"الحوار العالمي" يشارك في القمة العالمية الثانية: الدين والسلام والأمن في جنيف

يهدف لبناء الجسور ومكافحة خطاب الكراهية وتعزيز حماية الأقليات الدينية
"الحوار العالمي" يشارك في القمة العالمية الثانية: الدين والسلام والأمن في جنيف

شارك مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بفيينا، في فعاليات القمة العالمية الثانية: (الدين والسَّلام والأمن: بناء الجسور وتعزيز الشمولية ومكافحة خطاب الكراهية لتعزيز حماية الأقليات الدينية واللاجئين والمهاجرين)، التي نظمها مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والجمعية الدولية للدفاع عن الحرية الدينية (AIDLR) التي انطلقت يوم الاثنين 29 أبريل 2019م، لمدة ثلاثة أيام في مقر الأمم المتحدة في جنيف، بحضور قيادات سياسية ودينية والسفراء والأكاديميين وممثلين عن المجتمعات المدنية، استكمالاً للقمة العالمية الأولى التي عُقِدت عام 2016م في جنيف.

وتهدف القمة الثانية إلى تعزيز وحماية حقوق الاقليات الدينية، المهاجرين واللاجئين الذين تستهدفهم خطابات الاحزاب السياسية المتطرفة في المناطق الموجودين فيها.

وشارك الأمين العام للمركز فيصل بن معمر، في حلقة النقاش الأولى: (حماية الأقليات الدينية واللاجئين والمهاجرين في البيئات القومية المتطرفة - وضع الإطار)، بمشاركة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات الدكتور فيرناند دي فارينيس، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد، المملكة المتحدة الدكتور أحمد شهيد، ومدير الشؤون العامة والحرية الدينية للمؤتمر العام لكنيسة الأدفنتست السبتيين الدكتور غانون ديوب، وكبيرة المستشارين المعنيين بالثقافة في صندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة عزة كرم ورئيس جمعية قديسي اليوم الآخر الخيرية (LDS)، وعضو الرئاسة العامة لجمعية الإغاثة شارون إيوبانك، بالإضافة إلى أستاذ القانون في جامعة لوفان الكاثوليكية الدكتور ريك تورفس.

واستهل "ابن معمر" كلمته بالإعراب عن الحزن العميق للأحداث الإرهابية التي وقعت مؤخراً، مشيراً إلى الهجمات على المصلين في مسجد في مدينة كرايست تشيرش، في نيوزيلندا، وسلسلة التفجيرات المأساوية التي استهدفت الكنائس والفنادق في سريلانكا؛ وراح ضحيتهما 50 بريئاً في نيوزيلندا، وأكثر من 300 مثلهم في سيريلانكا، مقدماً أحرَّ التعازي والمواساة لعوائل الضحايا وأحبابهم.

وأكَّد "ابن معمر" على تقارب هذين الحادثين، وتشابهما من بعضهما البعض، وهو ما يُعدّ مؤشراً خطيراً ومروعاً ومفزعاً على واقع مرير آخر، يستهدف الأقليات الدينية بصورة متزايدة بسبب معتقداتهم، في الأماكن ذاتها (دور العبادة)، التي ينبغي أن يشعروا فيها بالأمن والأمان.

وشدَّد "ابن معمر" على عدم اقتصار ضحايا هذا الاستهداف الإجرامي على المسلمين والمسيحيين، مشيراً إلى الهجوم الإرهابي على معابد يهودية في مدينتي سانت دييغو، وبيتسبرغ الأمريكيتين، مشدداً على أن العالم بات يشهد تنامياً كبيراً في الهجمات والأعمال التخريبية التي تستهدف دور العبادة ومراكز اللاجئين في جميع أنحاء العالم.

وأكَّد "ابن معمر" على تنامي خطاب الكراهية يوماً بعد يوم؛ ما يدعو إلى القلق، بعد أن بدأ يتغلغل داخل الأطياف السياسية في جميع أنحاء العالم.

وقال: بدأت لغة ومصطلحات الإقصاء والتهميش وغيرهما تشق طريقها إلى الحملات الانتخابية في جميع أنحاء العالم، مستهدفةً الأقليات الدينية واللاجئين والقادمين الجدد، أشد الفئات السكانية ضعفاً وأكثرهم استحقاقاً للحماية.

وأضاف: ثمة تشابه عالمي مخيف في هذه الاتجاهات، مرجحاً عدم تنفيذ مهاجم مدينة كرايست تشيرش بمفرده، وإنما استلهم ذلك من رسائل المجالس الانتخابية للمجموعات اليمينية المتطرفة المنتشرة في أنحاء العالم، ووجد مكان تجمعهم على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تبث تطرفها وكراهيتها عبر وسائل عابرة للحدود وأصبحت تكوّن مجموعات إرهابية متطرفة، لا يجمعها سوى الكراهية للآخر ومعاداة المسلمين واليهود فيما تمكنت جماعة إرهابية في سريلانكا، لفظتها المنطقة العربية- بعد توحد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب وهزيمة "داعش"، حيث استطاعت قوى الإرهاب والتطرف من تنظيم صفوفها المهترئة وحشد الشباب المتعلمين لارتكاب هذه الهجمات الشنيعة؛ انتقاماً لمقتل المسلمين في مدينة كرايست تشيرش" حسب زعمهم.

وتساءل "ابن معمر": ماذا يعني كل ما حدث بالنسبة لنا، اليوم في جلستنا هذه، ونحن نناقش كيف يمكن حشد صانعي السياسات على أفضل وجه لحماية هذه المجموعات الدينية؟ وكيف يمكن للمرء أن يحمي نفسه من الخصم الذي لا شكل له، ولا يعرف الحدود الوطنية، ويمكنه جمع التبرعات وتجنيد المؤيدين على الصعيد العالمي من خلال شبكة الإنترنت؟

ودعا "ابن معمر"، الحضور بضرورة أن يكون الرد العالمي والشامل أيضاً، على قدر الحدث والمسؤولية المنوطة بالمجتمع الدولي، وذلك من خلال مكافحة الخطاب المتطرف، وخطاب الكراهية واعتبار الدين جزءاً من الحل وليس سبب المشكلة.

واستعرض "ابن معمر" مزايا مركز الحوار العالمي التي ينفرد بها عن غيره، كونه منظمة حكومية دولية متعددة الأديان والثقافات، أسستها المملكة العربية السعودية بمشاركة جمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضواً مؤسساً مراقباً، تشكّل نموذجاً يُحتذى به في الالتزام الصادق بالحفاظ على التنوع الديني والثقافي واحترامه؛ حيث يتكون مجلس إدارة المركز من تسعة ممثلين عن خمسة أديان رئيسة في العالم، من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس، بالإضافة إلى سعي المركز إلى جمع القيادات الدينية وصانعي القرارات السياسية تحت مظلة واحدة؛ بهدف إعداد مبادرات تسهم في ترسيخ العيش المشترك، واحترام التنوع وقبول التعددية تحت مظلة المواطنة المشتركة، وتنفيذها، جنباً إلى جنب مع تشجيع ثقافة الحوار كوسيلة لعقد الاجتماعات الهادفة إلى تعزيز التعاون بين الجماعات الدينية المتنوعة وسد الفجوات التي تنشأ عن التلاعب بالهويات الدينية، والذي يؤدي بدوره إلى بث مظاهر الخوف والكراهية أو تبرير حالات التهميش والإقصاء.

وأكد عدم استطاعة تحقيق مبدأ الشمولية والاستدامة دون مشاركة مجموعات المجتمع المدني الدينية وغير الدينية في هذا الفضاء الحواري، والعمل مع صانعي السياسات حيث شهدنا تنامي اهتمام المنظمات الدولية بالقيم الدينية والإنسانية وأهميتها في صناعة السياسات.

واقترح "ابن معمر" أربعة أفكار مستمدة من استعراضه لأعمال مركز الحوار العالمي، وهي: التركيز على الجهود الجماعية والابتعاد عن الجهود الفردية، والعمل يداً بيد من أجل وضع استراتيجية عالمية مشتركة وأدوات محلية لتعزيز قيم السلام والتسامح، واحترام كرامة الإنسان.

وأردف: مهما بحثنا عن مكان يجمعنا لتنسيق جهود نشر رسالة السلام ومكافحة رسالة الكراهية والإقصاء، لن نجد مكاناً خير من منظمة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تمكين المجتمعات الدينية من حماية بعضها البعض، حيث غالباً ما تكون الأقليات الدينية هدفاً أولياً لخطاب الكراهية، الذي يكون مؤشراً مهماً للتحريض على العنف.

وأشار إلى استراتيجية عمل مركز الحوار العالمي لدعم هذه المجتمعات من خلال وضع برامج تدريبية على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، جنباً إلى جنب مع نشر هذا النموذج في أجزاء أخرى من العالم، مثل: نيجيريا وميانمار. ويقوم المركز بتدريب ممثلي المجتمع الديني على تحديد خطاب الكراهية والخطاب المتطرف، ومساعدتهم على تقديم وجهات نظر وروايات بديلة ومعاكسة.

وأكَّد "ابن معمر" على إعداد خطابات مضادة وقدوات نموذجية، من خلال بناء منصات للحوار بين أتباع الأديان؛ لتحقيق هذه الغاية في نيجيريا وميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى والمنطقة العربية.

ولفت إلى دعم المركز للمجلس الإسلامي اليهودي في أوروبا، الذي يجمع ممثلين عن المجتمعات الإسلامية واليهودية الأوروبية، مؤكداً على الأثر المزدوج لهذه المنصة في بناء الجسور بين هذين المجتمعين، والسماح لهما أيضاً بتنظيم صفوفهم لمواجهة التحديات المشتركة؛ وعلى أهمية البرامج التطبيقية التي تنفذها هذه المنصات في أنحاء العالم وخططها طويلة المدى لتحقيق أهداف المركز.

كما دعا إلى تقديم الحلول لصانعي السياسات من خلال تمكين الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية من التواصل مع صانعي السياسات وتزويدهم بحلول واقعية لمكافحة مظاهر الكراهية والعنف ضد الأقليات، مشيراً إلى أن ذلك هو محور عمل المركز، منذ تأسيسه في عام 2012، والذي يقوم على التعاون مع القادة والمؤسسات الدينية وصانعي السياسات لتعزيز الحوار الهادف إلى تحقيق السلام والتعايش السلمي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org