تعرّف كيف ودّع أهالي الأحساء آخر أيام شهر شعبان بـ"يوم القرش"

موروث شعبي يُدخل السعادة إلى أهالي المحافظة
تعرّف كيف ودّع أهالي الأحساء آخر أيام شهر شعبان بـ"يوم القرش"

تودع آلاف الأسر في محافظة الأحساء، اليوم، شهر شعبان، وتستقبل غداً شهر رمضان، بموروث شعبي مُستمد من عادة محمودة توارثوها عبر الأجيال، تهدف إلى تقوية العلاقات الأسرية والاجتماعية، وذلك بإقامة "يوم القرش"، وهو يوم تُصنع فيه العديد من الأطباق الشعبية بكميات كبيرة، وتتم دعوة الأسر الفقيرة والمحتاجة إلى تناولها في اليوم الأخير من شهر شعبان، مع توزيع بعض النقود عليهم، لرسم الابتسامة عليهم قبل مجيء شهر رمضان.

وفي يوم القرش يتبادل الناس التهاني بقدوم شهر الصوم، قبل أن تجلب كل أسرة طعامها في مكان محدد، غالبًا يكون عند الجد والجدة أو في مزارع النخيل أو الاستراحات.

وحتى قبل أربعة عقود، كان لـ"يوم القرش" تقاليده ومظاهره المميزة في الأحساء؛ حيث كان يُقام في أماكن التعليم التقليدية (الكتاتيب)، وتتلقى المعلمة أو المعلم خيرات البيوت من البيض والهدايا، ويُحضر كل فرد لحماً وأرزاً ومقادير الطبخ، لتعده المعلمة للجميع، ويتناولونه في اليوم ذاته.

وتحرص نساء الأسر، في "يوم القرش"، على إعداد الأطباق الشعبية الدسمة، مثل الجريش، والأرز الحساوي، واللحم والدجاج، واللقيمات، والهريس بطرق احترافية؛ حتى تنال رضا الفئات المستهدفة. ومن جانبهم يقيم الرجال الموائد، ويرصون الأطباق الشهية.

ويرى أهل الأحساء أن "يوم القرش" أسهم في مدّ يد العون والمساعدة للعديد من الأسر الفقيرة في المحافظة، فضلًا عن دوره في توثيق العلاقات والروابط بين الغني والفقير، وإذابة الفوارق بينهم، في الجلوس على موائد عامرة بشتى الأطباق الشهية. ويقول عدنان محمد من سكان قرية المطيرفي بالأحساء، التي اشتهرت بإقامة فعاليات يوم القرش: "سعادتنا بهذا اليوم لا توصف؛ لذا نستعد له في الأيام وربما الأسابيع الأخيرة من شهر شعبان، وتتشارك نساء الأسرة الواحدة في التجهيز لأطباق هذا اليوم بشكل مغاير عن المواسم الماضية، ويجتمعن فيما بينهن، للإعداد للولائم التي غالبًا ما تكون دسمة".

وتابع: "ندعو لهذه الولائم العديد من الأسر الفقيرة والمحتاجة، ونجلس معهم على الموائد المعدة، نتناول الأطباق المعدة، ولا نكتفي بهذا الأمر؛ إذ نقوم بتوزيع بعض النقود على تلك الأسر في عادة تُدخل السعادة إلى قلوبنا قبل أن تدخل السعادة إلى قلوب تلك الأسر".

ولا يساور الشك المواطن عمر عبدالله من سكان القرية ذاتها (المطيرفي)، في بقاء هذا الموروث على مر السنين. ويقول: "يوم القرش موروث اجتماعي اشتهرت به قوى ومدن الأحساء كافة منذ القدم، وهو بمثابة أحد عيدين، يحتفل به الأحسائيون قبل وبعد شهر رمضان؛ الأول يوم القرش وموعده في اليوم الأخير من شعبان، والثاني عيد الفطر في اليوم التالي لانتهاء الشهر مباشرة".

وأوضح أن "أهالي الأحساء حريصون على إحياء هذا الموروث كل عام، وحريصون أكثر على نقله إلى أبنائهم وأحفادهم، عبر تكليفهم القيام بمهام إعداد فعاليات يوم القرش، وتجهيز الولائم، وإظهار حجم الثواب الذي سيحصلون عليه من وراء مساعدة الفقراء والمحتاجين، ورسم الابتسامة على شفاههم وهم يستقبلون شهر رمضان بسعادة غامرة".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org