نحن الوطن

نحن الوطن

الوطن ليس بقعة جغرافية نعيش عليها، وليس مكانًا وُلدنا فيه، ودرجنا في مراحل نمونا على ثراه فحسب، بل الوطن قطعة من أكبادنا، نعيش فيها، وتعيش بدواخلنا.. ومَن لم يكن شعوره بهذه الصورة تجاه وطنه فليبحث عن خلل كامن في تكوينه.

فالوطن هو الملاذ الأول -بعد الله سبحانه وتعالى- لكل إنسان ينشد الأمن والاستقرار في هذه الحياة؛ فلا أمن بلا وطن، ولا استقرار بلا وطن.. بل لا حياة بلا وطن.. ومن يعش بلا وطن لا يعرف للحياة طعمًا، ولا للأمن قرارًا.

والحديث عن الوطن يطول ويطول ويطول.. فلو أردنا أن نعطي أي وطن حقه من الحديث لاحتجنا للعمر كله مدى؛ لنعطيه بعض حقه.. هذا مع أي وطن، فما بالك بوطن يعيش داخل قلب كل مسلم، ويسكن وجدانه.. فما بالك بوطن مهوى أفئدة المسلمين جميعًا {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا...}.. فما بالك بوطن يضم بين جناحيه أطهر بقعتين على وجه المعمورة (فبيت الله المعمور ومسجد نبيه -صلى الله عليه وسلم-)، وتشرفنا جميعًا بخدمتهما، وخدمة ضيوف ربنا. فكيف لا نباهي ونفخر ونفاخر ونعتز بوطن مثل هذا؟!!

حفظك الله يا وطني، ودمت فخرًا لنا على مدى الزمان.

وفي هذا الوطن المعطاء نعيش هذه الأيام أيامًا عزيزة على قلوبنا جميعًا، وتمرُّ بنا ذكرى غالية على كل مواطن ومقيم على تراب وطننا الطاهر.. هي الذكرى الرابعة للبيعة لخادم الحرمين الشريفين، التي حين تمرُّ علينا كل عام يجدد فيها الشعب السمع والطاعة في المنشط والمكره.

ومن المصادفات العجيبة في هذه الفترة أن توافق ذكرى البيعة حملة شعواء مسمومة على بلادنا الغالية من بعض ضعاف النفوس، وبعض الحاقدين علينا.. وعبثًا يحاولون أن يفتوا في عضدنا، وخدش جدار تلاحمنا وتعاضدنا وتكاتفنا.. ولكن هيهات؛ فمحاولاتهم لا تعدو كونها عبث أطفال أمام جبل أشم.. وتذكرني بذلك البيت الشهير من معلقة الأعشى:

كناطح صخرة يومًا ليفلقها ** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

فذكرى البيعة صفعتهم صفعة، فقدوا عقولهم منها، وجُن جنونهم، وطاشت أحلامهم، وذهبت أدراج الرياح من مدى التلاحم الذي أظهره الشعب السعودي مع قيادته، ومن مدى ذلك الحب الكبير المتبادل بين الطرفين.. فكلما حاولوا جاءتهم صفعة أفقدتهم رشدهم.. فدائمًا يجعلون هذا المثل يتجسد واقعًا حيًّا لكل متابع للأحداث (الصراخ على قدر الألم)، ودائمًا ما يثبت الشعب مدى ولائه لربه، ثم دينه ومليكه ووطنه، وتلاحمه مع قيادته، وتكاتفه، وتعاضده.. وكأنهم يقولون بصوت واحد: نحن الوطن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org