يوميات توحيد المملكة .. حاكم الحجاز ينتهك حرمة مكة ويقصفها بالقنابل بعدما فتحها "المؤسس"

رداً على فعلته قال له نائب الحرم: تطلبون الملك المهين وقد أهانكم الله
يوميات توحيد المملكة .. حاكم الحجاز ينتهك حرمة مكة ويقصفها بالقنابل بعدما فتحها "المؤسس"

في إحدى يوميات توحيد المملكة التي خاضها الملك عبدالعزيز، وثقت صحيفة "أم القرى" في العدد 50 الصادر في يوم الجمعة 11 ديسمبر 1925م، جريمة نكراء ارتكبها حاكم الحجاز وقتئذ الملك علي بن الحسين؛ في حق مكة المكرّمة والبيت الحرام؛ ما دعا نائب الحرم المكي حسين بن محمد؛ إلى توجيه خطاب له عبر الصحيفة يحمّله فيها مسؤولية جريمته أمام الله والمسلمين ويبشره بخسران ملكه.

ففي محاولة يائسة منه للمناورة على مطلب الملك عبد العزيز له، بالتنازل عن حكم الحجاز ومغادرة جدة، التي تحصن بها بعد أن دحرته قوات المؤسّس عن مكة المكرّمة في أكتوبر 1924م، ففر هارباً إلى جدة، وفي محاولة أخرى لتخفيف الحصار المشدد الذي فرضه الملك عبدالعزيز على المدينة وامتد قرابة عام؛ تجنباً لإراقة الدماء والضغط عليه لمغادرة الحجاز، لم يتورع علي بن الحسين؛ عن استخدام أي وسيلة متاحة أمامه للإبقاء على حكمه، حتى إنه أقدم على قصف مكة المكرّمة بالقنابل بالاستعانة بطائرات أجنبية دون مراعاة لحرمتها ومكانتها عند الله والمسلمين، في جريمة نكراء لم يُقدم على مثل نوعها أحد قبله.

وتحت عنوان "إلى الشريف علي حاكم جدة"، قال حسين بن محمد: "تعلم أن الله -سبحانه وتعالى- أكرم البيت الحرام وشرّفه بآيات جليلة فقال مخاطباً لأهله (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ومع ذلك تحاول أن تخيفهم وتذيقهم شر العذاب، فتريد أن تقطع عنهم السبل وتمنع الحاج، كل ذلك بغية منك في تأسيس ملك شخصي مطلقاً العنان لنفسك، وبذلك تتحكم في بلاد الله وعلى عباد الله، كما تحكم مَن سبقك من الظالمين، إن هذا شيء نكر ولست بموفقٍ فيه إن شاء الله.

إننا والحمد لله في خير ورخاء، وقد أفاض الله علينا نعمة من السماء والأرض، حتى إنه لما توقفت عين زبيدة بسبب كثرة السيول والأمطار سهّل الله تعميرها على يد المسلمين بجد ونشاط، فأصبح جميع سكان بلد الله الحرام يروون ويستقون فيها ويشكرون الله على فضله ونعمه، وفي هذا العام إن شاء الله تعالى سيكون للإسلام والمسلمين شأن عظيم فلا تستطيع أنت ولا أمثالك مهما يوحي إليكم شياطين الإنس والجن من الوساوس والدسائس، أن تصدوا أحداً عن فريضة الإسلام.

إننا نقول ذلك ونحن واثقون من أن الله واحد قهار وعادل جبار، ولا شك في ضلالكم وغيكم ونبذكم أحكام الدين، وتطلبكم الملك المهين وقد أهانكم الله والعياذ بالله، برزتم للقتال فخذلكم الله، وأردتم قطع معاش أهل الحرمين فقطع الله معيشتكم، قعدتم في مينائهم (جدة) تذيعون الأكاذيب بقصد إيهام المسلمين ورجاء مساعدة أعداء الدين، فأذاقكم الله بأسه، وألبسكم لباس الجوع والعطش والخوف، جزاء بما كنتم تعملون وفتح الله أبواب رزقه للمسلمين من حيث لا يحتسبون.

حصل هذا كله وأنتم لا تفقهون ولا تبصرون (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، إنكم ولا شك من الذين طمس الله على قلوبهم وأبصارهم فأصبحوا لا يعقلون، فحسبكم ما أصابكم من البلايا والرزايا في سبيل انتهاك حرمة الإسلام وأذى المسلمين.

كيف أنتم وقد أرسلتم إليها طائرة فيها رجال من غير المسلمين يعلون بيت الله وحرمه، ويقذفون على أهله وسكانه الآمنين القنابل، ليفزعوا الآمنين ويريقوا دماء الأبرياء المعصومين، كأنه لم يكفكم ما فعلتم في أدواركم المتقدمة ذات الصحائف السوداء من إراقة دماء الطائفين والعاكفين والوافدين إلى بلد الله الحرام.

مهلاً إنكم مستدرجون وإلى جهنم واردون، ولن ينفعكم إن شاء الله ما كنتم تدخرون، ولن ينصركم الناصرون، وسيحيق بكم المكر السيئ، وتصبحوا خاسرين بحول الله وقوة كلمة الدين، ويصبح أهلها هم الظاهرون، والأمر على كل حال بيد الله يحكم بيننا وبينكم بما يشاء".

ويلفت الانتباه في الخطاب مواجهة نائب الحرم لعلي بن الحسين؛ بالجرائم التي ارتكبها هو ووالده الحسين بن علي؛ في حق مكة المكرّمة وأهلها، ومنها منع أداء فريضة الحج على أهل نجد وغيرهم، وقطع سبل الوصول إلى مكة، وإراقة دماء الطائفين والوافدين إلى بيت الله الحرام وحصارها اقتصادياً وتجويع سكانها عقب فتح الملك عبدالعزيز لها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org