دراسة متخصصة: تماثيل الجمل تعكس براعة النحت بالجزيرة العربية

يعد من أكثر الحيوانات التي شكلت محوراً رئيسياً من الرسوم الصخرية
دراسة متخصصة: تماثيل الجمل تعكس براعة النحت بالجزيرة العربية

كشفت دراسة متخصصة أن التماثيل الصغيرة التي عثر عليها في أعمال التنقيب الأثري في مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية تعكس براعة النحت لدى حضارات الجزيرة العربية، والمكانة الكبيرة للجمل في الجزيرة العربية.
وقد انعكس ذلك بتصوير الجمل في الفنون العربية القديمة بمختلف أنواعها، حيث لفتت الدراسة إلى أن الجمل يعد من أكثر الحيوانات تصويراً ضمن موضوعات الصور الحيوانية التي شكلت محوراً رئيسياً من الرسوم الصخرية في أرجاء متفرقة من الجزيرة العربية.

وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور سعيد فايز السعيد، والدكتور حسني عبدالحليم عمار، أستاذا الآثار بجامعة الملك سعود إلى أن الجمل لعب دوراً كبيراً في حياة سكان الجزيرة العربية منذ عصور ما قبل التاريخ، واستمر ذلك الدور خلال عصر الممالك العربية القديمة وفي العصور الإسلامية.

وقالت الدراسة: ربما يرجع السبب في ذلك إلى الطبيعة الصحراوية للجزيرة العربية، وطبيعة النشاط الاقتصادي لسكانها الذي اعتمد في المقام الأول على التجارة. ونظراً لطول طرق القوافل التجارية, فلم يكن هناك بديلاً لسكان الجزيرة عن استخدام الجمل وعلى نطاق واسع في عمليات النقل وتجارة القوافل بين جنوب الجزيرة من ناحية, وبين شمال غرب الجزيرة وما وراءها في مناطق بلاد الشام ومصر, وبينها وبين مناطق الخليج العربي وما يقع شمالها في مناطق بلاد الرافدين من ناحية أخرى.

وأضافت: الجمل يمكنه السير لمدة خمسة إلى ستة أيام أو أكثر دون أن يرد الماء، قاطعاً مسافة تصل لحوالي 400كم, لذا اعتبر سفينة الصحراء، بالإضافة إلى كونه مصدراً رئيسياً للبروتين الحيواني المتمثل في لحمه ولبنه, إضافة إلى تنوع الغرض من استخدام جلده ووبره بل وعظامه أيضاً.

وكشفت الدراسة أن الرسوم الصخرية دلت على وجود الجمل في الجزيرة العربية منذ أواخر عصر البليستوسين، أما الفترة التي تم استئناس الجمل فيها, فقد تباينت آراء الدارسين حولها. فهناك من يرى أن ذلك حدث في أواخر الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد، بينما يرى آخرون أن استئناس الجمل يعود إلى النصف الثاني من الألف الرابع أو مع بداية الألف الثالث قبل الميلاد.

وأوضحت الدراسة أنه تم العثور على تماثيل صغيرة لجمال أغلبها من الفخار في معظم المراكز الحضارية على طول طرق التجارة في الجزيرة العربية مثل الفاو وثاج ومدائن صالح وغيرها. والملاحظ أن بعضها وجد في أماكن العبادة , وبعضها الآخر في المقابر، ولعل الهدف من وضع بعضها في المقابر دليل على مكانة الجمل.

وقالت الدراسة: على الرغم من هذه المكانة المتميزة للجمل لدى جميع سكان الجزيرة العربية بوجه عام وسكان البادية بصفة خاصة, واعتباره من أثمن الأشياء التي يمتلكونها, وعلى الرغم من وجوده مدفوناً مع الإنسان بأعداد كبيرة في مدافن الظهران ومليحة ورغم الشعر والأغاني والقصص الأسطورية التي دونت حول الجمل، إلا أنه لم يعبد كحيوان مقدس في العبادات الشركية الوثنية في الجزيرة العربية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org