلوي، ويتحمل إرهاق الغسيل وإنهاكه ومتاعبه.. ونحن نتألم لألمه، ونشعر بمعاناته. ما أطولها من أيام، شعرنا فيها بالعجز أحيانًا، ولم نفقد الأمل بالله.

لم يطل تفكيرنا أمام معاناته، وسارع كل منا إلى عمل الفحوصات اللازمة؛ علَّه يحظى بزرع كليته في جسد صالح.. وكان أخونا الأصغر أكثرنا فرحًا عندما قال الطب كلمته، وأن كليته هي الأنسب لأن تُزرع في جسد أخيه.

أُجريت العملية، ونجحت بفضل الله وكرمه، وعادت البسمة إلى شفاهنا نحن وكل المحبين الذين عاشوا معنا معاناة تلك السنة الطويلة، وخرجنا من هذه التجربة المريرة ونحن أوثق ترابطًا، وأعمق أخوَّة، وأكثر يقينًا وإيمانًا بلطف الله ورحمته.

أدعو كل أسرة أُصيب أحد أفرادها بداء الفشل الكلوي إلى أن لا يقفوا مكتوفي الأيدي حيال مرض ابن أو أخ أو قريب أو محتاج.. فتلك هي الأخوَّة الصادقة، والترابط الحق.. أشكر كل من وقف معنا أو ساندنا أو دعا لنا بظهر الغيب..

وفي النهاية أترك لكم حرية تخيل فرحة عودة الأمل لكل مريض عاجز، وفرحة كل متبرع وهو يرى (بذرة الفرح) التي يجود بها المتبرع وهي تنمو وتورق في حياة إنسان، التي عشت تفاصيلها في حياة أخويّ (صالح) و(عبدالهادي).

والحمد لله حمد الشاكرين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org