مائة يوم تضع الخطوط العريضة وتهيئ البنى التحتية لتأهيل قرية "العكاس" بعسير

تبعد عن أبها ٨كم وتحتوي على مبانٍ تراثية ومسجد تاريخي يعود إلى ٧ قرون
مائة يوم تضع الخطوط العريضة وتهيئ البنى التحتية لتأهيل قرية "العكاس" بعسير

أسفرت الجهود المتواصلة لإطلاق مشروع تأهيل وترميم قرية العكاس التراثية بأبها، خلال ما يزيد على ١٠٠ يوم، عن وضع الخطوط العريضة وتهيئة البنية التحتية للمشروع، بدعم أمير منطقة عسير ومتابعة نائبه.

وينتظر أن يتولى المشروعَ جمعية تعاونية تتكون من أهالي القرية، باتت في طور إجراءاتها النهائية للاعتماد، بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية في مقدمتها أمانة المنطقة والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ إذ كون فريق من أهالي قرية العكاس وضع المخطط العام للمشروع مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، يشمل متحف ومطاعم ومقاهي ومواقع عرض المنتجات الحرفية؛ فيما أنهت أمانة المنطقة قص ومسح أرض تسمى الحرجة، ستحتضن مركزاً حضرياً وتنموياً للقرية، إلى جانب استمرارها في أعمال النظافة؛ بينما تتولى كل من "النقل" و"الاتصالات" و"المياه" أعمالاً تختص بالبنية التحتية؛ على أن تقوم إدارة الزراعة بري المزارع خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال عضو لجنة الأهالي الدكتور خالد بن سعيد أبو حكمة: إن تلك المنجزات جاءت إيماناً منهم برؤية ٢٠٣٠ لدعم وتعزيز الهوية التاريخية والعمرانية في القرى التابعة لمنطقة عسير، والمحافظة على الموروث، وتحقيق رؤية البلاد في إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي، وتسجيلها دولياً وتمكين الجميع من الوصول إليها بوصفها شاهداً حياً على إرثنا العريق وعلى دورنا الفاعل وموقعنا البارز على خريطة الحضارات الإنسانية؛ مضيفا أن الأهالي وجدوا تفاعلاً وتجاوباً منقطع النظير من قِبَل الجهات الحكومية.

وأشار "أبو حكمة" إلى أن قرية العكاس تفردت بمميزات عدة جعلت من تطويرها وتأهيلها مطلباً ملحاً؛ فهي قريبة جداً من مدينة أبها، ومساجدها وبيوتها وقلاعها وحصونها الأثرية تتميز بطابع هندسي جمالي فريد، ومزارعها متنوعة ولها إطلالات جميلة على وادي عشران، وقبل ذلك الإنسان العكاسي الذي له قصة عشق مع قريته، والمحب للتغيير والتطوير؛ فلم يكن في يوم من الأيام جامداً أو عائقاً لحركة الزمن المتطورة والمتسارعة.

وأضاف أن أنظار المسؤولين -وعلى رأسهم أمير المنطقة ونائبه- اتجهت إلى هذه القرية؛ لتكون معلماً مميزاً؛ بتطويرها وتأهيل معالمها، بما يتواءم مع طبيعة الإنسان والمكان؛ حيث كان لهذه المبادرة أثر عميق في نفوس أهالي قرية العكاس، ووجدت ترحيباً منهم؛ لإيمانهم بضرورة التطوير والسير قُدُماً نحو تحقيق أهداف الرؤية الطموحة التي جعلت من إعادة تطوير وتأهيل التراث العمراني هدفاً أساسياً لإظهار التنوع البيئي والسياحي للمملكة العربية السعودية واستغلاله الاستغلال الأمثل اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

وأبان "أبو حكمة" أن هذا التطوير والتأهيل للقرى التراثية؛ يحقق أهدافاً كبرى لها أهميتها، ومن ذلك: الانتماء الحقيقي للمكان وتطوير الإنسان فكرياً وثقافياً، وعودة الأجيال الشابة لتراثها وقيمها الاجتماعية الأصيلة، والفائدة الاقتصادية للأهالي، وتحقيق فرص وظيفية لشباب وفتيات القرية، وإبراز المقومات الصناعية والحرفية والزراعية التي يتمتع بها أهالي القرى؛ مما يسهم في عودة الأهالي للقرى لتخفيف العبء على المدن.

بدوره، شدد عضو اللجنة الكاتب الإعلامي علي بن مسلط العكاسي على أن سكان القرية احتفوا باستعادة ترميمها وتأهيلها من قِبَل أهلها دون المساس بخصوصيتها، واستنطاق شواهدها قبل اندثارها، ووصول كل الخدمات إليها.

وأضاف "العكاسي": "حين تعود قرية العكاس التي يحيط جبلها الشهير (فارس) بكامل القرية من جهة الجنوب إلى واجهتها الحضارية القديمة؛ فإنها ستصبح منارة تراثية وتاريخية على مستوى الوطن؛ حيث إن حصونها وقلاعها شاهد على مكانة القرية".

وتابع: تطل القرية على وادي عشران من الغرب والشرق والذي تنطلق شلالاته ومصباته الأولى من أعالي جبل تهلل بالسودة، والذي يمر بدءاً بأعلى القرية بما يسمى (المسارة) ثم (البادي)، وتتوزع على ضفافه مساحات كبرى ومتباينة من المدرجات الزراعية المنتظمة والبديعة التي تنتج فواكه الخوخ والعنب والتين والرمان وغيرها، والكثير من الخضروات وحبوب القمح والذرة، ويعتليها سدها الواسع في الحجم والمخزون.

ونوّه بأن قرية "العكاس" من أكبر قرى عسير التراثية؛ حيث تضم القلاع الحربية وخمسين -أو يزيد- من البيوت والأماكن التراثية.. وتمتاز حصون القرية وقلاعها بانضباطها في التوزيع باتجاه الشمال والتي تبدأ ببناية جامعها الكبير، والتنسيق في طرقاتها ومنافذها والتوزيع في ساحاتها العامة والتي تبدأ بما يسمى بـ(الكثبان) مروراً بمرحبها الكبير المسمى بـ(المشوعة)، وهو مكان مستوٍ وواسع لاستقبال ضيوف القرية وإقامة المناسبات الاجتماعية الرسمية منها والشعبية، وانتهاء بما يسمى بـ(زهوان)، ويطل على واديها غرباً ويتوسط القرية التراثية مسجدها الأثري والبالغ عمره ٧٠٠ عام، كذلك كثرة ما يسمى بـ(الجرن)، التي تعد محطة مهمة للدوس وتصفية الحبوب بعد الحصاد من المزارع؛ فيما يقع ما يسمى بـ(المنظاف) في طرف الجرين؛ إذ إن هذه الجرن يتم اختيار مواقعها بعناية تامة بتحررها من المصدات الهوائية والحرص على اتجاهات الرياح الشرقية والغربية، كما تميزت بما يسمى بالكتاتيب (المعلامة)، والتي تعد أشهر قرى عسير بمدارسها على مدار قرون مضت، ولديها تاريخ عريض كضامتها الشهيرة، وهو كضم الماء من أجل سقيا المزارع وتوزيعها بين المزارعين بالتساوي كل حسب مساحاته الزراعية، ولديها فلسفة في هذا الشأن، كذلك ما يسمى بـ(الحسو) والذي يُعد مهيأ لسقيا المواشي والدواب، ويحفل بتوزيع مقنن في طرقاته ومحتواه.

وختم بأن سكان هذه القرية التاريخية والتراثية الوادعة، والتي تبعد عن مدينتها أبها بـ٨ كيلومترات، يحرصون على عودة قنوات الري فيها حتى تعود مدرجاتها الزراعية أكثر نضارة وإنتاجاً.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org