ليس بالأدب يُنهى العدوان .. عندما تحدث "ترامب" بلغة شاذة يفهمها "أردوغان"!

في سوريا وغيرها حرص على مناطحة الكبار وهو ليس منهم و"وصمة العار" باقية
ليس بالأدب يُنهى العدوان .. عندما تحدث "ترامب" بلغة شاذة يفهمها "أردوغان"!

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردغان؛ ظن أنه الخليفة الجديد؛ ليس للمسلمين فحسب، وإنما للعالم، حيث يحق لهذا الخليفة، أن يفعل كل ما يشاء، دون أن يحاسبه أو ينتقده أحد، كائناً مَن كان، فقرر أن يغزو شمال سوريا، دون مسوغ قانوني دولي، يتيح له فعل ذلك مع دولة كاملة السيادة، وعضو في الأمم المتحدة.

ولكن "أرودغان"؛ استفاق من الحلم، مستقبلاً الحقيقة المرة، بأنه "أحمق"، على حد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ في رسالة وجّهها إليه؛ لحثّه على وقف الاعتداء الغاشم على الشمال السوري، ويبقى العجيب أن اللغة التي تحدث بها "ترامب"، هي اللغة الوحيدة التي ـ على ما يبدو ـ استوعبها أردوغان؛ وقام على الفور بوقف الحرب لفترة مؤقتاً، علما أنه تجاهل عشرات الرسائل والمخاطبات الدولية، التي كانت تدعوه بلغة دبلوماسية "مؤدبة"، لوقف الحرب.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب؛ قد بعث برسالة إلى نظيره التركي، رجب طيب أردوغان؛ يوم 9 أكتوبر، وهو اليوم ذاته، الذي أعلنت فيه أنقرة بدء العمليات العسكرية في شمال سوريا، وأطلقت عليها اسم "نبع السلام"، قال فيها "ترامب" مخاطباً "أردوغان": "لنعمل على صفقة جيدة، لا تكن أحمق"، محذّراً الرئيس التركي في لغة أثارت صدمة قائلاً: "لا تكن شخصاً قوياً"، لافتاً إلى أن "التاريخ سينظر إليك إيجابياً إذا حققت الأمر بصورة صحيحة وإنسانية"، محذراً إياه في الوقت ذاته من أن التاريخ سينظر إليه "إلى الأبد كالشيطان إذا لم تحصل أمور جيدة".

توتر غير مسبوق

وعكست رسالة "ترامب"؛ إلى "أردوغان"؛ حالة غير مسبوقة من التوتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة من جهة، وبين الرئيس الأمريكي والرئيس التركي شخصياً من جهة أخرى، حتى قبل العدوان على سوريا، وتجسّد هذا في التحدي الذي كان يبديه أردوغان؛ للرئيس الأمريكي، وتهديد الأخير له بأنه سيدمّر الاقتصاد التركي تارة، ويمنع تصدير الأسلحة الأمريكية لأنقرة تارة أخرى، وهذا المشهد يناقض ما يصوّره الإعلام التركي عن طبيعة العلاقات بين البلدين، وبأنها على خير ما يرام.

لغة مُهينة

ولا شك أن رسالة "ترامب"؛ ليست خطابًا انتخابيًا للرئيس الأمريكي، بل رسالة رسمية جادة وحازمة خرجت من البيت الأبيض، وسُربت قبل ساعات من صحفيّة أمريكيّة‪، وتمّ تأكيد صحتها من البيت الأبيض، ولعل هذا ما جعل "أردوغان"؛ يشعر بفداحة ما أقدم عليه، وبأنه يناطح الكبار فقرّر وقف الحرب ولو مؤقتاً.

ويبقى المسيء حقاً، تلك العبارات المهينة التي استخدمها الرئيس الأمريكي في حديثه لأردوغان؛ فهي ليست لغة يُخاطب بها الرؤساء إطلاقاً، ولم تعرف لها الأعراف الدبلوماسية والسياسية بين البلدان مثيلاً على مر التاريخ، وتحمل في طياتها الكثير من الدلالات والإهانات لرئيس لم يبق له أيّ قدر من الاحترام أمام العالم.

وتقول صفحات التاريخ إن "أردوغان"؛ اعتاد أن يناطح الكبار ويتحدّاهم، وهو ليس منهم، معتقداً أنه بهذا الأسلوب سيكون أحد زعماء العالم، يتحدث فينصت له الجميع، ويخطب في الناس فيطربون لما يقول، متناسياً أنه رئيس دولة غير محبوب من جميع أبناء شعبه؛ لأنه تجبّر عليهم، ومنح لنفسه سلطات واسعة جداً، حوّلته إلى ديكتاتور بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.

وصمة عار

الاحتلال التركي لسوريا، وإن كان تحت أيّ مسميات عدة، لم يلقَ أيّ تأييد من دول العالم، فالجميع انتقده واستنكره، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية ودول أوروبا، والكثير من دول العالم، التي رأت فيه احتلالاً وهمجية غير مقبولة، بيد أن "أردوغان"؛ يرى الحرب في شمال سوريا "نبع سلام"، كما سمّاها.

همجية الحرب التركية على سوريا، ستكون وصمة عار على جبين الرئيس التركي، الذي انتقد إسرائيل مرات عدة، لأنها تقتل الأطفال والشيوخ في فلسطين، واليوم هو يعيد ويكرّر ما تفعله إسرائيل بشكل أبشع، ولكن على الأكراد الذين مات منهم عدد كبير، وتشرّد الآلاف من منازلهم، ورغم ذلك، خرج "أردوغان"؛ على العالم في أوقات سابقة، ليؤكّد أن الحرب التي بدأها في سوريا، لن تتوقف إلا بعد أن تحقّق أهدافها، في تحدٍّ صارخ للرأي العام العالمي، الذي يرى أن "أردوغان"؛ تجاوز كل الحدود والأعراف ونزع من قلبه كل علامات الإنسانية، في حربه على الأكراد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org