"عسيري" يؤطر تحديات الفنون بالمملكة.. ويتساءل متى تصبح مهنة "محمد عبده" فنانًا

عرض مشكلات عدة مخاطبًا وزير الثقافة وقال: جهدكم كبير.. التشريعات حتمية لـ"الرؤية"
"عسيري" يؤطر تحديات الفنون بالمملكة.. ويتساءل متى تصبح مهنة "محمد عبده" فنانًا

أكد الفنان حسن عسيري، أن الثقافة والفنون في السعودية رغم الجهود الحثيثة، تحتاج قائمة من التشريعات والتسهيلات والخدمات اللوجستية كي يتم تجميع الأحجية ودفع المشروع الثقافي الاستراتيجي إلى الأمام؛ مؤكدًا أن وزير الثقافة يبذل جهودًا كبيرًا؛ لافتًا إلى أن مهنة الفنان محمد عبده مسجلة في جواز سفره "رجل أعمال"، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة في التشريعات؛ لتسمح له وللفنانين بتسجيل مهنتهم في هوياتهم الشخصية.

وأوضح أن الأعمال الفنية تحتاج إلى تنسيق مع بعض الوزرات لدفعها، لتكون جزءًا من المدخول الاقتصادي الوطني؛ مشيرًا إلى أن التصوير السينمائي يحتاج تنظيمًا واضحًا ومقننًا، يتيح استخدام الملابس العسكرية وسيارات الشرطه وكل الأشياء الني تعود لوزارة الداخلية؛ لإظهار أمننا ورجال أمننا في أجمل وأقوى مظهر؛ داعيًا إلى الانتباه ودراسة النموذج الصيني؛ حيث قامت بكين بتشريع أنظمة ترفع من مستوى الإنتاج الثقافي المحلي وهي أساسية في رؤية بلادنا 2030.

وتفصيلًا، قال "عسيري" في مقال خص به "سبق" تحت عنوان "سمو وزير الثقافة.. متى تصبح مهنة محمد عبده فنان وأشياء أخرى": "دعنا نتجاوز كم أنت رائع ومميز وحيوي وكم أنت قليل الكلام وكثير الأفعال، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بك كثيرًا.. لطالما كتبت مقالات هنا في "سبق" عن الثقافة والفنون وصناعة الإنتاج، كما كتبت تحديدًا عن نظرية "السلسلة" في الصناعة الثقافية، والذي أعتقد فيه إلى أن الثقافة مثل أي صناعة، تحتاج إلى سلسلة من العمليات تؤدي إلى النتائج المخطط لها، وكان الحديث عن تنظيم الثقافة، التي تحتاج إلى أن يتم تصميم "سلسلة" خاصة بها، من التمويل، التدريب، الفعاليات، وأنظمة الحماية الفكرية والتشريعات الممهدة للمقاضاة بوضوح، وتغذية المحتوى وأخيرًا الأدوات اللوجستية".

وأضاف: "لذلك، أصابني الفرح في قلبي، حين سمعت خبر تعيين حامد فايز نائبًا لك، بحثت فورًا عن سيرته الذاتية، وأدركت أن خلفيته الأكاديمية في علوم الرياضيات والاقتصاد، وخبراته المهنية الأخرى تعني أن الثقافة سوف يتم قياسها وفق مؤشرات أداء لتحويلها وتسييلها ضمن منظومة الاقتصاد الوطني؛ وهذا يجعلنا ندرك أن الثقافة السعودية في مستقبلها القريب سوف تكون بذورًا لأنشطة ثقافية تؤسس لكيانات اقتصادية قوية. إدراكي لذلك تم تأكيده من خلال المبادرات الأربعة التي أعلنتموها (صندوق نمو لدعم القطاعات الثقافية، مبادرة الأرشيف الوطني للأفلام، برنامج التفرغ الوطني، مهرجان الطهي الوطني). هي مبادرات تنتمي إلى "السلسلة" التي نحلم بها جميعًا ونعلم أنها ستزيد.. إن مثل هذه السلسلة ذات طبيعة ثقافية أصيلة في الهوية الوطنية، إلى جانب دورها في اكتشاف الثقافة الجديدة الكامنة في مجتمعنا وعناصرها البشرية الموهوبة".

وأردف: "مثال على أهمية وعظمة برنامج التفرغ الوطني: ممرضة سعودية، لديها خبرة عشر سنوات في العناية المركزة، قررت أن تتفرغ لكتابة حالات عايشتها داخل غرف العناية المركزة. تلك التجربة الإنسانية المختزلة في قصص مؤثرة، سوف تتحول إلى كتاب إلكتروني أو كتاب تقليدي سيذهب إلى مطبعة، ومن ثم يتم توزيعه داخل مكتبات. كل تلك السلسلة من التشغيل (نشر، طباعة، توزيع، بيع) سوف تحقق مدخولًا للاقتصاد الوطني من خلال النهوض بصناعة النشر، وقد يتحول الكتاب إلى قصة فيلم ليتم النهوض بالسينما أيضًا. كل ذلك من خلال مبادرة ناضجة تستوعب طاقات وطنية تحتاج إلى تفرغ".

وتابع: "حقيقة، يبدو كل ذلك واعدًا بشكل حقيقي دون تشويش.. نحن بحاجة لأن تقوم وزارة الثقافة بمناقشة سريعة مع الوزارات الأخرى من خلال مفاوضات وتوصيات على قائمة من التشريعات والتسهيلات والخدمات اللوجستية كي يتم تجميع الأحجية ودفع المشروع الثقافي الاستراتيجي. وهذا مطلوب لأننا تاريخيًّا كنا لا نستطيع أن نناقش أو نتحدث عن الفنون والفنانين، وهذا لايخفى عليكم، نحن بحاجة حقيقية إلى طاولة تفاهم مشتركة تجمع بين وزارة الثقافة ووزارة الداخلية، والتعليم والخارجية.. في حالة الداخلية مثلًا هناك أشياء كثيرة، من أهم أولوياتها بناء وتحديد دقيق للتنظيمات التي تتيح استخدام الأزياء العسكرية في التصوير السينمائي وسيارات الشرطة، وكل الأشياء الني تعود لوزاره الداخلية، ضمن تنظيم واضح ومقنن يعتمد في الأساس على إظهار أمننا ورجال أمننا أيضًا وبلادنا في أجمل وأقوى مظهر".

وبيّن: "أيضًا تحتاج وزارة الثقافة إلى التواصل مع وزارة الداخلية؛ للحصول على الاعتراف الحكومي التشريعي من خلال الاعتراف بأهمية تسجيل المهن الفنية والثقافية في بطاقات جوازات السفر، وإطلاق قائمة من المهن الجديدة مثل (عازف إيقاع، مؤلف، منتج، ممثل..) لا أعرف إن كان سموكم يعلم أن مهنة فناننا المهم وأحد أهم عناصر قوتنا الناعمة "محمد عبده" في جوازه سفره بمسمى (رجل أعمال)؛ لأن النظام لا يسمح بتسجيل مهنة فنان".

وزاد: "أما الملفات المشتركة بين "الثقافة" و"التعليم العالي"؛ فتتمثل في إنشاء أقسام أكاديمية (حكومية) ذات علاقة بالصناعة مثل: الإخراج السينمائي أو التلفزيوني، أدب كتابة النصوص، هندسة الصوت والإضاءة، إدارة إنتاج.. وهذا مؤثر مجتمعي عالٍ؛ كونها تخصصات حكومية تساعد في التشجيع والتعايش مع هذه المهن والفنون، كما أنها ستساعد في تأمين مصادر بشرية لتغذية صناعات الفنون جميعها.

وأستطرد: "علينا أن ننتبه وندرس النموذج الصيني؛ حيث قامت بكين بتشريع أنظمة ترفع من مستوى الإنتاج الثقافي المحلي وهي أساسية أصلًا في رؤيه بلادنا 2030، ورفع مستوى المحتوى المحلي هو هدف استراتيجي في جميع الصناعات ومن ضمنها صناعة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، لقد قامت الصين بذلك كي لا يقوم نظيرها الأجنبي المنافس بالتهام الثقافة المحلية وتغييب القوى الناعمة الصينية من فرص الانتشار العالمي؛ لذلك من المهم حماية السينما المحلية، ونرى الآن جميعًا كيف أصبحت السينما الصينية رقمًا كبيرًا على مستوى العالم".

وواصل: "من الضروري مثلًا أن نشترط على الموزعين أو المستثمرين في دور العرض السينمائية أن يتم عرض ما لا يقل عن 7% محتوى سعوديًّا من إجمالي المعروض سنويًّا وبشكل متصاعد، وهو تشريع "تاريخي" سوف ينهض بالرواية الأدبية السعودية، وتوجيه المواهب المحلية، والحفاظ على هويتنا، وصناعة رأي عام إقليمي. بناء قوه ناعمة محلية ذات تأثير، وغياب هذا التشريع التاريخي سيلتهمنا ونكون مجرد "شباك تذاكر" للآخرين.

يأتي ذلك بالتزامن مع شكل تنافسي ترفيهي في "أوسكار" و"بوكر" سعوديين لتشجيع الكتاب والفيلم، وهما صناعتان مرتبطتنا مع بضعهما بشكل طردي: كلما كان هناك صناعة نشر ومعارض كتب ناجحة؛ كان هناك نصوص جيدة لإنتاجها سينمائيًّا".

وعن "المسرح" قال: "علينا الاستثمار بشكل حقيقي وتنويري يا سيدي في أقدم شكل كلاسيكي للثقافة، والذي لم يعد جذابًا كما السابق؛ حتى في أوروبا تراجعت جاذبيته؛ ولكنه ضرورة حتمية وصحية لنا فهو البدايات لأي بدايات ونحن في أمسّ الحاجة إلى صناعة المشرع الآن، وما زلت أؤمن بأن الناتج الثقافي لأي أمة على وجه الأرض لا يمكن أن يتراكم دون أن يكون أساسه وتربته المسرح؛ لذلك أطلق عليه لقب "أبو الفنون".

عمر مملكتنا أكثر من 100 عام، وعلينا البدء الآن في تطوير المسرح للأجيال القادمة لنقدم أعمالًا خالدة، وعلينا البدء في "مسرحة" الهوية الوطنية عبر مسرحيات تمثيلية أو غنائية تحكي قصصنا بخبرات عالمية نقوم بتوطين تجربتها لنختصر على أنفسنا ما فاتنا من سنين، نريد مسرحيات سعودية تتنبأ بمستقبل بلادنا ورؤيته في أشكال مسرحية تعتمد الخيال والإبداع والذكاء الاصطناعي.

وزاد: "المسرح هو الشكل النخبوي والوجه الأكثر رقيًّا للترفيه، وهو الذي يهذب ويربي الذائقة المحلية في النظر إلى الفنون الأخرى؛ ولكن ليس دائمًا على مسرحنا أن يكون نخبويًّا، هناك المسرح الاقتصادي الذي يقدم "كَمًّا" ليس بالضرورة أن يكون "نوعًا"؛ ولكنه ضروري في إدارة أوقات فراغ الشباب، تهيئة فرص عمل أكثر للفنانين الناشئين، فتح باب الرزق للفِرَق المسرحية الشبابية والنسائية الصغيرة.. التحفيز على الكتابة والنشر لمواضيع المسرح بشكل عام لتغذية متطلبات الصناعة المسرحية، لطالما كان المسرح سببًا في نهضة الفن والرسم والموسيقى والأدب؛ لأن منصته حيوية وفيها تفاعل حقيقي ومباشر مع الجمهور.

واختتم قائلًا: "المشروع المسرحي أراه عيانًا جهارًا أصبح متاحًا بعد انضمام جمعية الثقافة والفنون إلى مظلة وزارة الثقافة؛ لتصبح الجمعية ضمن منظومة السلسلة الثقافية، والتي تملك 16 مكتبًا منتشرًا حول المملكة، تلك القاعدة اللوجتسية الهامة والمؤثرة بإمكانها أن تكون أذرع وزارة الثقافة في تحقيق برامج العمل، والتدريب، والتحفيز، والتشجيع، واقتناص المواهب.. سمو الأمير أعتذر للإطالة؛ ولكنه الأمل والحب، ولعلنا نلتقي إن سمح وقتكم، وقد أكون أكثر ترتيبًا للأفكار.. وشكرًا".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org