محنة شديدة علَّمتنا مواقف عديدة

محنة شديدة علَّمتنا مواقف عديدة

ما نمرُّ به في هذا الوقت ربما يراه بعض البشر عاديًّا جدًّا، وأنه مجرد وباء أو فيروس، يظهر مدة، ويختفي. ونقول: بإذن الله مدة ويختفي، ونتعلم من هذه الأزمة درسًا، نصعد به إلى الأعلى، ونقوى به على كل الأزمات بإذن الله.

لكن ماذا تركت لنا هذه الأزمة؟ هل نقول إنها وضعت بصمة في قلوبنا، أو وضعت شيئًا في قلوب هذه البشرية؟ أم ماذا؟!

ما جرى في الكون من هذا الفيروس قد مرَّ على كل مكان، أو بالأصح الكرة الأرضية بأكملها. ولو يوجد كوكب آخر يسكنه بشر لجرى عليهم وانتقل لهم مثلما جرى علينا دون أي استغراب أو تعجب؛ كون أننا نعلم أن حقيقة الفيروس ومهنته هي الانتقال والانتشار بين كل جسد بشري على هذه الكرة الأرضية. وبالتعليمات والنصائح والإرشادات نحن لا نعطي هذا الفيروس ولا نسمح له بأن يخوض أكثر وأكثر؛ لأننا أكثر حرصًا على سلامتنا وسلامة مَن حولنا؛ لأننا أكثر ثقافة ووعيًا، ونفتخر بذلك..

وجهود قادتنا وحرصها على سلامتنا، وجهود وزارة الصحة وحرصهم علينا، تعلمنا درسًا، وتضع في صدورنا وقلوبنا أننا لسنا بشيء عادي، وإنما حياتنا مهمة لديهم؛ ووضعوا كل وقتهم لنا.

ففخرًا لكِ يا نفسي هذه المكانة منهم.. ويحق لي وحقًّا عليَّ وعليكم أنا نخدمهم بكل أمانة وصدق، وأن نخلص بالدعاء لهم..

كل شيء سوف يعود -بإذن الله- إلى ما كان قبل، وأفضل وأحسن وأقوى.. الوباء سينقطع.. والمدارس والجامعات ستكمل مسيرتها التعليمية.. وكل موظف سوف يباشر عمله.. والاقتصاد سوف ينهض بقوة ويرتفع.. لكن ماذا تعلمنا من هذه الأزمة والمحنة الشديدة؟؟

لكل شيء في هذا الكون إيجابيات وسلبيات. لا نقصر القول بأن الشر ليس له إيجابيات، ولا نقصر أيضًا بأن الخير ليس له سلبيات. والأمثلة عديدة جدًّا. وأختصر قولي حول ما نمرُّ به الآن..

الدروس كثيرة جدًّا، والمواقف عديدة، وتختلف من شخص إلى آخر. كل ذلك يرجع إلى بيئته وعقله وعمره وثقافته.

لكن في مجمل القول، وعند البشر كلهم، ما نمرُّ به الآن علَّمنا أن الصبر جميل، وأن نصبر على كل ابتلاء أو محنة أو أي ضائقة نمرُّ بها. علمنا أن الصحة نعمة، والعافية لا تُقدر بثمن. يكفي ما نراه بجهود هذه الدولة، وما وضعته لنا.. علمنا أن الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، وأن تنجز مهامك في الوقت المسموح لك بالتجوال فيه، مع الضوابط والتعليمات؛ حتى لا يتأذى الغير..

وقد انتشر في كل بيت ممارسة الألعاب مع الأهل، وهذا شيء إيجابي بالنسبة لنا، وقضاء الوقت كله بالبيت. ونركز على كلمة الوقت كله؛ لأن قبل هذه الأزمة كانت توجد لدينا التجمعات والاستراحات والمناسبات والدوام.. وكل هذه تأخذ الوقت منا ومن أهلنا، ولا نذهب للبيت إلا وقت الخلود للنوم..

* * * * * *

انتشرت رسائل تناقلها الناس كثيرًا عن الوباء والابتلاء. نحن نؤمن جيدًا بأن الله شديد العقاب، وأن الله غفور رحيم. لماذا نسيء الظن بالله عندما نقول إن ما نمرُّ به الآن عقاب؟ لماذا لا يكون حبًّا من الله لنا نحن عباده؟ فالله إذا أحب ابتلى؛ ليختبر صبر المؤمن. فالله كله خير لنا؛ فلنحسن الظن بالله، ونجعلها نقطة نجدد فيها أذهاننا وقلوبنا، وأن نستغفر الله من كل تقصير صدر منا، ونحسن الظن في كل خطوة بحياتنا..

لأن على حسن الظن سوف نُرزق، وعلى حسن الظن سوف يتحقق لنا ما نريد بإذن الله.

أندهشُ من هذا الكون، بما يحمله فوقه من صغير وكبير، كيف لفيروس صغير أن يغيِّر مجراه، ويغيِّر نتائج دخوله الجسم دون أن يغيِّر أعراض اعتداد البشر عليها من وعكة صحية وحرارة وزكام طوال السنة، مع اختلاف الفصول والتغيرات الجوية. دائمًا نقول: اختلاف النتائج في كل شيء يصدر لنا، موقف أو أزمة أو بشرى أو أي شيء كان..

كورونا.. كوفيد_19، أوجِّه لك هذه الكلمة في سطر واحد، وأختم بها ما احتواه قلمي من مضمون عنك..

(كورونا.. كوفيد- 19).. عمرك قصير، وأجلك قريب، وسينتهي هذا العالم كله منك عاجلاً بإذن الله، وسوف تبقى ذكرى خلفتها لنا أمثالك، مثل غيرك من أي وباء مرَّ بعصور هذا التاريخ.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org