إمام المسجد النبوي: العاقل هو من يجهّز قبره لنفسه بالعمل الصالح

شدد على أن المسلم الحصيف يحذر مَواطن الغفلة والهلاك والأكاذيب
إمام المسجد النبوي: العاقل هو من يجهّز قبره لنفسه بالعمل الصالح

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي، المسلمين بتقوى الله تعالى.

وقال في خطبة الجمعة اليوم: مسيرة الحياة طويلة في ظاهرها، وهي سريعة الزوال والارتحال، والعاقل في الدنيا يستذكر أحواله وانقضاء الأعمار؛ فيرقّ قلبه ويلين فؤاده.

وأضاف: المنزل الذي لا يسع كل راحل إلا يوم نزوله هو القبر، قال صلى الله عليه وسلم: (إن للقبر ضغطة، لو كان أحد ناجياً منها نجا سعد بن معاذ)، وكان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته؛ فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (القبر أول منازل الآخرة؛ فإن ينجو منه؛ فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشد منه)، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه).

وأردف: من أركان الإيمان باليوم الآخر الاعتقاد بحقيقة القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا ألا تَدَافنوا؛ لدعوت الله أن يُسمعكم عذاب القبر الذي أسمع).

وتابع: زيارة القبور للعبرة والعظة سنة وقربة؛ فمن زار القبور تذكر الأموات وهم ممن سبق من آبائه؛ فيتيقن أنه ميت ومقبور مثلهم ومسؤول في قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة).

وقال "الثبيتي": العبد إذا دفن في قبره ومضى من كان معه؛ فإن أول زواره مَلكان يمتحنانه، قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (إذا وُضع الميت في قبره؛ فإنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه)، قال: (فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن يساره، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه؛ فيؤتى من قِبَل رأسه، فتقول الصلاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى من يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى من قِبَل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل، فيقال له: اجلس، فيجلس، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم، ماذا تقول فيه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، قالوا: إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه، قال: عم تسألوني؟ قالوا: ما تقول في محمد هذا الرجل الذي كان فيكم؟ أي رجل هو؟ وماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أشهد أنه رسول الله، إنه جاء بالحق من عند الله عز وجل؛ فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تُبعث إن شاء الله، ثم يُفتح له باب من أبواب الجنة؛ فيقال له، ذاك مقعدك فيها وما أعد الله لك فيها، ويزداد غبطةً وسروراً، ثم يُفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: ذلك مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو عصيته؛ فيزداد غبطةً وسروراً، ثم يُفسَح له في قبره سبعون ذراعاً وينور له ويعاد الجسد كما بُدئ، وتجعل نسمته في النسم الطيبة، وهو طير يعلق في شجر الجنة) قال: فذلك قول الله تعالى {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}.

وأضاف: فإن كان كافراً أُتِيَ من قِبَل رأسه فلم يوجد شيء، ثم أُتِيَ عن يمينه فلم ير شيئاً، ثم أتي عن يساره فلم يوجد شيء، ثم أتي من قِبَل رجليه فلم يوجد شيء، فيقال له: اجلس، فيجلس خائفاً مرعوباً، فيقال له: ما رأيك في هذا الرجل الذي كان فيكم؟ أي رجل هو؟ وماذا تشهد له؟ فيقول: أي رجل؟ فيقال: محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: ما أدري، سمعت الناس قالوا قولاً فقلت كما قال الناس، فيقال: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تُبعث إن شاء الله، قال: ثم يُفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك؛ فيزداد حسرةً وثبوراً، ثم يُفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال: ذلك كان مقعدك من الجنة وما أعد الله لك فيها لو أطعته؛ فيزداد حسرةً وثبوراً، ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، قال أبو هريرة، فذلك قوله: {فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى}.

وأردف إمام وخطيب المسجد النبوي: العاقل يستعد قبل الموت ويهيئ قبره لنفسه بالعمل الصالح قال صلوات الله وسلامه عليه: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته.

وتابع: القرآن هو المؤنس في وحدة القبر ووحشته وقراءة سورة الملك؛ فهي من أسباب النجاة من عذاب القبر والاستعاذة من عذاب القبر في التشهد الثاني.

وقال "الثبيتي": المسلم الحصيف هو من يحذر مواطن الغفلة والهلاك التي تفسد المجتمع وتفتن في القبر؛ كترويج الأكاذيب وبثها؛ ففي حديث الإسراء والمعراج أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يغدو إلى بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق).

وأضاف: من أسباب عذاب القبر، المشي بين الناس بالنميمة، وإهمال الطهارة.. مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول الله لِمَ فعلت هذا؟ قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org